• تأليف لجان عمل مشتركة في مناطق المخيمات• العودة إلى البارد أواخر الجاري

راجانا حمية
المهمة صعبة. قد تكون هذه العبارة كافية لاختصار الطريق الذي ستسلكه الرئيسة الجديدة للجنة الحوار اللبناني ـــ الفلسطيني المحامية مايا مجذوب. أوراق مكدّسة فوق مكتبها وأخرى في رأسها، ولا شيء في «المكيول» إلا خطة جديدة تعوّل عليها للنجاح في إرساء فكرة الحوار على الأقل

ما الذي تغيّر في عمل لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني بعد خليل مكاوي؟
ـــ لم يتغير شيء في مضمون عمل اللجنة، والتواصل مستمر مع السفير خليل مكاوي، وكنت قد ذكرت في حفل إطلاق تقرير اللجنة أن الحكم استمرارية. لكل هذا، سنكمل ما بدأه السفير، فنحن هنا لن ننطلق من فراغ، وسنبني على ما تحقق من إنجازات. أما بالنسبة إلى التغييرات، فقد بدأنا بإعداد خطة عمل جديدة تراعي ما كان قد تحقق من إنجازات. وبحسب الخطة الجديدة، وجدنا أنّ من الضروري تعيين مستشار قانوني وآخر أمني في اللجنة، إضافة إلى تأليف لجان مشتركة لبنانية فلسطينية، في مناطق المخيمات، تكون بمثابة زراعة بشرية للجنة.

ماذا في أجندة الولاية الجديدة؟
ـــ نحن الآن في صدد الإعداد للخطة المستقبلية. تبلورت أفكارها الرئيسية، لكن تفاصيلها لا تزال في طور الإعداد، والسبب أننا نعاني نقصاً في الفريق التقني الذي يساعد اللجنة. أما على المدى القريب، فالعمل جارٍ على ضم وزارات جديدة إلى اللجنة، مثل وزارتي التربية والأشغال العامة، لأننا نرى أن هاتين الوزارتين من الجهات الأساسية في موضوع اللاجئين الفلسطينيين.

ما الذي تتضمنه خطة العمل الجديدة؟
ــــــــ لا بد من الإشارة هنا إلى أن أولويات عمل لجنة الحوار لم تتغير، بل تعدلت بعض الشيء. وإن كان موضوع إعادة إعمار نهر البارد لا يزال أولوية، إلا أن ثمة أولويات أخرى فرضت نفسها، هي موضوع الحقوق للاجئين الفلسطينيين. أما بالنسبة إلى الخطة الجديدة، فهي ترتكز على عدة نقاط، منها: تفعيل اللجنة ودور الوزارات الأعضاء فيها وتعزيز الشراكة مع الأونروا وإعادة إعمار مخيم نهر البارد. ويضاف إلى كل هذا حقوق اللاجئين الفلسطينيين الأساسية. وقد لحظت اللجنة في الخطة عدة ورش عمل تهدف إلى إزالة الهواجس وإقرار الحقوق، على أن تواكب الورشة التشريعية الحالية. أما الهدف الأخير والأساسي فهو نشر الحوار بين الشعبين اللبناني والفلسطيني.

تُعدّ وحدة النهوض وإعادة الإعمار دراسة عن كيفية إدارة المخيم، بالتشاور مع كل المعنيين
من الملاحظ أن لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني تخالف اسمها، فهي لا تضم فلسطينياً واحداً في تشكيلتها، هل لحظت الخطة الجديدة هذا الأمر؟
ــــ عندما صدر القرار بتأليف لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، صدر على أساس أنها فريق لبناني ممثلة فيه جميع الوزارات المعنية بموضوع اللاجئين. وعندما تألفت، كان اسمها ولا يزال «فريق عمل لبناني»، لكن عملياً بعد سلسلة الاجتماعات والحوارات مع الفلسطينيين، أصبحت تسمى «لجنة حوار لبناني فلسطيني». هذه التسمية لا تؤثر أبداً في مهمة اللجنة التي تُتَّخَذ القرارات فيها بعد التشاور والتواصل مع ممثلية فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية وجميع الفصائل.

تتداول بعض الأوساط الفلسطينية موضوع السقف السياسي للتمثيل في اللجنة، فتُبدي اعتراضاً على هذا التراجع في التمثيل، متخوفين من فكرة التقليل من شأنها، فما تعليقكم على هذا؟ وكيف تبددون هذه المخاوف؟
ــــ ما أعرفه أنه لا علاقة لي بموضوع التمثيل. وما أعرفه أيضاً أن الاهتمام واضح من رئاسة الحكومة، وتحديداً الرئيس سعد الحريري، ودلائل هذا الاهتمام واضحة، فمجرد تعيين رئيس للجنة هو استمرار وتأكيد لأهمية اللجنة ودورها. كذلك، إن خطاب الرئيس الحريري الأخير كان واضحاً من ناحية التزامه هذه القضية. أما النقطة الثانية لتأكيد هذا الاهتمام، فهي الإرادة السياسية والبيان الوزاري وخطاب القسم. وبالنسبة إلي، فأنا لديّ خلفية قانونية وعملت في الشأن العام، وخصوصاً في ما يخص الجانب الفلسطيني، إذ عملت منسقة عامة للجنة اللبنانية ـــــ الفلسطينية للحوار والتنمية، وأنا على تواصل دائم مع لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني. أساساً، لا مجال للمقارنة، وكل واحدٍ من موقعه يعطي «الصح» لهذا الموقع الذي يفرض واجبات والتزامات. المهم هنا هو عمل اللجنة، لا أشخاصها.

فلنأتِ إلى موضوع الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، أين هو دور لجنة الحوار من كل ما يجري؟
ـــــــ مما لا شكّ فيه أن موضوع الحقوق يقع ضمن أولويات اللجنة، ونحن نرى أن توفير الحد الأدنى من الحقوق واجب على الدولة. وبالنسبة إلى اللجنة، فهي الآن بصدد مواكبة قانون حق العمل الذي أُقر أخيراً في المجلس النيابي والمراسيم التطبيقية التي ستليه. لكن إلى الآن، لم نحدد شكل هذه المواكبة. إلا أننا، في خطوة أولى، طلبنا القانون المقرّ من المجلس كي ندرسه ونتابعه مع وزير العمل ونحدد خطط المساعدة في وقتٍ لاحق. أما بالنسبة إلى خططنا، فسنأخذ في الاعتبار كل اقتراحات القوانين، إن كان الموجود منها في المجلس النيابي أو ما سيقدم في وقتٍ لاحق، وما أُنجز في لجنة الحوار طوال السنوات الأربع الماضية في هذا الإطار، لتقديم تعليقات عملية من أجل قانون مدروس يؤثر تطبيقه إيجاباً في حياة الفلسطيني.

حددت اللجنة 2012 موعداً للانتهاء من تطبيق الخطة المستقبلية
بما أن العودة إلى البارد جزء لا يتجزأ من الحقوق، فماذا عنها؟ وكيف ستُسهم لجنة الحوار في تطبيق هذه الحقوق؟
ـــــــ لم يسقط مخيم نهر البارد من سلم الأولويات، وقد عملت اللجنة ضمن خطتها المقبلة على جعل إعادة إعمار البارد واجبة وملحّة، إن لجهة التعاون مع الأونروا لتوفير الموارد والأموال لإعادة الإعمار والاستمرار في برنامج الإغاثة والنهوض، أو لجهة التنسيق الكامل مع وحدة الإعمار والنهوض في رئاسة مجلس الوزراء بخصوص التفاصيل الإدارية والتقنية المتعلقة بالإعمار. كذلك تعمل اللجنة ضمن خطتها على تأليف لجنة خاصة لبحث كل المسائل القانونية المتعلقة بملكية المساحات الفلسطينية في البقعة المحيطة بالمخيم والإعداد لعودة الأهالي إلى المخيم بدءاً من نهاية العام الجاري. وستتابع اللجنة موضوع تأليف لجنة فرعية تضم المعنيين وممثّلي القوى الأمنية ومهمتها التنسيق وبحث المسائل الأمنية وحل المشاكل اليومية، ولا سيما في ما يتعلق بتصاريح الدخول إلى المخيم.

بالعودة إلى النقطة الأخيرة المتعلقة بالمتابعة الأمنية، فقد طُُرحت في إحدى الفترات فكرة الشرطة المجتمعية. إن جرى التوافق على هذه الصيغة، فكيف سيُدار المخيم؟
ـــــــ لا بد من الإشارة إلى أن وحدة النهوض وإعادة الإعمار برئاسة الدكتور ساطع أرناؤوط، تُعدّ دراسة عن إدارة المخيم، بالتشاور مع كل المعنيين. ونحن جزء من هذه الدراسة أيضاً، لكن هي بإشراف مباشر من الوحدة. وبانتظار بلورة هذه الدراسة، تستعد اللجنة لتنظيم لقاءات مع المعنيين في قيادة الجيش لمناقشة موضوع الإجراءات العسكرية عند مداخل البارد.

ماذا عن حركة إعادة الإعمار؟ ولم هذا البطء في بعض الأحوال؟
ـــــــ الآن، تسير حركة الإعمار طبيعياً، ففي بعض الأوقات يحدث تأخير، لكن السبب لا يكون بسيطاً. ففي البقعة الأولى من المخيم، كان هناك موضوع الآثار، وقد تطلب الأمر في حينها الكشف ودراسة طبيعة هذه الآثار قبل اتخاذ أي قرار. ليس موضوع الآثار فحسب، فهناك موضوع الاستملاكات وعملية رفع الأنقاض، وغيرها من الأمور التي تتطلب وقتاً.

طُرح في الآونة الأخيرة اسم الوزير وائل أبو فاعور وزيرَ دولة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين. إذا أُعيد طرح هذا الموضوع، فما الذي يحلّ بلجنة الحوار؟ هل تصبح جهازاً تابعاً للوزارة؟
ـــــ اللجنة لا علاقة لها بهذا الموضوع. فهي قائمة برئاسة الحكومة ومهماتها واضحة وإطارها أيضاً. وبرأيي، تعيين وزير لشؤون اللاجئين الفلسطينيين لا يؤثر على اللجنة، فهي مستقلة وتابعة مباشرة لرئاسة الحكومة.


ماضٍ وحاضر

نشأت لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني عام 2005 بقرار من مجلس الوزراء، وترأسها في ذلك الوقت السفير خليل مكاوي. وقد سميت في حينها «فريق عمل لبناني لإرساء الحوار والتواصل». كان تأليف اللجنة في ذلك الوقت بمثابة نقلة نوعية في مقاربة الموضوع الفلسطيني، بحيث كان الانتقال «من ماضٍ مرير ونزاعات، إلى حاضر تجلى العمل فيه وفق ثلاثة مفاهيم»، تقول رئيس اللجنة مايا مجذوب. وهذه المفاهيم هي: مفهوم السيادة اللبنانية، مفهوم حق العودة ورفض كل أشكال التوطين، ومفهوم المسؤولية الدولية لقضية اللاجئين الفلسطينيين.