هذه السطور تلخّص حكاية «تهديد بالقتل» بين رجل أمن أراد قمع مخالفة إدارية، ورجل دين قال إن الأول شتمه هو وعمامته
محمد نزال
قبل أربعة أيام، ورد إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وثيقة فورية عن مشكلة حصلت في منطقة الشويفات. لم تكن المشكلة من النوع الذي يحصل باستمرار في المنطقة؛ فالوثيقة تتحدث عن تهديد بالقتل بين القوى الأمنية وأحد المواطنين، وهذا الأخير هو رجل دين مُعمَّم.
جاء في الوثيقة أنه ورد، ظهر يوم الثلاثاء الماضي، اتصال على هاتف مكتب الرائد آمر فصيلة الشويفات من الهاتف الخلوي العائد للشيخ عبد الله ز. حيث «أقدم على تهديد الرائد المذكور بسبب اتصال الأخير بالمواطن مازن ب. وهذا صاحب حفّارة عملت على حفر بئر ارتوازية في محلة صحراء الشويفات ـــــ مشروع «المستقبل»، ليطلب منه الحضور إلى مركز الفصيلة للاستماع إلى إفادته بناءً على إشارة القضاء المختص. وبعد نحو ساعتين، عاود الشيخ الاتصال بالرائد، وقال له: «أنت الرائد فلان؟ أنت ميّت لا محال، وأنا نازل من بعلبك» وأقفل الخط. إلى هنا، ينتهي الخبر بحسب ما جاء في الوثيقة الأمنية، التي ورد فيها أيضاً أن عملية الحفر كانت قد بدأت من دون ترخيص قانوني، لذلك حُررت لأجلها مخالفة حملت الرقم 2368.
حاولت «الأخبار» الاستفسار عن الأمر من الرائد آمر فصيلة الشويفات، إلا أنه اكتفى بالإشارة إلى ما ورد في الوثيقة على وجه العموم، رافضاً الخوض في التفاصيل، لافتاً إلى أنه قد أحاط قيادته علماً بما حصل معه. غير أن أحد رجال الأمن المقربين من الرائد، ذكر أن القيادة لم تعاود الاتصال بالأخير لمتابعة ما حصل معه، حيث شعر بأنه وحده ولا أحد يسأل عنه، مشيراً إلى أن الرائد لم يسكت عندما سمع التهديد، فرد على المتصل وقال له: «افعل ما تريد، المخالفة ستُقمع، ولا تراجع، ولا داعي لأن تتوجه إلى هنا لتنفذ تهديدك، فإذا أردت يمكننا نحن أن نتوجه إليك». وأضاف رجل الأمن أن بعض المقربين من الشيخ قد اجتمعوا به لوضع حد لما يحصل، فقال لهم إن الرائد قد شتمه وشتم عمامته، وبسبب ذلك بادر إلى تهديده، وأنه «كان ينوي تنفيذ تهديده بالفعل، لولا تدخل البعض وسعيهم إلى إجراء مصالحة».
من ناحيته، رأى المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء

مُطلق التهديد قال: «أنت الرائد فلان؟ أنت ميت لا محال. أنا آتٍ إليك»
أشرف ريفي، بأن رجال الأمن يتعرضون باستمرار لمثل هذه التهديدات اللفظية، لكن «لا يُمكننا أخذ كل قصة مشابهة على محمل الجدّ»، لافتاً في اتصال مع «الأخبار» إلى إجراءات اتُّخذت حيال حادثة التهديد المذكورة، إذ «من غير المسموح تهديد رجال الأمن من أي كان، ولا أحد لديه حصانة على هذا المستوى». من جهته، رأى قائد الدرك العميد أنطوان شكّور، الذي تعود إليه المسؤولية التنظيمية للمخافر، أن «المهم هو قمع المخالفة، فإذا كان قد تمّ فإننا نكون قد حققنا الهدف، وبعد ذلك لا نقبل بأن يتعرض لرجال الأمن أي أحد، ولو كان شيخاً أو غير ذلك»، لافتاً إلى عدم علمه بأن المشكلة قد كبرت إلى هذا الحد، مشيراً إلى أنه «للأسف، رجال الدرك، على ما يبدو، متروكون من القيادة، حيث يذهب كل الدعم والاهتمام إلى وحدات أخرى». اتصلت «الأخبار» بالشخص الذي ورد اسمه في الوثيقة، على أنه صاحب الحفارة التي عملت على حفر البئر الارتوازية، فقال مباشرة إنه لا علاقة له بالأمر، وإن كل دوره كان تقديم بعض المساعدة للشيخ وأصحاب البئر، والآن «توقف عمل الحفر، ولم أعاود العمل منذ حصول المشكلة». أما من جهة الشيخ، فقد قال أحد المقربين منه إن ما فعله «هو بسبب شتم آمر الفصيلة له ولعمامته، إضافة إلى تناوله رجال دين آخرين»، لافتاً إلى أن مرجعية الشيخ الروحية قد أخذت علماً بما حصل، وأنه من جهته قد أعطى تعهداً بعدم إثارة الموضوع مجدداً، لأنه عمّا قريب سيحصل لقاء مصالحة بين الجميع، مشيراً إلى أن أكثر من جهة حزبية قد تدخلت في الموضوع بغية إتمام المصالحة «وغسل القلوب».