لا تزال الاعتداءات على العمال السوريين تتكرر يومياً. في البقاع سُجلت عدة حوادث إطلاق نار ضد البعض، وتهديد آخرين. والسؤال الذي يشغل المتابعين: لماذا لا يوقَف المعتدون على العمال؟
رامح حمية
تتكرر خلال الفترة الأخيرة، ضمن تقارير الأجهزة الأمنية، معلومات عن اعتداءات على العمال السوريين في البقاع الأوسط، تبدأ بالتهديد والضرب، وتنتهي بتعرّضهم للإيذاء وإطلاق النار مباشرة عليهم. فتارة تسعف بعضهم العناية الإلهية، وطوراً آخر يُنقل إلى بلده ضمن الأراضي السورية جثة هامدة. وبما أن القوى الأمنية تتلقى هذه المعلومات، فهل هناك من متابعة لها، بهدف التوصل إلى معرفة من اقترف هذه الأعمال بحق العمال السوريين، تمهيداً لنيلهم الجزاء الذي يستحقونه، أم أن الأمور تترك على غاربها، ليتولى الحفظ في الأدراج والنسيان فعله فيها؟
«العناية الإلهية» كانت عصر يوم أول من أمس إلى جانب عبد الله الحديدي (57 عاماً) سوري الجنسية، وفق ما يروي أصدقاؤه. فقد تعرض عبد الله لإصابة بطلق ناري من مسدس حربي تحت إبطه الأيمن، وذلك أثناء نومه في خيمته التي يقيم فيها في بلدة الكرك ضمن قضاء زحلة، خلف محطة سلهب. العامل السوري نقل إلى مستشفى الهراوي الحكومي في المعلّقة حيث أجريت له عملية جراحية، وادّعى أمام قوى الأمن على مجهول. أما خالد إسماعيل حميدي، وهو أيضاً سوري الجنسية، فقد أدخل فجر يوم أمس في حالة طارئة إلى مستشفى الهراوي الحكومي لإصابته بجرح بالغ في جبينه، إضافة إلى قريبه ركان فرج حميدي (سوري)، الذي يعاني من كدمات متعددة في أنحاء جسده. وقد تبين نتيجة التحقيقات أنهما أثناء نومهما في غرفة زراعية في سهل الفرزل ـــــ زحلة، قرابة الساعة الواحدة ليلاً، دخل عليهما أربعة أشخاص ملثمين، وضربوهما، وشهر أحدهم بندقية صيد في وجههما وأطلق عياراً نارياً في الهواء عند مغادرتهم وفروا إلى جهة مجهولة. ويذكر أيضاً أن السوري عاشق المحمد (26 عاماً) تعرض نهاية الأسبوع الماضي لاعتداء بالضرب على أيدي أربعة أشخاص مجهولين، دخلوا إلى غرفته الكائنة ضمن معمل لتوضيب الأعلاف، وهددوه بأنهم سيحرقونه. وفي بعلبك، توفي العامل السوري حسين (مجهول باقي الهوية) نتيجة إصابته بطلق ناري، في الوقت الذي لم تتوافر فيه المعلومات الكافية عن هوية القتلة ودوافعهم.

دخلوا غرفته في معمل لتوضيب الأعلاف، وهدّدوه بأنهم سيحرقونه
وإذا كانت التقارير الأمنية تزخر بهذه الحوادث، فهل ثمة متابعة لها؟ وهل هناك من تحقيقات وتحريات عن مشتبه فيهم وفاعلين؟ مسؤول أمني أكد لـ«الأخبار» أن المعلومات التي ترد في التقارير الأمنية عن حوادث قتل أو ضرب أو إيذاء وحتى سلب، تُتابع «بدقة من خلال تحقيقات وتحريات للوصول إلى نتيجة»، كما هي الحال في الحوادث التي تصيب مواطنين لبنانيين، شارحاً «أن المجلس الأعلى اللبناني ـــــ السوري يرسل غالباً طلبات للاستيضاح عن اعتداءات حصلت على سوريين، وعندها نكون ملزمين بمراسلتهم بما توصلنا إليه من تحقيقات ونتائج». ورأى المسؤول الأمني أن الاعتداءات التي يتعرض لها العمال السوريون تندرج ضمن خانات ثلاث: أولاً، الجرائم الثأرية بين العمال السوريين أنفسهم، حيث يستدلون على أماكن سكنهم فيقدمون على قتلهم، كما حصل في جريمة عميق منذ شهرين، إذ تبيّن أنها جريمة ثأرية. ثانياً، الخلافات الشخصية بين العمال أنفسهم، لأسباب تعود إلى العمل أو ديون أو مكان السكن، وخاصة لدى أولئك الذين يقطنون في أماكن مهجورة وبعيدة عن المناطق الآهلة. ويبقى أخيراً الحالات التي تعدّ «نادرة، وهي اعتداء شبان «زعران» ومندفعين على العمال السوريين بدافع الحقد، لكونهم فقط سوريين، إلا أنه حتى الآن لا وجود لأدلة تؤكد ذلك».
من جهة ثانية، أوقفت دورية من مديرية الاستخبارات في الجيش العامل السوري محمود العفر للاشتباه فيه بسرقة سوبر ماركت «سوبريم» في حوش الأمراء ـــــ زحلة، والتي يعمل فيها. وقد اشتبه فيه بعدما شوهد داخل السوبر ماركت يوم حصول الجريمة، بحسب ما أظهرته كاميرات المراقبة الموجودة في داخلها.


قانون

تنص المادة 554 من قانون العقوبات على أن من أقدم قصداً على ضرب شخص أو جرحه أو إيذائه ولم ينجم عن هذه الأفعال مرض أو تعطيل شخص عن العمل لمدة تزيد على عشرة أيام عوقب بناءً على شكوى المتضرر بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بالتوقيف التكديري وبالغرامة من خمس ليرات إلى خمس وعشرين ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإن تنازل الشاكي يسقط الحق العام، ويكون له على العقوبة ما لصفح المدعي الشخصي من المفعول.
وجاء في المادة 555 أنه «إذا نجم عن الأذى الحاصل مرض أو تعطيل شخص عن العمل مدة تزيد على عشرة أيام عوقب المجرم بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة خمسين ليرة على الأكثر أو بإحدى هاتين العقوبتين».
أخيراً، تنص المادة 557 على أنه «إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيل أحدهما أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل أو سبّب تشويهاً جسيماً أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة عوقب المجرم بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر.