آمال خليلفي بلدة الخرايب (قضاء الزهراني)، لم ينتشر بعد خبر صدور الحكم في حادثة طائرة كوتونو (25كانون أول 2003) الذي أصدرته محكمة الجنايات في بيروت أول من أمس، على نطاق واسع بين أهالي الضحايا. فمن علم منهم، تلقَّ الخبر من وسائل الإعلام لا من الجهات الرسمية أو لجنة أهالي الضحايا المكلّفة بمتابعة القضية، وعلى رأسها المحامي حسن علوية، الذي وكلته معظم العائلات للترافع عنها أمام القضاء. إلا أنّ الحكم على قبطان الطائرة الليبي، وعلى صاحبها اللبناني «الفار» درويش خازم بالسجن غيابياً عشرين عاماً، وتجريدهما من حقوقهما ومنعهما من التصرف بأموالهما، سرعان ما سيتحول الى محط ترحيب أو رفض من جانب الأهالي. ورغم أن هؤلاء قد صبروا سنوات بانتظار العدالة، منخرطين في عشرات التحركات لمحاكمة المسؤولين عن الحادثة، فإنهم أمس فوجئوا بأن الحكم قد صدر فعلاً. ويستذكر بعضهم ضغوط مختلف الأطراف السياسية والنافذة التي تدخّلت لكي «تطمطم» قضيتهم لقاء مبلغ من المال. فيما وصل الأمر ببعضهم إلى اليأس من التوصل إلى نتيجة في ذلك الملف، ولا سيما على المستوى القضائي، بسبب ما وصفوه «بالدعم القوي والوساطة اللذين يحظى بهما صاحب الطائرة لدى نافذين وسياسيين». من هنا، ساد إرباك في صفوف البعض تجاه ردّ الفعل على الحكم لناحية قبوله أو الاعتراض عليه لناحية عدد السنوات التي حكم بها على المتهمين، أو قيمة التعويضات المرصودة.
بالنسبة إلى والدة الضحية علي حسن الدر (23 عاماً)، زهية الدر، فقد سارعت إلى إقفال الباب أمام أيّ تقبل للحكم الصادر. جازمة كانت دموعها وهي تنظر بأسف الى صورة «قمرها» المعلّقة على مدخل منزلها، والتي بهتت ألوانها بفعل السنوات. فالوالدة الثكلى لا تكفيها 20عاماً من السجن، فيما لو نفّذت، بل تطالب «بإعدام الجناة لتحترق قلوب أمهاتهم كما حرقوا قلبي». علما بأنها مستاءة من زوجها الذي قبل قبض «تعويضات» شركة التأمين لأهالي الضحايا. فهي لا تريد أن تدخل المال في قضية ابنها «الشهيد المظلوم» ولو كان من حقها قانوناً.
إلا أنّ عباس الدر، والد الضحية هبة (20 عاماً) وعم الضحية محمد علي الدر، يرى «القسم الملآن من الكوب». إذ إنّه يصر على أن «توزع التعويضات على أهالي الضحايا الذين لم يتركوا ضمانات مادية كبرى وراءهم تؤمن عائلاتهم». وفي هذا الإطار، تلقت عائلة الضحية محمد سبيتي الحكم بفرح ليس لمحاكمة الجاني فحسب، بل أيضاً لرصده تعويضات أخرى لعائلات الضحايا. فقد خلّف محمد حينها، زوجة وخمسة أطفال.
الفرحة بالحكم لم تكتمل في عائلة الضحية مصطفى أخضر (26 عاماً) الذي استشهدت والدته ووالده وأخواه الاثنان في عدوان تموز، فلم يبقَ من العائلة أفراد كثيرون يشاركون أرملة أخيه سكنة صعب فرحتها. بحسرة، تستذكر ما عاناه الشهداء بعد وفاة مصطفى وابن خاله حسين علي أخضر، في حادثة الطائرة. تتحدث عن

معظم أهالي الضحايا تبلّغوا خبر صدور الحكم من الإعلام
التحركات وزيارات المسؤولين التي شاركوا فيها من دون جدوى.
وإن شعرت الخرايب بأنها انتصرت ولو جزئيا لأرواح أبنائها التسعة الذين سقطوا على متن الطائرة، فإن حقها لا يزال غير مستحق بعدما ثكلت مجدداً بابن عاشر هو محمد عكوش، الذي سقط على متن الطائرة الإثيوبية. وإذ يبدي الوالد الطبيب كمال عكوش سعادته «بالتوصل إلى نتيجة في ملف كوتونو ولو بعد 7 سنوات»، فإنه أمل ألا يطول انتظارهم قبل تبيان أسباب سقوط الطائرة الإثيوبية. ولم يخف عكوش نيّة بعض الأهالي «رفع دعوى قضائية على الدولة اللبنانية ومن يظهره التحقيق شريكاً في المماطلة التي أدت إلى تأخر انتشال الضحايا شهراً». عندها، لا يمانع عكوش من «الذهاب إلى الآخر أمام القضاء اللبناني طمعاً في الحكم الذي صدر أول من أمس بحق كوتونو».
وقد اتصلت «الأخبار» بالمحامي حسن علوية، رئيس «جمعية أهالي الضحايا»، الذي قتل ابنه أيضاً في الكارثة، فأعرب عن ارتياحه لصدور الحكم «بالمسؤوليات التي كنا قد حددناها»، خاتماًَ بالقول «لقد ظهر الحق وزهق الباطل».