أخيراً، «بقّ» وزير الداخلية والبلديات بحصة حوادث السير، معلناً أن المسؤولية مشتركة بين وزارات وإدارات مختلفة، ولا يجوز لأحد التنصل منها. طلب الموافقة على إنشاء فرقة طوارئ تُخصّص لشؤون السير، وإلا... «سيكون المشكل كبيراً»
محمد نزال
«إذا رفض مجلس الوزراء هذا الاقتراح، فإن الأمر لن يمر مرور الكرام. سيكون المشكل كبيراً، وكبيراً جداً»... هكذا، وبحزم بالغ، كشفت أوساط مقربة من وزير الداخلية والبلديات، زياد بارود، عن ردّة فعل الأخير المرتقبة في حال رفض مجلس الوزراء الموافقة على اقتراح قدّمه في الجلسة الأخيرة، يقضي بإنشاء فرقة طوارئ خاصة بشؤون السير، لتكون «قوة ضاربة» قوامها 400 رجل أمن تحت تصرف وزارة الداخلية. وفي هذا الإطار، ذكرت الأوساط نفسها لـ«الأخبار» أنه لم يعد مقبولاً أن تتحمل الداخلية وحدها مسؤولية حوادث السير، إذ يبدو أن تصدّي الوزير بارود لمهمة توضيح الأمور للرأي العام من خلال المؤتمرات الصحافية، قد جعل منه مسؤولاً وحيداً أمام المواطنين، فيما يعلم الجميع أن المسؤولية، في الأصل، موزعة على عدد من الوزارات والإدارات، لكن بكل الأحوال فإنه لن يتنصل من مسؤوليته بما هو متوافر بين يديه، وفي الوقت نفسه فإنه «لن يوفّر بعد اليوم أحداً من وضعه أمام مسؤولياته، إن كان في ما يتعلق بدور بقية الوزارات المعنية، أو بدور مفارز السير التابعة لقوى الأمن الداخلي المشكو من تقصيرها على هذا الصعيد».
تدخّلات بعض السياسيين لحماية أيّ ضابط مقصّر هي بمثابة المشاركة في الجريمة
لم يبق الحديث عن اقتراح بارود في الكواليس، فقد خرج إلى العلن، أمس، في المؤتمر الصحافي الذي عقده الأخير في وزارة الداخلية، بحضور عدد كبير من الإعلاميين والمتابعين. تحدّث بارود عن فرقة «القوة الضاربة» التي اقترح إنشاءها، قائلاً: «تريدون نتيجة طيبة؟ إذاً أعطوني ما يلزم، أتمنى أن يوافق مجلس الوزراء على الاقتراح بأسرع وقت ممكن»، لافتاً إلى أن البعض نصحه بعدم المجازفة وتحميل نفسه هذه المسؤولية الكبيرة، غير أنه قبل التحدّي «حتى لو تطلب الأمر أن أسهر كل الليل لتحقيق نتيجة أفضل، فقد آن الأوان لنقول كفى موتاً رخيصاً على الطرقات، فكل مواطن يموت في حادث لديه أمّ ترى فيه مليون مواطن، ولذلك لا معنى للحديث عن أرقام وفيات».
إلى ذلك، كشف بارود عن خطّة جديدة قد وضعها للحد من الحوادث، ولتحسين شؤون السير عموماً، تتمثل بوضع رادارات ضبط سرعة عند 12 نقطة لن تُعلن أماكنها، كبداية، على مختلف الأراضي اللبنانية، فتعمل ليل نهار وتُغطّي 5 خطوط سير على الطريق الواحد. تضبط هذه الرادارات المخالفات من خلال أخذ صورة كاملة عن الآلية المخالفة. وبناءً عليه يُحرّر محضر ضبط يُدرج لدى هيئة إدارة السير، ثمّ يُبلّغ صاحب السيارة فوراً بالمحضر إلى عنوان منزله. أما عن تاريخ بدء العمل بهذه الخطة، فقد أكّد بارود أن الموعد لن يتأخر عن نهاية الأسبوع الجاري.
من ناحية ثانية، كان لقوى الأمن الداخلي حيّز واسع من حديث بارود أمس. فبعد 65 مراسلة تتعلق بشؤون السير بينه وبين المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بحسب ما أعلن، كانت المحصلة النهائية «عدم الرضى عن الأداء». لم ينف بارود مسؤوليته عمّا تقوم به القوى الأمنية، لكنْ للسياسة في ذلك شؤون، فمنذ عام 2005 ومجلس قيادة قوى الأمن الداخلي معطّل نسبياً، وقد أصبح معطلاً نهائياً خلال الأشهر الأخيرة بعد إحالة أربعة من أعضائه إلى التقاعد، وبالتالي ما عاد بالإمكان، إدارياً، اتخاذ قرارات على نحو طبيعي. كان لافتاً تشديد بارود على أن التعيينات الأمنية ليست من صلاحيات الوزير، فهذا أمر منوط بمجلس الوزراء، الذي تدخل الحسابات السياسية فيه. «هل تعرفون شركة تعمل بدون مجلس إدارة؟»، سأل بارود مستغرباً، قبل أن يضيف: «لقد وقّعت مرسوم ملء الشواغر، لكننا ما زلنا بانتظار إقرار في مجلس الوزراء، والكل يعلم أن مجلس القيادة لا بد من أن يكون مكتملاً ليستطيع مواجهة التحديات ويتحمل المسؤوليات على أكمل وجه. فهذه المؤسسة هي الضامنة لحياة الناس، ويجب أن تكون منفصلة عن الأزمة السياسية». وفي سياق متصل، ذكر بارود أنه استدعى قبل يومين المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، وقائد الدرك العميد أنطوان شكّور، وقائد شرطة بيروت العميد نبيل مرعي، طالباً منهم إجراء تشكيلات في مفارز السير قبل نهاية الأسبوع الجاري، مشيراً إلى أن «تدخلات بعض السياسيين لحماية أي ضابط مقصّر هي بمثابة المشاركة في الجريمة».
أخيراً، يُشار إلى أن قوى الأمن الداخلي قد أعلنت قبل أيام أن عدد قتلى حوادث السير لغاية شهر أيلول المنصرم بلغ 390 قتيلاً، فيما تحدثت بعض جمعيات المجتمع المدني عن عدد ناهز 800 قتيل. في ظل هذا التضارب في الأرقام، أعلن الوزير بارود أنه اتفق مع وزير الصحة، محمد جواد خليفة، على أن تكون وزارة الصحة هي المرجعية المعنية بإعلان أعداد القتلى والجرحى في حوادث السير.


إعتبار «القتل التهوّري» جريمة جنائيّة

كشف وزير الداخلية زياد بارود، أمس، أنه أعدّ مشروع قانون تُشدّد من خلاله العقوبات المتعلقة بحوادث السير. فمثلاً، ينص الاقتراح على اعتبار التسبب بقتل أحد، نتيجة قيادة متهورة، جريمة جنائية وليس جنحة. وناشد بارود وزارة العدل والقضاء تشديد العقوبات التي تصدر في الأحكام المتعلقة بحوادث السير، ذاكراً شخصاً تسبّب بقتل فتاة على الطريق بسبب قيادته المتهورة، وتبيّن لاحقاً أنه كان قد سبّب قبل ذلك أيضاً قتل مواطن آخر بحادث صدم، سائلاً: «كيف نسمح لشخص كهذا بالقيادة مجدداً دون محاسبة كبيرة، كيف لا تُسحَب منه رخصة السوق؟»، داعياً إلى الإسراع في إقرار قانون السير الجديد في مجلس النواب، لافتاً إلى سعيه لإعادة تفعيل اللجنة التي أُلّفت بتاريخ 15/6/2010 في الحكومة، والتي تضم عدداً من الوزارات المعنيّة.


لقطة

توفّي جميل نصّار (73 عاماً)، أمس، نتيجة تعرّضه لحادث صدم بواسطة سيارة من نوع «رينو» على طريق منطقة بلونة. تولّى مخفر الذوق التحقيق في الحادث، وبناءً على إشارة القضاء المختص، تبيّن أن سائق السيارة هو المواطن جورج س. (34 عاماً)، وأن السيارة التي كان يقودها تخص شركة «أوجيرو». وفي حادثة أخرى، انفجر قسطل مياه تابع لمصلحة مياه بيروت على الطريق البحرية لمنطقة الدورة، ما سبّب حفرة في الأرض، وبالتالي زحمة سير خانقة على طول الطريق، وكادت أن تؤدي إلى وقوع حوادث سير. هذه الحادثة تعدّ نموذجاً لما يقوله البعض، لناحية أن معالجة حوادث السير ليست مسؤولية قوى الأمن الداخلي وحدها أو وزارة الداخلية، فحال الطرقات من مسؤولية وزارة الأشغال، كما أن الإنارة ليلاً من مسؤولية وزارة الطاقة.