صور ــ آمال خليللا يزال الصيف ضيفاً ثقيلاً على لبنان، لكن الأسواق التي تُتخَم عادة في مثل هذه الأيام بالبندورة، تفتقدها. شحّ من المرجّح أن يستمرّ حتى اواخر شهر تشرين الثاني المقبل، عندما يحين موعد القطاف في سهول الساحل الجنوبي. فقد وصل سعر الكيلو غرام الواحد من البندورة أخيراً إلى أربعة آلاف ليرة، بينما ارتفع سعر الصندوق إلى خمسين ألف ليرة.
أمام بسطة الخضر في بلدة البيسارية (قضاء الزهراني)، تقف أم علي حائرة تضرب كفاً بكف. ترمق صندوق البندورة الذابلة والغالية رغم ذلك، متحسرة «على الأيام الخوالي حين كانت لا تحمل همّ البندورة بسبب رخصها، في مقابل أسعار الحمضيات والفواكه التي ترتفع أسعارها عادة». فالبندورة تمثّل عنصراً رئيسياً في معظم الطبخات، كـ«اليخنة» والسلطات وكبسة الأرز والمعكرونة وغيرها.
أما «جنون» البندورة الذي يحاكي جنون مثيلتها المصرية الملقبة بـ«الأوطة المجنونة» بسبب تقلبات سعرها الحادة، فسببه هذا العام في بلادنا «تقلب المناخ وعدم توازن سياسة الدعم الحكومي للمزارعين» بحسب أحد المعنيين بقطاع الزراعة، الأمر الذي يرتد على المواطنين والتجار والمزارعين الصغار، بدوران قوي يصيبهم لدى مقارنتهم بين الأسعار المتدنية التي جعلت البندورة تبور على البسطات وفي حسبة الخضر قبل أسابيع وبين الأسعار الخيالية التي ضربتها منذ أيام.
يوضح المزارع محمد عيد أن السبب الإضافي لضرب موسم البندورة الأخير هو «دودة ظهرت أخيراً في سهل البقاع بداية، ثم في مختلف المناطق الزراعية، تنخر حبات الثمر والخضر، ومنها البندورة، من الداخل فتتلفها، بالإضافة إلى الجراد والحشرات التي تتولى القضاء على أوراقها من الخارج». ويشير عيد إلى أن مواجهة تكاثر تلك الدودة ممنوع «بأمر من وزارة الزراعة بعدما منعت استخدام المبيد الجهازي الذي يقضي عليها لما يسببه من سرطنة وتلويث للثمرة».
أما العامل الدائم في ضرب المواسم، فهو تغير المناخ وارتفاع الحرارة فوق المعدلات الطبيعية. فقد زرع عيد موسم البندورة في الربيع في الخيم البلاستيكية، على أن يقطفه في بداية الصيف قبل ارتفاع درجات الحرارة. لكن الحرارة تجاوزت 38 درجة في الربيع، فيما لا تحتمل البندورة أكثر من 32 درجة، الأمر الذي أدى إلى احتراق الموسم، إلى جانب ما صنعته الدودة. وفي المحصلة، حصد المزارعون كميات محدودة تقل بكثير عما يحتاج إليه السوق، فيما لم تكن المواسم في الدول المجاورة قد نضجت بعد لتسدّ النقص. ومن المنتظر، بحسب عيد، أن تغط الأسعار مجدداً بعد نحو شهر عندما ينضج موسم السهل الساحلي وتفتح الأسواق أمام البندورة الأردنية والسورية التي تنضج أيضاً في ذلك الوقت.