معايير منعاً للإحراج السياسي• نحو مكننة شاملة للمعاملات
• النبطية نموذج لعمل حزب الله البلدي

أجراها كامل جابر
يرى بعض أعضاء مجلس بلدية مدينة النبطية أن ما يقوم به رئيس البلدية الطبيب أحمد كحيل هو محاولة لتقديم عمل بلدي نموذجي، على الصورة التي يسعى «حزب الله» إلى تكريسها، في العاصمة الشيعية الجنوبية الأهمّ بالنسبة إليه. كحيل لا ينفي ولا يؤكد، بل يعرض عمله فحسب

كيف تقيّمون عملكم بعد مرور خمسة أشهر على تسلمكم مهام بلدية النبطية؟
– الحركة فعالة جداً. لقد عقد المجلس البلدي 9 جلسات خلال 3 أشهر، و30 جلسة لجان، واتخذ 95 قراراً خلالها. أما معدل الحضور في الجلسات فهو 19 عضواً من أصل 21 عضواً. وما يميز الجلسات أنها صارت متخصّصة، أي هناك جلسة تخطيطية وأخرى إدارية. في الأولى تناقش الخطط بالتفصيل، فيما يقتصر عمل الجلسات الإدارية على تصريف الأعمال.

ما سرّ هذه اللحمة السريعة، مع العلم أن المجالس البلدية التي سلفت، كانت تشهد افتراقاً؟ هل هو التوافق الذي سبق الانتخابات؟
– التوافق له دور. إضافة إلى همّ الأعضاء الإجابة عن سؤال: ما هي الصورة التي سنحققها؟ هل نفعل ما فعله غيرنا، نكتفي بالتعبيد والتنظيف، أم نحقق مشاريع كبيرة؟ الهمّ الأساس تقديم مشاريع تقلب الميمنة عن الميسرة، وألّا يكون نشاطنا فقط تصريفاً للأعمال. التوافق ساعد كثيراً في هذا الموضوع، إضافة إلى طريقة العمل التي اعتمدناها. يعني أنا أعقد جلسة من أجل الإعلان عن القرارات الرئاسية وأوزّع نشرة مفصلة منها على جميع الأعضاء، فيها ما أنفقنا وما دخل إلى صندوقنا. هذا مثلاً تقرير عن 3 أشهر، لا ينسى كبيرة أو صغيرة، وقد أنفقنا نحو 117 مليون ليرة
لبنانية.

يلاحظ أن ثمة ملفات وأوراقاً ودراسات تجهز سلفاً قبل تقديمها إلى أعضاء المجلس البلدي، وهي دراسات تحتاج إلى مجهود، هل هناك مساعدة من لجان مختصة في حزب الله لإنجاح بلدية العاصمة الأولى للحزب على مستوى الجنوب إن لم نقل على مستوى لبنان؟
– صحيح هناك دعم من «جمعية العمل البلدي لحزب الله». هي مؤسسة مركزية عندها قدرات فنية هائلة، وكثير من الأمور الإدارية والقانونية، نعود إليها بالاستشارة، لكن الأمور العملية نقوم بها نحن في البلدية، وهم يبدون الرأي، بعد إقرار الملاحظات في المجلس البلدي.
عندنا فريق في البلدية يعمل ليلاً ونهاراً، ويمكنك أن تزور البلدية ليلاً لتجد أناساً يعملون.

هل نتحدث هنا عن مكننة كاملة في بلدية النبطية؟
– هذا ما أريد قوله، هناك خلية مؤلفة من مجموعة موظفين، يزودنا كل واحد منهم بتقرير أسبوعي، يأتي إلي مطبوعاً على «سي دي» يصار إلى مكننته، حتى صار بإمكاننا أن نعطي معلومات حول عدد المعاملات المنفذة والمعاملات المتوقفة ولماذا هي متوقفة، ففي تقرير الأشهر الثلاثة، قُدّمت إلينا 1176 معاملة، أنجز منها 1115 معاملة، وتوقفت 61 معاملة. سوف نعمل قريباً بموجب بطاقة للمواطن تمكنه من خلال الإنترنت الدخول إلى أية معاملة.

يعني قرار إنجاح بلدية النبطية عند من، عند هذا المجلس أم عند حزب الله؟ وهل الخطة الاستراتيجية التي تتحدثون عنها موضوعة لست سنوات أم هي خطة أكبر؟
– أنا أريد تأكيد فكرة، وأتحدّث عنها بشفافية وصدق: من يعمل داخل المجلس البلدي ينزع عنه الصفة الحزبية لحظة دخوله إلى المجلس، ويتعاط مع الجميع بشفافية مطلقة. ولكي أخرج من الإحراج السياسي وضعت معايير. مثال على ذلك، صار هناك برنامج يطبق على الجميع بمعيار واحد لعملية تخمين الأراضي وتخمين البناء، وفق برنامج نسقناه مع رئيس التنظيم المدني في النبطية المهندس بسام الخياط. كل عقار في مدينة النبطية وكفرجوز بات ممكنناً، يظهر وتظهر تسعيرته. لا نريد أحزاباً ولا ابن ست أو جارية.
لا نريد نبطية مغلقة على ناسها، على أية جهة، ونحن نسعى للاستفادة من الجميع. ولكوني في الإدارة الداخلية أستطيع القول إنه بعد فترة سنرى المكننة، يمكنني أن أردد أمامك ماذا سأفعل منذ الآن وحتى السنة المقبلة، وفي أي يوم أو شهر، لأن البرنامج صار موجوداً.

متى يطّلع المكلّفون من أبناء المدينة على هذا البرنامج؟
– بمجرد الانتهاء من النقاش داخل المجلس، لأنني أحترم جداً الآلية الإدارية وعدم نشر أي فكرة والمجلس خارج المعرفة، كي لا يسبّب هذا الموضوع أزمة ثقة. عندما تقرّ الاستراتيجية ستصدر وثيقة، بلدية أو استراتيجية، في كتيّب أو عبر الانترنت، يحاسبنا الناس عليها. نحن نحاول أن ننتقل بالبلدية إلى بلدية تخطيط، لا أتحدث عن جنة موعودة، لكن على الأقل وضعنا السكة في المسار الصحيح، لأننا لن نصل إذا لم نخطط. لم يعد جائزاً أن نبقى في النبطية متأهبين فقط لحل مشكلة آنية. مثلاً نحن اليوم بحاجة إلى طرق دائرية.

من يستفيد من هذه الطرقات؟ هناك كلام عن أن هذه المشاريع تفيد مؤسسات حزب الله ومشاريعه أكثر من غيره؟
– ما يقال يحتاج إلى دليل. مثلاً خط حي السراي الثانوية، أين هي مؤسسات حزب الله التي عليه؟ نحن نرصد الآن لسبع طرق، نريد استملاكها، هناك طرقات لا أحد عليها. أزمة الطرقات في النبطية أنها في حقول للناس إضافة إلى مشكلة المخطط التوجيهي الذي وقعت عليه اعتداءات كثيرة، وحالياً نحاول من خلال لجنة مشتركة مع التنظيم المدني إعادة صياغة المخطط التوجيهي. هناك تخطيطات لم يعد بالإمكان تنفيذها. وهناك مخططات موجبة التنفيذ، وهناك استملاكات عالية.

لماذا كان يدور في البلديات السابقة كلام عن حصار سياسي، وهل التوافق المسبق سيمنع عن البلدية أي حصار محتمل؟
– كانت هناك مشكلة في البلدية السابقة من ترسبات الانتخابات، وانقطاع بعض الأعضاء والرئيس عن التواصل مع بعض الشخصيات السياسية، ومع بعض المؤسسات. الآن بات الموضوع مختلفاً تماماً، التوافق ساعد كثيراً ولمسنا ذلك من تقديم مشروع ضخم لمجلس الجنوب وغيرها وصار الموضوع مفتوحاً على مصراعيه. حالياً نعدّ ملفات لدولة الرئيس نبيه بري، لا نذهب إليه لنتحدث معه بكلام فقط، بل لنسلمه ملفاً كاملاً لمشروع ما. والمجلس البلدي بات يتحدث باسم النبطية وليس باسم حزب أو شخص.

هذا الانسجام بينكم وبين حركة أمل، هل سينعكس على التوظيف؟ وأين موقع المستقلّين والمحازبين الآخرين؟
– ثمة كلام عن توظيف جديد سنعلن عنه في الجريدة الرسمية، والطلبات مفتوحة. المحافظ صدّق الموافقة على توظيف 11 شرطياً، ونحن سنسعى إلى أكثر من ذلك، فنحن نعدل الملاك كله، نحاول إنشاء دوائر، دائرة صحية ودائرة هندسية، دائرة طوارئ، حتى الاطفائية، دائرة شرطة. في نظامنا نخضع لمجلس الخدمة المدنية، وليتقدم الناس إلى الامتحانات، وسنكون شفافين. تقدّم حتى الآن نحو 20 شخصاً، سيخضعون للامتحان، وسنختار العشرة الأوائل أو ضمن حاجتنا، لكن من الأوائل، ولو كانوا كلهم من الحركة أو كلهم من الحزب أو كلهم مستقلين. لم يعد الجوّ في البلدية جوّ حزب وحركة، إنه جو أخوي ومنفتح. هذه أمنياتي ورغبتي، لكن لا أعلم ماذا يحصل لاحقاً!

ما مدى حاجة مدينة النبطية إلى الموظفين؟
– حاجتنا كبيرة، درسنا نظام الأجراء، ونحتاج إلى 124. اليوم حتى نحصل على مدينة نظيفة، نحتاج على الأقل إلى 50 موظفاً في التنظيفات إلا إذا جرت عملية التلزيم لشركة التنظيفات بغير الطريقة الحالية. كذلك نحتاج إلى 50 شرطياً. نحن نحصل اليوم من الصندوق البلدي المستقل على مليار و700 مليون ليرة لبنانية بدلاً من مليار و200 مليون، وندفع رواتب وتعويضات ومدارس بحدود 800 مليون ليرة في السنة، وأتوقع أن نصل إلى حدود مليار ليرة في السنة. وهذا يعني أننا بحاجة إلى جباة لأنه كلما ارتفعت جبايتنا حصلنا على أكثر من الصندوق.

عناوين تتعلق بتنظيم البسطات وخلافها مع التجار الأساسيين في النبطية، تنظيم الأسواق؟ مشكلة احتلال الأرصفة، والمشكلة الأعظم، مشكلة النفايات؟
– تقرّر أن تكون هناك ساحة خاصة للبسطات في الأعياد والمناسبات، لن تكون أمام المحال التجارية التي يدفع أصحابها أجرة شهرية تتجاوز 600 دولار أميركي. سوق الاثنين يحتاج إلى نقاش خاص للبحث بتراثيته وديمومته وتوسيعه وإنشاء مقاهي رصيف رديفة. في تحرير الأرصفة قرّرنا منح التجار 70 سنتيمتراً بعد الواجهة لقاء رسم مالي، لكن المشكلة عند تجار الجملة.
الرصيف من حق الناس والمارين، المشكلة في التراكم وآلية دفع محاضر الضبط التي تكون بعيدة جداً إذ لا يحق لنا الاستيفاء، بل إن ضبط المخالفة يذهب إلى المحكمة. أما بالنسبة للنفايات فالحلّ الجذري يتمثّل بإنشاء معمل لأن الترقيع لن يحلّ المشكلة. وهو لن يتحقق قبل سنتين مع بدء التأهيل، وخصوصاً بعد إخراجه من نطاق بلدية النبطية إلى نطاق أوسع يتعلق باتحاد بلديات الشقيف. نحن أكثر بلدية تتأثر من هذه المشكلة بسبب الكثافة السكانية وتنوّع النفايات.

إلى أي حدّ يسعى حزب الله لنجاح بلدية النبطية وتقديم صورة عن عمله؟
– حزب الله يرى صورته من خلال خدمة الناس، وحركة أمل كذلك. خدمة الناس وتلبية طلباتهم والتحديات وإنجاح العمل التنموي وتسهيل الأمور هي السبيل. نحن أمام فرصة ذهبية لإثبات أن أبناء هذه المدينة يستطيعون النهوض بها لتقديم صورة لائقة عنها. لم يعد مسموحاً إغفال قدرات أبناء المدينة وإشراكهم في تقرير مصير مدينتهم وتطويرها. العمل بشفافية هو الأساس مع الوصول إلى مرضاة الله، لن نسعى إلى شيء دنيوي، وسماحة السيد حسن نصرالله يقول بذلك: لا نطلب جاهاً أو مالاً إنما نطلب رضى الله عز وجلّ.


يشارك رئيس بلدية النبطية أحمد كحيل شخصياً في تدريب الأعضاء الذين يخضغون لورش عمل ليلية تؤهلهم لممارسة مهامهم البلدية بناء على القانون والتخطيط. ومن الأمور التي يدرّب عليها كحيل مهارة إدارة الوقت، كيفية صناعة الأهداف وترتيبها بغية تحويلها إلى التنفيذ، وسلامة التنفيذ