في نسخته الثالثة، يستقبل معرض «أيام العلوم» آلاف الزوّار ليطَّلعوا على أجنحته الـ37. الهدف هو أن يكتسب كل فرد من العائلة مهارات علميّة جديدة، فضلاً عن وفود كثيرة لتلامذة المدارس
محمد محسن
«ننسى 92 في المئة ممّا نتعلّمه كل يوم». المعلومة محبِطة. لكنها لا تعود كذلك، حين تكون مطبوعة على بطاقات الدخول إلى معرض «أيام العلوم»، الذي يحتضنه ميدان سباق الخيل في العاصمة، وتنظمّه «لجنة أيام العلوم». فالأكيد هو أن الـ 8 في المئة الباقية، التي نتذكرها، ستكون مستقاة من هذا المعرض. المكان مليء بالأشجار، لا يشبه محيطه المتخم بالإسمنت. التجارب العلمية كثيرة، بأسلوب توضيحي ترفيهي، لا تلقينيّ جاف. معرض «أيام العلوم» هو نقل لتجربة سويسرية، تموّله وزارة الثقافة اللبنانية وأطراف أخرى.
إنها الثالثة عصراً، المعرض على موعد مع زوّاره المتنوعين. عائلات، طلاب جامعيون، وتلامذة مدارس. ليس صحيحاً أن الأطفال هم المستفيد الأوحد من فوائد الأجنحة الـ37، ربّما هم الأكثر تفاعلاً فحسب. في جناح جامعة الكسليك مثلاً، إرشادات غذائية حول مخاطر السمنة. نصائح للأهل باستبدال العصير المصنّع الذي يتناوله أطفالهم بالفاكهة. يميّز أيمن بين صوَر الأطعمة السيّئة وبدائلها الصحيّة. أمّا الطفلة أحلام، فتستأذن أمّها قبل الذهاب للغناء مع طالبات «الكسليك» أغنية «في الفواكه متل النجاص/ في الخضرا متل الخس/ فيها كل شي بيفيدني». تتعدّد اهتمامات الأجنحة الكثيرة للجامعة الأميركية في بيروت. مخاطر السرطان، والغذاء الأفضل لتلافيه. يفرك الطفل جورج موسى فمه بيده، يمررها على شريحة بلاستيكية ويضعها تحت المايكروسكوب. يدقّق ثم يرفع رأسه مبتسماً «ماما شوفي خلايا تمّي، عم يتحرّكوا!». قرب بيضة تحوي صوصاً عمره 3 أيام، يتابع الطفل حسن سرور، مباشرة، كيف يؤثر النيكوتين والكافيين في دقّات القلب، بعد إعطاء الصوص جرعات من هذه المواد. للفيزياء سحرها، في خيمة كبيرة. تناول الأستاذ محمد عبد الله جرعة من الهيليوم الطبّي. أصبح صوته رفيعاً، تبسّم الأطفال. تمرين آخر، يضع جرساً في إناء مغلق. يسأل: لماذا اختفى صوت الجرس؟ ترفع فيروز محيو يدها «لأنك عزلت الهواء عنه، والصوت ينتقل عبر الهواء»، ترفع يدها مرة أخرى لكن لتحيي المصفّقين هذه المرّة.
في جناح كليّة العلوم، الفرع الثاني في الجامعة اللبنانيّة، يرى الزائرون مئات الأنواع من الفراشات. هي تتذوّق الطعام من قدميها. المعلومة جذابة. في مختبر الطبيعة، انجذب الأهالي إلى أمرين: الأول مزيج كيميائي من الكالسيوم أوكسايد مع الماء، ميزته توليد حرارة قويّة من دون ثاني أوكسيد الكربون، ويصلح للاستعمال في النزهات. أمّا الثاني، فهو مزيج لمستحضر يبعد البرغش وينفّره. جرّب كثيرون الأمر وفوجئوا بالنتائج. يقطع كمال سكريّة بيتاً للحشرات يعيش ويتغذّى من الشجر. ففي قسم الجامعة اليسوعية «أصدقاء أم أعداء؟» تحدّث الطلاب للزوّار عن علاقة عناصر الطبيعة بعضها ببعض. مثلاً، كيف تتغذّى الأشجار من الفطر وبالعكس. أمّا في جناح جامعة البلمند، فتترقب كارول صليبي سقوط بيضة مسلوقة إلى قعر زجاجة، بحسب مبدأ الضغط الجوّي: فحين تنطفئ الشعلة داخل الزجاجة ينخفض الضغط الجوي وتسقط البيضة داخلها رغم أنها أكبر من فوهتها بمراحل!
تبدو أجنحة الجامعة اللبنانيّة مليئة بالمعلومات والمجسمات والأبحاث القيّمة، على الرغم من الإمكانات الماديّة المتواضعة لكليّاتها وطلّابها. مثلاً، اخترعت كلية العلوم طريقة لتنظيف المياه من الملوّنات الصناعية باستخدام الطحالب.
جذب جناح «المهندس الصغير» زوّاراً كثيرين. يتلقّون شروحاً عن

الفراشات تتذوق طعامها من أقدامها
صناعة الرجل الآلي والتقنيات الهندسية الأخرى، تمهيداً للانتقال إلى معهد «المهندس الصغير»، الذي ينظّم دورات تعليمية على مدار العام. في أحد أجنحة الجامعة الأميركية في بيروت، يعرض الدكتور يوسف منيمنة اختراعين نال براءتهما، يتمحوران حول علاج الدم وإيصال الأدوية إلى كرياته الحمراء عبر الكهرباء. قدّمت كليّة الهندسة في الجامعة اللبنانية مشاريع عدّة، أبرزها «مستر تيليكوم»، وهو برنامج أثبت فعاليته في فرنسا بنسبة 70 في المئة، مهمّته تحديد الأعطال في الاتصال الهاتفي بسرعة فائقة. قدّم تلامذة مدرسة «سيدة الجمهور» مشروعاً لـ»تلفريك يصل إلى مستخدمه عبر بصمة اليد أو الصوت». في جناح الجمعية الفلكية اللبنانية، أستاذ مدرسي يتعلّم معرفة التوقيت من خلال مواقع المجموعات النجمية، تمهيداً لشرح المعلومة لتلامذته في المدرسة. الجامعة الإسلامية عرضت جهازاً يحدد مستوى السكّر في الدم، من دون إجراء أيّة جراحة. وقد لفت معظم المندوبين تفاعل الأولاد الآتين مع أهاليهم، إذ إنه كان أكبر من تفاعل تلامذة المدارس. يُذكَر أن فعاليات المعرض، الذي افتُتح أول من أمس، سوف تُختتَم اليوم عند الساعة التاسعة مساءً، علماً أن المعرض يفتح أبوابه عند الثالثة عصراً.



تقف فرح عبد الله (الصورة) في جناح «جامعة البوليتكنيك الفدرالية في لوزان». تشرح اختراعها الجديد الذي يتمحور حول «كيفية تحويل الفكرة إلى منتج تسويقي، وكيف تنمّي الشركات حسّها الإبداعي». حالياً، تنهي رسالة الدكتوراه في «إدارة التكنولوجيا»