ازدياد الطلب على شراء الأسلحة بمختلف أنواعها في البقاع من الأحزاب والتيارات السياسية كلها، هل هو حقيقة أم مجرد شائعات؟ كلام يتداوله أبناء المنطقة ويؤكده أحد تجار السلاح لـ«الأخبار» فيما ينفيه مسؤولون أمنيون
نقولا أبورجيلي
عُقد اللقاء مع أحد تجّار السلاح في مقهى قرب بلدة ريا (قضاء زحلة)، وبعد تحديد الزمان والمكان من خلال اتصال هاتفي، وصل بسام (اسم مستعار) بسيارته الرباعيّة الدفع يرافقه شخصان بقيا بداخلها، سارع أحدهما وهو سائقها، الى إيقافها في «زاروبة» بعيدة عن الطريق العام، في مكان يحجبها عن رؤية العابرين، وفي وضع يمكّنه من مغادرة المكان بسهولة.
بسرعة أكد بسام «أن حركة سوق بيع الأسلحة شعلانة»، لافتاً إلى أن الإقبال على شراء السلاح في الآونة الأخيرة، بلغ حدّاً لم يسبق له مثيل في أزمات وتوترات سياسيّة وأمنيّة، كانت قد شهدتها الساحة اللبنانيّة. إضافةً الى أن ارتفاع أسعار مختلف أنواع الأسلحة وازدياد العرض والطلب عليها «شجعا الكثيرين من خارج هذا «الكار»، على انتهاز هذه الفرصة ابتغاء الربح السريع.
من هي الجهة الأكثر طلباً للسلاح؟ يتحدث بسام عن أشخاص يحضرون الى البقاع الشمالي من مختلف بلدات البقاعين الأوسط والغربي، ويقول «معظم هؤلاء الأشخاص يشترون السلاح لصالح قوى 14 آذار، وأعداد غير قليلة منهم يجاهرون بانتمائهم الى قوى 8 آذار، ظناً منهم بأن ذلك سيجعلنا نخفض الأسعار، ويجهلون أن تاجر السلاح لا يعرف حتى أباه». يؤكد بسام أن المشترين حالياً «لا يهتمون لنوع السلاح، المهم عندهم هو تأمين أكبر كمية من الأسلحة المتوسطة مع ذخائرها، وكل ما تيسر من الفئات الفرديّة والخفيفة، بغضّ النظر عن نوعها ومصدر صناعتها»، أما النقطة الأبرز التي تؤكد التزاحم على الأسلحة فيمكن تلخيصها بأن المشترين باتوا يرضون «بأية أسعار يحددها التجار الذين يتولون عملية إيصال جميع الكميات المتفق على شرائها الى أمكنة قريبة من بلدات في البقاع الأوسط، وأحياناً إلى البلدات نفسها»، ويلفت بسام الى أن حركة طلب الأسلحة في مدينة زحلة وجوارها، تقتصر على الأسلحة الفرديّة وذخائرها و«لا يخلو الأمر من بعض الأسلحة المتوسطة». من جهة ثانية، يلفت بسام إلى أن الأسلحة المتوسطة منها وملحقاتها من ذخائر وقذائف ارتفع سعرها عما كان عليه قبل 3 أشهر بنسبة 30 %، أما بالنسبة للفئات الفردية والخفيفة، فإن ارتفاع أسعارها تجاوز 40%، كما «جنّت» أسعار ذخائرها ووصلت الى ضعفي ما كانت عليه، وبالأخص تلك العائدة لبنادق الكلاشنيكوف والـ«أم 16». ووفقاً لبسام، فإن الصناديق الفارغة العائدة لذخائر الأخيرة، وجدت مرمية بكميات كبيرة في مستوعبات النفايات في أكثر من بلدة بقاعيّة.
كيف تُنقل الكميات من منطقة الى أخرى في ظل تكثيف القوى العسكرية والأمنية من إجراءاتها على الطرقات الرئيسيّة والفرعيّة؟ يجيب بسام «باستطاعة أي كان أن يجول بسيارته في مناطق البقاع كلها عبر الطرقات الفرعيّة والترابيّة، من دون المرور على الحواجز العسكريّة»، ويضيف أن عمليات نقل السلاح تتولاها مجموعة من الأشخاص يستقلون عدة سيارات، تنحصر مهمة إحداها بشكف الطرقات لتسهيل عبور السيارات المحمّلة بالسلاح.
ترددت في الآونة الأخيرة أخبار تفيد بأن الأحزاب النافذة في البقاع الشمالي حذّرت كبار تجار الأسلحة من شراء الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وبيعها، لكن تاجر الأسلحة يقول إن «عدداً من أبناء العائلات الكبرى في أكثر من بلدة فتحوا قنوات مع مختلف الأحزاب والتيارات المناوئة لسياسة الأحزاب النافذة في البقاع الشمالي، كما تعمّدوا توفير أكبر كميات من الأسلحة بكل أنواعها بهدف بيعها الى المناوئين للأحزاب النافذة في قرى بعلبك – الهرمل».


إذا انفجر الوضع سيهبط الهيكل؟

فور جلوسه إلى الطاولة، طلب تاجر الأسلحة «الدخول في صلب الموضوع مباشرة من دون تضييع للوقت»، مبادراً بالقول «بالتأكيد ستسألني لماذا وافقت من دون تحفظ على عقد هذا اللقاء»، يتابع «بكل بساطة أنا تاجر سلاح، وأنتظر هذه الفرص لأربح مصاري، إلا أنني من البلد وأخاف عليه، وإذا انفجر الوضع هالمرّة، فإن الهيكل سيهبط على رؤوس الكل»، وقد أوحى التاجر أنه يتكلم بلسان «زملائه» وأن السوق مزدهرة في هذه الأيام، لكن مسؤولاً أمنياً رفيعاً أكد أن كل ما يتردد عن فلتان تشهده حركة الإتجار بالسلاح في الآونة الأخيرة، هو مجرد شائعات يطلقها بعض المستفيدين من انفلات الوضع الأمني، مؤكداً أن القوى الأمنيّة والعسكرية، تقوم بواجباتها على أكمل وجه، وهي من أجل ذلك، تطلق أكبر عدد من الدوريات في المناطق البقاعيّة كلها، وتقيم حواجز ظرفيّة على الطرقات الرئيسيّة والفرعيّة والمنافذ الترابيّة.