بنت جبيل ــ داني الأميارتفاع الحرارة، والجفاف الحاد، اللذان شهدهما الصيف الفائت، إضافةً إلى تأخر الشتاء، عوامل أسهمت في جعل أبناء الجنوب يبدأون قطاف أشجار الزيتون أبكر مما كانوا ينوون، بسبب تخوّفهم من الأمراض التي بدأت تظهر على حبّاته. لكن يبدو أن حبّات الزيتون التي بدت صغيرة للوهلة الأولى وهزيلة، مليئة بالزيت الفاخر، بحسب الأهالي، الذين فوجئوا بنجاح موسم ظنوا أنه كان عليهم انتظار الشتاء قبل قطافه. ومعروف أن الزيتون المقطوف قبل المطر أفخر من ذاك الذي يُقطف بعد أول «شتوة»، لكونه لا يختلط بالمياه، التي يتكل عليها المزارعون لتكبير حبات الزيتون، التي تباع أفضل من أختها الصغيرة، كذلك من أجل «زيادة» محصول الزيت المعصور.
وتقول أم هاشم قشمر، من بلدة العديسة (مرجعيون)، «انتظرنا الشتاء كثيراً لنبدأ بالقطاف، لكننا بدأنا منذ أيام قليلة، قبيل هطول المطر، بعدما بدت حبّات الزيتون جافّة». ويؤكّد ذلك خليل بعلبكي «حبوب الزيتون صغيرة الحجم جداً، وهذا يؤثّر سلباً في كمية الزيت، فقد توقّف هطول المطر في شهر شباط، واستمرّ كذلك إلى الأسبوع الماضي، مع زيادة في ارتفاع الحرارة. لذلك فالموسم لم يكن ككلّ عام». فيما يرى محمد عيّاد أن «الاعتناء بأشجار الزيتون هي الأساس من أجل جني ثمار جيدة، لذلك فالموسم عندي لم يتغيّر». في المقابل يرى صاحب معصرة الزيتون في عيترون أحمد إبراهيم أنه «رغم الجفاف فإن إنتاج الزيت لم يتغيّر كثيراً، ويبدو أن حبّات الزيتون الصغيرة تعطي زيتاً كثيراً»، لكنّ إبراهيم لفت الى ظاهرة جديدة قائلاً «نضطرّ إلى تنظيف مصفاة المعصرة بشكل متكرّر، نتيجة وجود مادّة جافّة تخرج من حبّات الزيتون، وهي أشبه بالأوساخ التي لا نعرف سبب وجودها». هذا في النوعية، أما بالنسبة إلى الأسعار، فقد ارتفعت أيضاً هذا العام، وبلغ سعر التنكة 225ألف ليرة، رغم أن سعرها في العام الماضي لم يتجاوز 200 ألف ليرة. وتعزو المزارعة عزيزة فارس، من مارون الراس، سبب ذلك إلى ارتفاع أجرة العمّال السوريين، الذين يعتمد عليهم الأهالي في القطاف. فتقول «أجرة العامل لا تقلّ عن 25 ألف ليرة كلّ 8 ساعات عمل، وهذا يؤثّر حتماً في سعر تنكة الزيت، وخاصّةً أن الأهالي هنا مضطرّون إلى استئجار العمّال لأن معظم شباب القرى أصبحوا من المهاجرين».
ويقول علي رسلان (الطيبة) إن «أبناء القرى الحدودية المشهورة بزراعة الزيتون، هجروا قراهم، ولم يبقَ هنا إلّا كبار السنّ، أو الموظّفون، الذين لا يمكنهم العمل وتفريغ وقتهم للقطاف، لذلك فإن استئجار العمّال السوريين بات حاجة ملحّة، ما أسهم في ارتفاع أسعار زيت الزيتون».