عمر نشابة«إن الحكومة اللبنانية هي المسؤولة. لبنان سيدفع الثمن»، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت في تمّوز 2006. لكن بما أن الثمن المقصود إسرائيلياً لا يقتصر على 1191 شهيداً معظمهم أطفال ونساء وعجزة، وبما أن الثمن المقصود إسرائيلياً لا يقتصر على أكثر من عشرة آلاف جريح ومعوّق، وبما أن الثمن المقصود إسرائيلياً لا يقتصر على عشرات المستشفيات وسيارات الإسعاف والإطفاء والإغاثة، وبما أن الثمن المقصود إسرائيلياً لا يقتصر على البنية التحتية ومئات الجسور وشبكة المياه والكهرباء والطرقات، بل يتعدى كلّ ذلك إلى قطع رأس المقاومة وشلّها ونزع سلاحها، فلا يمكن أن يتنازل الإسرائيليون وحلفاؤهم الفرنسيون والأميركيون والبريطانيون عن رسالة أولمرت، رغم استبداله ببنيامين نتنياهو على رأس الدولة العبرية.
فـ«الحكومة اللبنانية هي المسؤولة» عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري إذا اتهمت المحكمة الدولية أشخاصاً «على صلة بحزب الله»، حيث إن الحزب ممثل فيها. و«سيدفع لبنان ثمن» تصميم المجتمع الدولي ومعه بعض الدول العربية «المعتدلة» على ضرب من يصوّب الصواريخ إلى المستعمرات الإسرائيلية.
وبالانتقال إلى الدليل على تقديم الأهداف السياسية الغربية على هدف تحقيق العدل والقضاء على الإفلات من العقاب في المحكمة الدولية، نذكّر باختصار بالنقاط الآتية:
ـــــ دفعت «الأدلة» المدّعي العام دانيال بلمار إلى استدعاء مسؤولين في حزب الله للاستماع إليهم «بصفتهم شهوداً»، بينما لم يستدع أي إسرائيلي إلى التحقيق، رغم أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية هي الأكثر تطوّراً وامتداداً في المنطقة. وحاول بلمار إعلامياً إخفاء «عجزه» عن استدعاء إسرائيليين، بينما بدا متباهياً باستدعاء مسؤولين في المقاومة. وهنا لا بدّ من التذكير بمنهجية تحقيق يُستدرج فيها الشاهد ليتحوّل في ما بعد إلى مشتبه فيه.
ـــــ إن رئيس المحققين في مكتب المدّعي العام الدولي هو ضابط استخبارات بريطاني لمكافحة «الإرهاب» يُدعى مايكل تايلور. ساذج من يعتقد أن ضباط الاستخبارات يتخلّون عن «المهنية» التي تحكم عملهم. تايلور خلَفَ نيك كالداس الذي عمل إلى جانب الاستخبارات الأميركية في العراق عام 2004.
ـــــ رفض بلمار التعليق على مقال مجلة «دير شبيغل» الذي يشير إلى اتهام أشخاص على صلة بحزب الله بالجريمة، بحجّة أن سياسته الإعلامية لا تسمح له بنفي أو تأكيد صحّة الخبر. بينما بلمار نفسه كان قد طلب من المتحدثة باسمه إصدار بيان نفي لما ورد في إحدى وسائل الإعلام اللبنانية عام 2009. وهذا بحسب ما اعترف به بلمار لـ«الأخبار» في 10 شباط 2009 (الحديث مسجّل، راجع «الأخبار» عدد 11 شباط 2009 صفحة 2ـــــ3). «لن نترك حجراً دون البحث عما هو موجود تحته»، قال بلمار يومها... فهل قصد بذلك ركام منازل الضاحية الجنوبية أم ركام مستشفى الشهيد صلاح غندور في بنت جبيل؟