رامي زريقتحتل اليوم الأزمة الغذائية المزمنة التي يعانيها العالم العربي الصدارة في المنابر المختصة. يأتينا كل يوم خبر جديد عن مؤتمر أو ندوة أو دراسة هدفها بحث موضوع الأمن الغذائي العربي وأبعاده الجيوسياسية والتأثيرات المرتقبة لتغيرات المناخ والجفاف الذي يجتاح المنطقة للسنة الرابعة على التوالي. وقد خرجت هذه القضية من دائرة المنشورات المختصة، وأصبحت موضوعاً تتداوله الصحف الأجنبية الواسعة الانتشار حيث تُمزَج بأجندات سياسية مشبوهة. لنأخذ على سبيل المثال التغطية التي يحظى بها القحط الذي ضرب شمال شرق سوريا والذي أدى إلى ضرب الموسم الزراعي لهذا العام، ما دفع عدداً كبيراً من الفلاحين السوريين إلى النزوح عن قراهم والالتجاء إلى المدن بحثاً عن العمل أو الإغاثة. هذه الأخبار حقيقية وواقعية. لكن، لماذا تجهد بعض وسائل الإعلام الأجنبية في نقلها كأنها نتيجة عمل متعمد قامت به الحكومة السورية لمعاقبة المواطنين؟ لا شك في أنّ هناك العديد من المآخذ على أداء النظام السوري، لكن ذلك لا يعني أنه يتآمر مع المناخ لقمع المواطنين! ولننظر إلى تغطية القحط الذي أصاب مناطق كبيرة في العراق والذي أتى ليفاقم دمار خلّفته عشرون سنة من الحصار والحرب الأميركيين. يظن من يقرأ الصحف الغربية الواسعة الانتشار أنه لا علاقة للحرب بما يحصل، بل على العكس؛ إذ سيُنقَذ العراق من خلال وضع قطاعه الزراعي في أيدي الشركات الأميركية التي فتح لها بول بريمر الطريق نحو السيطرة على غذاء العراقيين. لا شك في أن حالة الإعلام العربي في منتهى الرداءة. إلا أن البعض ينظر إلى الصحافة الغربية كأنها مثال لحرية الرأي، وهي في الواقع بوق للأقوياء والأغنياء للتعبير عن أجنداتهم... بكل حرية.