قُبض على عصابة تبيع شهادات بكالوريا مزوّرة مقابل مبلغ 4000 دولار للشهادة الواحدة. أفرادُ العصابة أساتذة وطلاّب يتعاملون مع حاجب في وزارة التربية يتولّى توفير الشهادات ونُسخ مصدّق عنها. أوقف عددٌ منهم فيما لا يزال آخرون متوارين عن الأنظار.
رضوان مرتضى
سحبت مفرزة استقصاء بيروت شباكها لتعثر على صيدٍ ثمين عالق لديها. فقد تمكن بعض عناصرها، نتيجة متابعة حثيثة لإحدى الإخباريات، من توقيف عصابة كانت قد نشطت على مدى السنوات الماضية في بيع شهادات الثانوية العامة والبكالوريا الفنية المزوّرة للطلاب الذين يرسبون في الامتحانات الرسمية مقابل مبلغ مالي وصل الى أربعة آلاف دولار. توسّع المحققون في التحقيق فاكتشفوا أن هناك طلّاباً مسجّلين لدى جامعات معروفة كانوا قد استعانوا بالعصابة المذكورة للحصول على شهادة بكالوريا مزوّرة، ليتمكنوا من الالتحاق بالجامعة.
ستُسلّط السطور الآتية الضوء على مجريات التحقيق الذي لم يُقفل بعد، إذ يشير أمنيون متابعون للملف إلى أن «هناك المزيد من الأسماء ستسقط قريباً» لتتوضح الملابسات كاملة. لكن منذ نحو أسبوع، أخلى قاضي التحقيق فادي عنيسي سبيل الطلّاب الذين استحصلوا على الشهادات المزوّرة باستثناء طالب كان يؤدي دور وسيط. كذلك أُبقي قيد التوقيف حاجب في وزارة التربية تبيّن أن دوره مركزي في توفير الشهادات المزوّرة. بالإضافة الى معلّمَين ومدير إحدى المدارس.
أما في ما يتعلّق بكيفية كشف العصابة، فقد علمت «الأخبار» من مطّلعين على ملف التحقيق تفاصيل ما جرى. إذ وردت معلومات الى مفرزة الاستقصاء في بيروت تفيد بأن الطالب جو ف. قد حاز شهادة مزوّرة للثانوية العامّة مقابل مبلغ أربعة آلاف دولار أميركي. بدأت التحريات فتوصّل المحققون الى معرفة هوية البائع الذي تبيّن أنه يدعى نيكولا س.، خابر الضابط المسؤول مكتب المدعي العام لأخذ إشارة القضاء للتحرّك لتوقيف المشتبه فيهما لكنّ الأخير رفض، طالباً إحضار إثبات يؤكد تورّط مشتري الشهادة.
أراد عناصر مفرزة الاستقصاء العثور على قرينة، فبدأ عدد من المخبرين مراقبة جو المذكور قبل أن يتمكنوا من الحصول على نسخة عن شهادة جو ويقارنوها بتلك الموجودة في وزارة التربية والتعليم العالي للتأكّد من صحّتها. وبالفعل تأكّدت الشكوك، فقد تبيّن أن لوائح الوزارة تشير الى رسوب جو في امتحانات الشهادة العامّة.
المعلومات التي أصبحت بحوزة عناصر مفرزة الاستقصاء صارت كافية للحصول على إذن من المدّعي العام بالتحرّك. أُرسلت برقية الى القاضي رندة يقظان يُطلب فيها الإذن بمداهمة منزل جو ف. فردّت الأخيرة بالإيجاب. دُهم منزل جو في محلّة سن الفيل فأُلقي القبض عليه وبرفقته نيكولا س.

التحقيقات كشفت أن موظّفاً في وزارة التربية يبيع الشهادات المزوّرة
بدأت التحقيقات مع الموقوفين فاعترف جو بأنه اشترى الشهادة من نيكولا الذي قال إنه حصل عليها بدوره من وسيط يدعى عدنان أ. ولفت الى أنه سبق أن اشترى شهادة بكالوريا لنفسه عندما رسب. استُدعي الوسيط المذكور ليقرّ ببيعه نحو 25 شهادة مزوّرة لعدد من الطلاب الذين يتوزّعون اليوم على عدد من الجامعات. كذلك اعترف بأنه يحصل عليها من موظّف في وزارة التربية يدعى ديب ع. أُحضر المشتبه فيه ديب ليخضع لاستجواب طويل اعترف خلاله بما نُسب إليه، ذاكراً اسمي معلّمين في القطاع الخاص.
وأشار الى أن هذين يوفّران طلبة فشلوا في الامتحانات الرسمية، يرغبون في شراء شهادات ثانوية عامّة لإكمال تعليمهم الجامعي. وأفاد بأن الأول يدعى مصطفى ض. الذي يعطي دروساً في عدد من المدارس الخاصة، لكن النشرة العدلية أظهرت أنه سبق أن أوقف عدّة مرّات بجرم التزوير، وهو اليوم فارّ من وجه العدالة. أما الثاني فيدعى يوسف ع.، تبيّن أنه خبير كمبيوتر ويعطي دروساً في اللغة الانكليزية.
كما تبيّن أنه يُنتدب سنوياً الى وزارة التربية من التعليم الخاص للمشاركة في وضع أسئلة الامتحانات الرسمية. كذلك تبين أنه يُنتدب للمشاركة في لجان التصحيح حيث يؤدي دوراً بارزاً في عملية فرز النتائج للطلاب في شهادة الثانوية العامة.
استُدعي يوسف ع. وحُقّق معه لكنه لم يكن قد اعترف بالتهمة الموجهة إليه حتى تاريخ كتابة هذه السطور.


لقطة

كشفت التحقيقات التي أجراها مكتب الاستقصاء في بيروت أن مدير مدرسة ا. في سن الفيل يدعى ناجي ح. كان يُقنع التلامذة الراسبين لديه بشراء شهادات البكالوريا المزوّرة من دون أن يحصل على أي مقابل، ليتبين أنه كان ينشد من وراء ذلك رفع اسم مدرسته باعتبار أن أحداً لا يرسب لديه في الامتحانات الرسمية. كذلك أشارت اعترافات الطالب الموقوف نيكولا س. الذي تحوّل الى سمسار فيما بعد، إلى أن الموقوف عدنان أ. أخبره أنهم توصّلوا الى تقنية جديدة يمكنهم أن يحوّلوا من خلالها الطالب الراسب الى ناجح بكبسة زر. وتجدر الإشارة الى أن الطالب الموقوف كان قد باع لوالده شهادة بكالوريا مزوّرة وقبض من والدته العمولة.