طرابلس ــ عبد الكافي الصمد«أنا من باب الرمل، هيدي أول مرة بجي لهون، والجو كتير منيح». بعفوية ممزوجة بالمرح، يقول وليد الفتى ابن السنوات التسع عبارته خلال مشاركته في لقاء «الرياضة تجمعنا»، الذي تنظمه مؤسسة «سي سي بي إي»، الهادف إلى «حلّ النزاعات عن طريق الرياضة». وليد واحد من بين عشرات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و14 سنة، الآتين من مناطق عدة في طرابلس وجوارها، وتحديداً من مناطق باب التبانة والقبة والمنكوبين التي شهدت مرات عدة في السابق اشتباكات مسلحة مع منطقة جبل محسن. قرابة الساعة العاشرة، انطلق الأولاد في ممارسة رياضات مختلفة، مثل كرة القدم وكرة السلة والقفز فوق الحبال و«اللقيطة» وغيرها، بعدما توزعوا في مجموعات وفرق فوق أرض ملعب طرابلس الترابية، مرتدين قبعات للوقاية من أشعة الشمس اللاهبة وملابس رياضية اختاروا هم ألوانها الزاهية. آراء الأولاد المشاركين في نشاط كهذا يطغى عليها شعور فرح طفولي واضح. فالفتاة منى من جبل محسن وصفت جمانة القادمة من باب التبانة بأنها «صديقتي يلّي حبّيتها»، بينما رأى حسن ابن جبل محسن أن زياد الآتي من القبة «بيعرف يلعب منيح، وهيدا شي بخلينا نربح الماتش!». صراخ الأولاد وهم يركضون ويلعبون في أرجاء الملعب، جعل مسؤول العلاقات السياسية في الحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد، صاحب

الأولاد يلتقون بعيداً عن انتماءاتهم الدينية
النفوذ السياسي الكبير في المنطقة، يعلّق قائلاً: «نشاطات كهذه نحتاج إليها في طرابلس والشمال، إذ نرى كل ولد كيف يلعب مع ولد آخر من غير أن يعرف من هو، ولا من أين أتى ولا ما هو دينه ولا مذهبه»، معبّراً عن أمنيته أن «نتعلم نحن السياسيين من هؤلاء الصغار كيفية تعاملهم وتعايشهم بعضهم مع بعض، وخصوصاً أننا نقف أمام مرحلة صعبة». اللقاء الذي ينظّم للمرة الأولى في جبل محسن، بعدما نُظّم قبل ذلك في مناطق مختلفة، شارك في الإشراف عليه وزير خارجية الدنمارك السابق مورغن ليكونكوف، أحد أعضاء مؤسسة سي سي بي إي. بدا الرجل فرحاً بالنشاط الذي يعمل على «تشجيع الأولاد والناشئين على التلاقي وممارسة الرياضة وبثّ روح السلام بينهم». شعور ليكونكوف يشاركه فيه مدير المؤسسة في لبنان مازن رمضان، الذي يوضح أن «هؤلاء الأولاد يلتقون هنا بعيداً عن انتماءاتهم الدينية، لممارسة الرياضة التي نراها وسيلة تجمع ولا تفرّق، وهي وسيلة للتقارب بين اللبنانيين». هذا اللقاء الذي كان هدفه جمع أطفال من منطقتين متخاصمتين، لم يقتصر على اللبنانيين منهم، إذ جمع أيضاً فلسطينيين من «مؤسسة الأطفال والشباب في مخيم نهر البارد». أتى هؤلاء الصغار ليلعبوا مع أترابهم في الملعب الفسيح، هاربين من بيوتهم الحديدية التي لا فسحة أمامها لرمي طابة.