بعد نحو أسبوعين على بدء العمل برادارات ضبط السرعة، بلغ عدد محاضر المخالفة، التي تذهب غراماتها المالية إلى خزينة الدولة، أكثر من 25 ألفاً. وزير الداخلية وقوى الأمن راضيان عن النتائج حتى الآن، فقد تضاءلت أعداد حوادث السير وضحاياها. هل ستبقى الهمّة على هذا النحو أم أنها ستخبو مع مرور الوقت؟ الجواب برسم المسؤولين... والأيام المقبلة
محمد نزال
أحدثت خطوة تفعيل رادارات ضبط السرعة، التي بوشر العمل بها منذ 16 يوماً، ضجة لافتة بين المواطنين، حتى دخل الرادار مصطلحاً في أحاديثهم اليومية. فالموضوع لم يعد يعني مجرد مخالفة يمكن التنصل منها، أو تجاهلها، إذ إنّ محضر الضبط سوف يصل حتماً إلى منزل المخالف، عاجلاً أم آجلاً، أو بتعبير أدق سوف يصل إلى منزل صاحب المركبة الآلية المسجلة باسمه لدى هيئة إدارة السير، وإذا لم تُدفع الغرامة المالية فإنها سوف تتحول إلى القضاء.
في هذا السياق، يبرز سؤال عن الفائدة التي حقّقتها هذه الرادارات، رغم المدّة القصيرة نسبياً على بدء العمل بها. مسؤول أمني رفيع معنيّ بشؤون السير، يجيب عن السؤال جازماً بأن نسبة حوادث السير على الطرقات قد تضاءلت بنسبة لافتة خلال المدّة المذكورة، كما أن أعداد القتلى والجرحى من ضحايا هذه الحوادث قد تراجعت أيضاً، ومن لديه شك في هذا الأمر «فما عليه إلّا مراقبة سجلات شركات التأمين، التي تؤكّد انخفاض نسبة الإصابات على الطرقات». ويضيف المسؤول في حديث مع «الأخبار» «إنه سوف يُفتَتح قريباً مركز للتحكم الإلكتروني في إدارة قوى الأمن الداخلي، يحتوي على أجهزة كومبيوتر ضخمة وشاشات تلفزيونيّة تنقل واقع الطرقات نقلاً مباشراً، ما يمكّن من إرسال العون اللازم إلى المكان الذي يشهد حوادث، أو حتى زحمة سير. إضافةً إلى ذلك فإنه مع انطلاق هذا المركز ستصبح جميع الرادارات وإشارات السير الضوئية مرتبطة ببرنامج إلكتروني واحد، وبناءً عليه يُرسَل إشعار بالمخالفة من خلال رسالة نصية إلى هاتف المخالف، أو عبر بريده الإلكتروني أو عبر البريد العادي».
هل بدأت محاضر المخالفات تصل إلى منازل المخالفين؟ يجيب المسؤول الأمني بـ«نعم.. لقد وصل عدد كبير منها حتى الآن، وقد دُفع جزء من الغرامات». وعن الجهة التي تذهب إليها المبالغ الطائلة المحصّلة من هذه الغرامات، يوضح المسؤول أنّ جزءاً كبيراً منها يذهب إلى صندوق خزينة الدولة، وجزءاً صغيراً آخر يذهب إلى صندوق تعاضد قوى الأمن الداخلي، التي تستفيد من هذا المال في دفع «مساعدات إنسانية واجتماعية للأمنيّين، الذين يعانون أوضاعاً معيشية صعبة، وكذلك لذوي العسكريين الشهداء وما شاكل». يُشار إلى أن قيمة غرامة محضر السرعة الزائدة تبلغ 50 ألف ليرة لبنانية، ولكن ثمة غرامات أقل لمخالفات أخرى، مثل غرامة الـ 35 ألف ليرة التي توضع لمخالفة وقوف السيارات والآليات في صف ثان على الطرقات العامة، وغرامة الـ 20 ألف ليرة لمخالفة الوقوف الممنوع، وغير ذلك من المخالفات. من جهته، يبدي وزير الداخلية والبلديات زياد بارود رضاه عمّا حققته الرادارات، لافتاً إلى أن أكثر من 25 ألف محضر لسيّارات مخالفة قد حُررت لغاية الآن، تبلّغ من أصحابها نحو 10 آلاف مواطن. ويوضح بارود في حديث مع «الأخبار» أنّ البعض يتصوّرون وجود رادارات ثابتة في بعض الأماكن، ويطالبون بتحديد أماكنها، ولكن في الحقيقة «الرادارات الثابتة ليست مفعّلة الآن، بل كلها رادارات متحركة، بحيث يوضع الرادار في سيارات عسكرية أو مدنية، وتتنقّل من مكان إلى آخر باستمرار»، موضحاً أنّ مبالغ الغرامات المالية لا تصل إلى الوزارة بل تذهب إلى صندوق خزينة الدولة. وعن انتقاد البعض لخطوة العمل بالرادارات بشكلها الحالي، قال بارود: «لا يهمني ماذا يقال هنا وهناك، كل ما يهمني ألّا تأتيني أمّ وتبكي ولدها الذي مات في حادث سير نتيجة جنون البعض وتهوّرهم».


لا سلطة لدينا عليهم

لم تُعجب الرادارات بعض المواطنين، فهي أصبحت حائلاً بينهم وبين جنون السرعة التي يهوون ممارستها. أحد هؤلاء حطّم قبل أيام راداراً على الطريق الممتدة من منطقة الغازية في الجنوب إلى أوتوستراد الزهراني. ربما لم يستطيعوا تحطيم بقية الرادارات، فطلوها بالبويا في محاولة منهم لمنع تشغيلها. اكتشفت القوى الأمنية هذا الأمر، فأجرت كشفاً ميدانياً وباشرت التحقيقات لمعرفة الفاعلين.
في سياق آخر، يُشار إلى وجود ملاحظات لرئيس نقابة مكاتب السوق، حسين غندور، الذي يطالب بقوننة محاضر مخالفات ضبط الرادار، وبأن تُحرر المخالفة بحق السائق لا بحق المركبة الآلية، لكنه يشير في المقابل إلى أنه ليس ضد الفكرة من أصلها، لأنه «كان لا بد من رادع للحد من التسيب والمخالفات التي تُرتكب أثناء القيادة على الطرقات».