انتهت، أمس، الانتخابات الطالبية في الجامعة اللبنانية الأميركية باكتساح تحالف المعارضة السابقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي مقاعد مجمّع بيروت مع خرق يتيم لتيار المستقبل. أمّا في حرم جبيل، فقد تفوّقت قوى 14 آذار بوضوح، بعدما حصدت القوات 11 مقعداً من أصل 15. اللافت ازدياد عدد المقترعين بورقة بيضاء عاماً بعد عام
محمد محسن
ما عدا لحظات الاحتفال التي تلت إعلان النتائج، مرّ اليوم الانتخابي في الجامعة اللبنانية الأميركية، هادئاً. باستثناء محمد علي عيتاني، لم يربح أيّ مرشح على لوائح «شباب المستقبل» في مجمع بيروت. أنقذ عيتاني ماء وجه «المستقبل» من لعنة الصفر. باستثناء أصوات قليلة توزعت هنا وهناك، وفَى الحزب الاشتراكي لحلفائه في أحزاب المعارضة، وصبّ أصواته مع لوائحهم. وما عدا مجموعة من الطلاب الرافضين لتسييس الانتخابات الطالبية وتطييفها، كان الجميع مستعداً، أمس، ليوم انتخابي ماراتوني في ربوع مجمعي اللبنانيّة الأميركيّة في بيروت وجبيل. يوم طويل قوامه 8 ساعات من الاقتراع، اكتسح بعده تحالف المعارضة والحزب الاشتراكي مقاعد مجلس طلاب الجامعة في مجمّع بيروت. فقد حصد 14 مقعداً في اختصاصات إدارة الأعمال، العلوم والفنون، والهندسة، مقابل مقعد واحد في الهندسة، لتحالف 14 آذار وعلى رأسه تيار المستقبل. لم تكد إدارة الجامعة تعلن أسماء الفائزين، حتى علت هتافات الفوز من جانب تحالف المعارضة والاشتراكي. ضاقت الجامعة بهم، فنزل مناصرو التحالف، واحتفلوا بفوزهم في الطرقات العامة المحاذية للجامعة. أقفلت طريق قريطم بالكامل، فيما اكتظت الشوارع المحيطة بالطلاب المتوجهين إلى سيّاراتهم في المواقف، تمهيداً لانطلاق مواكب الاحتفالات. ذاب المتحالفون في مسيرة واحدة. يرفع طلاب حركة أمل أعلامهم وينادون بحياة النائب وليد جنبلاط. مناصرو حزب الله يهتفون للسيد حسن نصر الله، أمّا طلاب التيار الوطني الحر، فوقفوا على قارعة أحد الأرصفة ووزّعوا أعلامهم على المحتفلين. من الجهة الأخرى، غادر مناصرو المستقبل كليّاتهم بهدوء.
في المحصّلة، لم تكن نتيجة العام الماضي صدفة، وتالياً، لم يعد الحديث عن خسارة شباب المستقبل قرب قصر قريطم مفاجئاً. هذا في السياسة، التي بدا واضحاً أنّها العنصر الأقوى في الانتخابات.
خسارة شباب المستقبل في قريطم لم تعد مفاجئة
أمّا طالبياً، فيمكن الحديث عن تبنّي جميع المتنافسين لحاجات الطلاب، التي تبدأ بضرورة خفض الأقساط وزيادة حجم المساعدات المالية من إدارة الجامعة، ولا تنتهي عند توسيع بث وزيادة سرعة إرسال الموقع الإلكتروني للجامعة. إلى جانب طلاب الحزب الشيوعي، فضّل عدد لا بأس به من الطلاب مقاطعة الانتخابات، فيما برز تحرّك خجول لبعض المقاطعين، إذ عمدوا إلى توزيع أوراق بيضاء كتب عليها «صوّت بورقة بيضاء كي ننزع صبغة السياسة عن الجامعة». الحضور الأنثوي بدا لافتاً في الماكينات الانتخابية، ترشيحاً واقتراعاً. فقد أعطى الحزب الاشتراكي حصّته من الفوز لـ4 طالبات. في كليّات الفنون والعلوم، رشّحت المعارضة 5 طالبات وطالباً واحداً، فيما رشّح شباب المستقبل 4 طالبات وطالبين.
منذ أيام، نشطت ماكينات الطرفين. الأجواء هذا العام، كما يفيد عدد من الطلاب، أهدأ من العام الماضي. لم تسرق حسابات المرشحين على موقع الفايسبوك مثلاً. هذا العام، بالغ المتنافسون في توسّل الطلاب لانتخاب لوائحهم. التوسّل الذي أزعج الكثيرين ممن صوتوا وقاطعوا جاء على الشكل الآتي: أكثر من 5 رسائل عبر الهاتف تدعو الطالب إلى انتخاب هذا الفريق أو ذاك. تستدرّ رسائل المستقبل استعطافاً بذريعة «الجميع متحدّون ضدنا ونحن لأجل لبنان»، أمّا رسائل تحالف المعارضة، فقد استخدمت شعار المقاومة لجذب الطلاب. أُرسلت أكثر من دعوة إلى التصويت عبر البريد الإلكتروني لكل طالب منتسب إلى الجامعة. شد بالأيادي من البوابات حتى صناديق الاقتراع. صوت الطالب غالٍ فقط هذا اليوم. هكذا بدت الصورة. عموماً، بعد تجربة اللبنانية الأميركية و«اليسوعية» بات الحديث عن تسييس الانتخابات الطالبية بديهياً، إلا أن ما يسجّل لانتخابات أمس، هو مرورها من دون أيّ «ضربة كف» بين طلاب الجامعة الواحدة. وفي حرم جبيل (جوانا عازار)، حصد تحالف 14 آذار 11 مقعداً من أصل 15 توزعت كالآتي: 4 مقاعد للمستقلين المدعومين من لائحة التحالف، 6 مقاعد للقوات اللبنانية ومقعد واحد لتيار المستقبل. أما تحالف المعارضة السابقة، فقد حظي بمقعدين للتيار الوطني الحر ومقعد لكل من حركة أمل وحزب الطاشناق.
وكان المشهد الانتخابي في جبيل قد انقسم بين لائحتين: لائحة النادي الاجتماعي التي اعتمدت اللّون الأبيض وضمّت تحالف التيّار الوطنيّ الحرّ، تيّار المردة، حزب الطاشناق، حزب الله، حركة أمل والحزب التقدّمي الاشتراكي، واللائحة الثانية باللّون الأسود ضمّت تحالف القوّات اللّبنانيّة، حزب الكتائب وتيّار المستقبل.
«تخيّل عالماً باللّون الأبيض»، هكّذا روّجت اللائحة الأولى لحملتها الانتخابيّة. «نحن مدينون لكم»، يقول المرشّحون في الكتيّب الذي يعرضون فيه برنامجهم الانتخابيّ. وفي المقلب الآخر، رفع مرشحو اللائحة الثانية شعار: «بدعمكم وثقتكم، حقّقنا إنجازات عظيمة والأفضل لم يأت بعد». وقد خاض خمسة مرشّحين مستقلّين (مرشّح عن كلّ كليّة) الانتخابات على هذه اللائحة.
وفيما تحدثت أوساط حزب الله عن «كلام طائفي» تعتمده اللائحة المنافسة للتأثير في الناخبين، ولا سيما المستقلّين منهم، نفى أنصار تيّار المستقبل الحديث عن أيّ نعرات مذهبيّة أو طائفيّة في الجامعة، واصفين المعركة بالحامية جدّاً. أمّا الحزب التقدّمي الاشتراكي، فدعم هذا العام لائحة المعارضة ولم يقف على الحياد كما في السنة الماضية.
وقد تنافس 29 مرشّحاً على 15 مقعداً موزّعة على كليّات الجامعة الخمس: الهندسة المعماريّة والتصميم، الفنون والعلوم، إدارة الأعمال، الهندسة والصيدلة.