هل يكون أوتوستراد زحلة ـ بعلبك في منطقة كسارة خارج إطار قانون السير على الطرقات الدولية؟ أم أنه يبقى طريقاً يحصد أرواح سكان المنطقة وطلاب الجامعات فيها، رغم الخطة التي قضت باعتماد رادارات لضبط السرعة على الطرقات اللبنانية؟
البقاع ــ أسامة القادري
«أوتوستراد الموت». هكذا بات يُعرف طريق كسارة ـ الكرك. طلاب الجامعة اللبنانية في زحلة وجوارها هم من أطلق اللقب، بعدما ذهب زملاء لهم ضحايا حوادث صدم وقعت عليه، وخاصة خلال عبورهم الطريق من جهة إلى أخرى. فهذه المنطقة هي مجمّع للكليات المنتشرة على جانبي الطريق الدولية في منطقة كسارة، على طول مسافة نحو 3 كلم.
إثر الحوادث، نُظمت تحركات احتجاجية، كان الطلاب يمثّلون النسبة الأغلب من المشاركين فيها. الوعود التي أطلقها أكثر من مسؤول لحلّ المشكلة لم تتحقق؛ إذ لم يُنشأ جسر للمشاة، ولم تُعزَّز الرادارات لضبط السرعة، لا بل تقلصت. المعنيون، المارة تحديداً من أهالٍ وطلاب، يؤكدون أن الحل الأول يتمثل بإقامة جسر للمشاة.
ريما غ. (طالبة سنة ثالثة في كلية الحقوق) لم تكتف بالعتب على المسؤولين وتسويفاتهم، تقول: «مشكلتي أنني مضطرة إلى اجتياز أوتوستراد الموت كل يوم، ما يعرضني لمخاطر كثيرة». زميلتها ليلى التي تحضر يومياً من بعلبك تتمنى أن «يأخذ وزير الداخلية في الاعتبار مسألة الجامعات عند طرفي الأوتوستراد العربي، حتى لا تكون عمليات صدم الطلاب محمية بقانون السير الذي يسمح للسائق بأن يسير بالسرعة القصوى (100 كلم في الساعة)، بل يجب ألا تزيد السرعة على هذا الأوتوستراد على 50 أو 60 كلم في الساعة».
«تمنّي» ليلى يمثّل مطلباً يكرره أكثر من طالب وأكثر من شخص من سكان المناطق القريبة من الأوتوستراد والموظفين العاملين في مكاتب في تلك المنطقة. معظم هؤلاء يشتكون من غياب الرادارات وحواجز ضبط السرعة والتجاوزات التي تحصل في تلك المنطقة الناشطة بحركة السيارات.
يجمع الأهالي والطلاب على مناشدة وزير الداخلية زياد بارود كي يبادر إلى اعتبار الأوتوستراد الممتد من كسارة إلى الكرك ـــــ الفرزل خارج روزنامة تحديد السرعة الجديدة، التي تحدد السرعة القصوى على الطرقات الدولية بـ100 كلم في الساعة. ولتكن السرعة القصوى عليه بين 50 و60 كلم. من جهة ثانية، يشدد الطلاب على أهمية أن «توضع الرادارات المراقبة للسرعة على طول هذه المسافة، إضافة إلى الشارات المحذرة بهذا الخصوص، لردع أي مخالفة سرعة».
نحتاج إلى قانون استثنائي يصدر عن وزير الداخلية لضبط السرعة عند 60 كلم على هذا الأوتوستراد
مسؤول أمني أكد لـ«الأخبار» أن التقارير المختصة تؤكد أن حوادث السير والصدم في فصل الدراسة الحالي، زادت على الأوتوستراد المذكور بنسبة 60 في المئة. ولفت المسؤول الأمني إلى أن أسباب هذه الحوادث كثيرة، «تبدأ من انعدام وجود جسور للمشاة في المناطق المكتظة بالعابرين، وعدم وجود شارات تحذيرية». رداً على سؤال عن تراجع دور «شرطة السير» وضبط مخالفات السرعة، يتحدث المسؤول عن تقلص دوريات رادارات المراقبة، والحواجز المتنقلة، وذلك بسبب «ما كان ينجم عنها من ازدحام خانق، وتعطيل أعمال الموظفين»، من دون أن ينفي أن من مهمات الدوريات ضبط مخالفات السرعة الزائدة ومخالفات السير بالاتجاه المعاكس «المتكاثرة في تلك المنطقة»، مكرراً «أن الحل الجذري يكون بإنشاء جسور للمشاة؛ لأن هذه الجامعات قرب الأوتوستراد تضم طلاباً كثراً، وهي ليست مؤقتة». أما في ما يتعلق بكاميرات المراقبة الحديثة، فقال المسؤول الأمني إن «هذه الكاميرات مهمة، لأنها تضبط السرعة من دون أن تسبب ازدحام سير. نحتاج إلى قانون استثنائي، يصدر عن وزير الداخلية لأن نعتمد ضبط السرعة فوق 60 كلم على هذا الأوتوستراد، من الصباح حتى السادسة مساءً».
من جهة ثانية، نقل موقع «النشرة» الإلكتروني حديثاً تلفزيونياً أدلى به أمين سر «اليازا» كامل إبراهيم، حيث رأى أن «الرادارات وزيادة قيمة الغرامة كافيتان لردع المواطن عن السرعة وارتكاب المخالفات»، لافتاً إلى أن «عمل الجمعيات يتمحور حول التوعية والتعاون مع أجهزة الدولة، إلا أنه لا يمكن انتظار الكثير منه على مستوى النتائج؛ إذ يجب أن يترافق وعملاً مؤسساتياً قانونياً صارماً وحقيقياً».
وقد أشار إبراهيم إلى أن «اليازا» تتوجه «إلى آلاف الطلاب في جميع المدارس ومختلف المناطق اللبنانية، لا في بيروت وجبل لبنان فقط. وأكثر ما تركّز في عملها على الجيل الصغير الذي من الممكن أن يقتنع بعكس الشباب. بالإضافة إلى ذلك، نحن نعمل مع البلديات من خلال تدريب الشرطة فيها وإقامة ندوات في كل المناطق. كذلك نركز نشاطنا على الحملات الإعلانية والإعلامية التي تنشر عبر الوسائل الإعلامية». ويلفت إلى «إيجابية اعتماد طريقة النقاط السود على دفتر السوق للمساعدة على تشديد العقاب على السائقين».


طلاب الجامعة وطريق الموت

بين أطراف بلدة سعدنايل، يبدأ الأوتوستراد الذي قرر طلاب الجامعة اللبنانية تسميته «أوتوستراد الموت» يزيد عمر هذه الطريق على عقد، أو ربما 15 عاماً. تمثّل خط سير «دولياً» بحسب البعض. الأهم أنها تربط منطقتي البقاع الأوسط والشمالي. قرب الأوتوستراد تقع مباني كليات تابعة للجامعة اللبنانية ومعاهد أخرى، يزيد عدد الطلاب فيها على عشرة آلاف. معظمهم يأتون من مناطق بعيدة. وثمة مكاتب للعمل على جانبي الأوتوستراد. المتابعون يتحدثون عن وقوع عشرات الجرحى، وعن وقوع قتلى على هذه الطريق. ويروي المتابعون كذلك أنه عند افتتاح هذا الأوتوستراد، كثرت الوعود التي تلقاها الأهالي والتي أكدت تطويره واعتماد الآليات التي تحفظ سلامة العامة. لكن اللافت أن «الآليات» المرتقبة لم تتحقق رغم مرور السنوات.


لقطة

يعترف متابعون بأن اعتماد رادارات ضبط مخالفات السرعة دفع سائقي السيارات في لبنان إلى القيادة بطريقة سليمة. وكانت «الأخبار» قد نقلت عن مسؤول أمني قوله إن الرادارات المعتمدة على الطرقات اللبنانية تعطي هامشاً للخطأ باحتساب السرعة بنسبة 10 بالمئة، وذلك عملاً بمبدأ معمول به عالمياً. فمثلاً، السرعة القصوى على الأوتوسترادات هي 100 كلم في الساعة، لكن لا يُحرر محضر ضبط المخالفة إلا إذا رصد الرادار أن الآلية كانت تسير بسرعة 111 كلم في الساعة. بحسب المسؤول المعني بشؤون السير، إن المدّة المفترضة لتبليغ المخالف بمحضر الضبط، هي أسبوعان في حد أقصى، لكن سيُعمل قريباً على تقليص هذه المدة من خلال إجراءات أكثر سرعة تُعلنها وزارة الداخلية والبلديات.