strong>رفع أمس أحد الأشخاص الذين اعتقلوا لنحو أربع سنوات تعسّفاً صوته أمام المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. فالمحكمة لا تزال تعرقل ملاحقة المسؤولين عن الاعتقال التعسّفي عبر احتفاظها بالقرائن التي تحتاج إليها هيئات قضائية أخرى منها محكمة دمشق
قرّر القاضي أنطونيو كاسيزي رئيس المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، يوم الجمعة الفائت، رفض طلب اللواء الركن جميل السيد تنحية القاضيين رالف رياشي وعفيف شمس الدين عن دائرة الاستئناف التي يفترض أن تنظر في طعن المدعي العام الدولي دانيال بلمار بحكم صدر عن قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين بخصوص تسليم السيد مستندات تتيح له مقاضاة المسؤولين عن اعتقاله التعسّفي. وعبّر السيّد أمس عن استنكاره لكون القرار الذي صدر عن كاسيزي قد «استند إلى مغالطات وتحريف للوقائع ارتكبها القاضي رياشي في ردّه الخطي على طلب تنحيته». ووجّه السيد دعوة علنية إلى كاسيزي لتعيين فريق فني لإخضاعه ورياشي لآلة كشف الكذب في لاهاي، لإثبات أن القاضي رياشي «أخفى وحرّف خمسة وقائع». وقال السيّد إنه مستعدّ لـ«دفع نفقة فريق آلة كشف الكذب إذا لم تتوفر لدى المحكمة الدولية اعتمادات مالية لهذه الغاية».
قبل عرض الوقائع الخمسة التي يفترض أن يواجه بها رياشي، لا بدّ من التذكير بأن هذا الأخير ترأس هيئة قضائية نحّت المحقق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي الياس عيد بعد مرور نحو عامين على تعيينه. ولا بدّ من التذكير أيضاً بأن رياشي كان من بين قضاة المجلس العدلي الذي أصدر في 25 حزيران 1999 حكماً بالإعدام في جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي، يراه العديد من السياسيين في الفريق الحاكم حكماً خضع لاعتبارات سياسية لا لاعتبارات عدلية.

خمسة «حقائق» أمام رياشي

الأمور الخمسة التي يطالب السيد بعرضها على نائب رئيس المحكمة الدولية رالف رياشي ليتبين إذا كان يعترف بحقيقتها أو لا وهو تحت رقابة «آلة كشف الكذب» هي:
أولاً: لإذا كان رياشي يعلم، وبتنسيق مسبق مع مدعي عام التمييز سعيد ميرزا، بأن الهدف من تنحية المحقق العدلي الياس عيد في 6 أيلول 2007، كان منعه من اتخاذ قرار بالإفراج عن السيد وضباط آخرين.
ثانياً: إذا كان رياشي يعلم، وبالتنسيق مع القاضي سعيد ميرزا، بأن الحجّة التي استُعملت لتنحية القاضي الياس عيد حينذاك على اساس أنه كان يتقاضى قسائم محروقات من الأمن العام، وأن شقيقه طبيب متعاقد مع الأمن العام منذ عام 2003، أي قبل سنتين من جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كانت حجة شكلية لتبرير التنحية. خصوصاً أن رياشي نفسه وقضاة آخرين كانوا يتقاضون قسائم محروقات في زمن السيد في مخابرات الجيش، وكذلك ميرزا كان ولا يزال يتقاضى 600 ليتر شهرياً من الأمن العام في زمن اللواء وفيق جزيني.
ثالثاً: إذا كان رياشي يعلم بأن عيد، «وبناء على ضغوط ميرزا ولجنة التحقيق الدولية»، قد أصدر مذكرة توقيف بالسيد منذ 3 أيلول 2005، وأنّ هذه المذكرة استمرّت بعد ذلك لمدة سنتين ونصف، «وكان عيد حائزاً خلالها على رضى ميرزا والنائب سعد الحريري، وبالتالي لم تُثر مسألة حصوله على منحة محروقات أو تعيين شقيقه طبيباً إلّا بعدما أبلغ الياس عيد ميرزا بنيّته تحرير الضباط في عام 2007، فقدم إثر ذلك المحامي محمد مطر وكيل النائب الحريري دعاوى شخصية لتنحية عيد لمنعه من تنفيذ تلك النية على حدّ قوله حينذاك».
رابعاً: إذا كان رياشي قد تلقّى ثلاث رسائل خطية من السيد، يطلعه فيها على الوقائع أعلاه ويطلب منه تحكيم ضميره. وإذا كان رياشي قد تلقى من السيد رسالة رابعة وأخيرة في العاشر من أيلول 2007 بعد تنحية عيد، يلومه فيها على انحرافه وانحيازه، وقد طبعت تلك الرسالة في مكتب محامي السيد لإضفاء الطابع الرسمي عليها. (انظر الكادر)
خامساً: إذا كان رياشي قد تلقّى وعداً مسبقاً بتعيينه عضواً في المحكمة الدولية بناء على دوره في صياغة نظام المحكمة وفي تنحية عيد، وهو ما دفع السيد إلى تقديم اعتراض خطي للأمم المتحدة في مطلع عام 2008 وحتى قبل تعيين رياشي رسمياً في عضوية المحكمة الدولية.

شمس الدين تجاهل الإدانة

أوضح اللواء السيد في بيان صدر عنه أمس أنه «بالنسبة إلى تنحية القاضي عفيف شمس الدين فإن الطلب كان مستنداً فقط إلى كون هذا الأخير قد جرى تعيينه في ظلّ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي كان قد أدانها فريق الأمم المتحدة في قضية الاعتقال السياسي والتعسفي للضباط الأربعة. وبالتالي فقد تجاهل شمس الدين أن تلك الإدانة قد حصلت من مرجعية دولية لا من السيّد».
حاولت «الأخبار» الاتصال بالقاضيين شمس الدين ورياشي في لاهاي لنقل وجهة نظرهما في كلام السيّد، لكن مسؤولين في المحكمة الدولية قالوا إنهما يرفضان التعليق.
(الأخبار)


عرض بيروقراطي

صدر مساء أمس قرار عن دائرة الاستئناف في المحكمة الدولية، قضى بإلغاء طلب القاضي أنطونيو كاسيزي رأي الأمم المتحدة بشأن تسليم مستندات تعود للجنة التحقيق الدولية إلى اللواء جميل السيّد. جاء قرار دائرة الاستئناف بعدما نحى كاسيزي نفسه عنها، معترفاً بالخطأ الذي ارتكبه بعدما طعن السيد بقرارين صدرا عنه قبل تأليف دائرة الاستئناف.
القاضي رالف رياشي تولى رئاسة دائرة الاستئناف بعد تنحي كاسيزي، وقرّر إلغاء قرار بتجميد العمل بحكم فرانسين وعاد واتخذ قراراً بتجميد العمل بذلك الحكم لحين بتّ الدائرة شأنه.
لكن بدا أمس كلّ ذلك أشبه بعرض بيروقراطي يهدف إلى كسب الوقت وتحسين صورة رياشي بانتظار صدور القرار الاتهامي.


دنيال بلمار يردّ على فرانسوا رو

صدر عن دنيال بلمار، المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ردّ على رئيس مكتب الدفاع الفرنسي فرانسوا رو، جاء فيه أن هذا الأخير تقدّم بموقف في غير مكانه في قضية الرأي الذي عبّرت عنه الأمم المتحدة بخصوص تسليم مستندات الى اللواء جميل السيّد. وكان رو قد رأى أن اعتبار الأمم المتحدة أن تقارير لجنة التحقيق الدولية تعود إليها، وأنه لا يمكن استخدام تلك التقارير إلا بإذن منها إنما يمثّل عقبة أمام عمل مكتب الدفاع. بلمار قال في مذكّرة رفعها الى دائرة الاستئناف، إنّ ما تقدم به رو ليس فقط سابقاً لأوانه، بحيث أن لا علاقة لمكتب الدفاع بالأمر خلال هذه المرحلة من الإجراءات، بل إنه يتجاوز الدور المحدّد للدفاع في قواعد الإجراءات والإثبات الخاصّة بالمحكمة.