بنشعي ــ فريد بو فرنسيس«بين تشرين وتشرين صيف تاني». صدق المثل، وعاد «الصيف» في عزّ بدء فصل الشتاء، ليسيطر بطقسه الحار على معظم المناطق اللبنانية. هذه العودة دفعت معظم سكان قرى الساحل وبلداته إلى سلوك طرق المناطق الجبلية، ومنها بلدة بنشعي، حيث البحيرة السياحية الشهيرة. عند أطراف البحيرة، عادت الحركة التي انقطعت لبعض الوقت إلى سابق عهدها. عاد الأطفال إلى اللهو والشباب إلى السباحة والعائلات إلى التنزه، والحافلات السياحية الكبيرة التي تنشط في نقل المتنزهين إلى ساحات بنشعي الفسيحة.
هكذا، مدّد الصيف الحاضر على حين غفلة عمل المقاهي والمتنزهات في البلدة، بعدما كادت تتوقف بسبب هطول الأمطار في الفترة الأخيرة وانخفاض درجات الحرارة. لكن، ليس الصيف وحده ما أعاد الوهج إلى بحيرة بنشعي، فقد زادت، أخيراً، القيمة السياحية للبحيرة، بعدما افتتح على مقربة منها «متحف الحيوانات المحنطة» الذي وُضع في خدمة زوار البحيرة من محبي الحيوانات الضخمة والنادرة. غابة من الحيوانات المتنوعة والنادرة لم تكن موجودة إلّا على شاشة التلفاز، وقد اجتذبت الأطفال خصوصاً. ريتا حموي واحدة من الأطفال التي تواظب على الحضور إلى البحيرة كلما «سنحت لها الفرصة»، تقول الوالدة مهى وتضيف «أصبحت متعلقة جداً بها لأن الحيوانات التي تعرض هنا في المتحف نادرة ومن الصعب أن تجد متحفاً مماثلاً له في لبنان». فكرة إنشاء المتحف «جاءت انسجاماً مع الواقع البيئي للبحيرة»، يقول شربل مارون، صاحب المتحف الذي يضم «نحو ثلاثة آلاف حيوان محنط من كل أصقاع الأرض من أوروبا وأميركا وآسيا وأفريقيا وأستراليا». ويلفت مارون إلى أن «الحيوانات المعروضة لم تُصطد أو تُقتل، بل أتينا بها من مصادر عدة في العالم، بعدما نفق بعضها لسبب ما في حديقة معينة، غير أنني أقوم بتحنيطه في مراكز متخصصة خارج لبنان». ثمة طريقة أسهل لجمع هذه الحيوانات «وهي شراؤها محنطة من مكان واحد»، يضيف مارون. كل شيء موجود في هذا المتحف، واللافت أنّ كل أنواع الحيوانات المتوحشة والأليفة اجتمعت في مكان واحد: الأصداف. الأسماك. الطيور. الدب القطبي. الحمار الوحشي. السلاحف. الفراشات. الأفاعي... وقد جعل هذا التنوع من البحيرة مقصداً لمحبي الحيوانات وعشاق السباحة الفرحين بشمس بنشعي التي لا تغيب.