حبوب بمختلف الأشكال والألوان تغزو الصيدليات والتلفزيونات والعقول اللبنانية، والهدف منها واحد: التمتع بجسد رشيق في أسرع وقت ممكن ومن دون عناء. إلا أن مشكلة الوزن الزائد أعمق من أن تحل فقط بحبوب قد تؤدي إلى الموت أحياناً
نادين كنعان
«عندما يزيد وزن شخص ما ومقاسه، تكون كميّة الشحوم في جسمه قد زادت، وحينها تُعَدّ زيادة الوزن مرضاً». بهذه البساطة، تعرّف اختصاصية التغذية، الدكتورة رولا حمدان، مشكلة السمنة، وتكمل، شارحةً ما يحدث في الجسم فعليّاً: «هورمون الحرق يضعف، بينما يقوى هورمون الجوع وتختلّ معدلات الإنسولين في الدم. فالسمنة مرض جيني». وتجزم حمدان بأن الحل الأوّل الواجب اللجوء إليه لمعالجة هذه المشكلة هو اتباع حمية غذائية. وهناك عدة أنواع من الأنظمة الغذائية المنحّفة: نظام يعتمد على الوحدات الحرارية المعتدلة، ونظام يعتمد على النشويات، وآخر على البروتين المعدّل، وغيرها.
وتمر هذه العملية بمراحل شتى. أولاً، يكون الاعتماد على نظام غذائي للوصول إلى الهدف لمدّة ستّة أشهر، وفي حال التأخر في الوصول إلى النتائج المرجوّة، يُطلب من المريض ممارسة الرياضة. كذلك، يلجأ الطبيب إلى تغيير نوعية النظام الغذائي. أما إذا ثبت عدم جدوى ذلك أيضاً، فيُنصح المريض باستعمال نوع محدد من أدوية التنحيف أو المكمّلات الغذائية لتسريع عملية الحرق، وذلك لمدة لا تتعدى أربعة أسابيع إذا كان الدواء مصنوعاً من الأعشاب. وفي أسوأ الأحوال، حين تبوء كل تلك المحاولات بالفشل، ويتضح لاختصاصي التغذية أن المريض يعاني مشاكل صحيّة ونفسية خطيرة، يحوّله إلى طبيب معدة لدراسة إمكان إجراء عملية ربط لمعدته.
تشدد حمدان على ضرورة عدم تصديق المعجزات التي يمكن الأدوية المنحّفة أن تحدثها. فهي قد تساعد في تخفيف الشهيّة أو تسريع عمليّة الحرق، إلّا أنها من المستحيل أن تزيل كميّة الدهون الزائدة، من دون اتباع نظام غذائي صحي. فـ«أي وزن يخسره الشخص بسرعة يكون عبارة عن ماء أو سكّر». ولهذه الأدوية مخاطر مؤكدة، كالأرق، وتسريع دقّات القلب، والنشفان في الفم، بالإضافة إلى جفاف الماء من الجسم، والكآبة، ولزاجة في الأمعاء، وإسهال وانتفاخ، فضلاً عن الإصابة بأمراض خطرة في الكلية أو المعدة، والشلل وآلام المفاصل، وآلام في الرأس والبطن وتقيّؤ، وصولاً إلى... السرطان، أو حتى التسبب بالموت بالنسبة إلى من يعانون ضغط دم مرتفعاً، لأنها في أغلبها تحتوي على مادة الكافيين، أو مواد مشابهة كالإيفيدرين، التي تُستَر تحت أسماء مواد أخرى على لائحة المكونات، لأنها تؤثر على عضلات القلب، وقد توصل دقاته إلى 200 دقة في الدقيقة. «قال لي أحد الأطباء الأميركيين مرّة، إنه لو كان هناك حبة سحرية فعلاً، لما وجدنا شخصاً واحداً بديناً في الشارع»، تقول حمدان، التي ترى أن توعية الأشخاص الذين يرغبون في استهلاك هذا النوع من الحبوب، بالغة الضرورة. «يجب أن يتعرفوا إلى الأنواع الخطرة من الأعشاب والمواد الكيميائية، وأيها مرخص من وزارة الصحة أو «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» (FDA) وأيها لا، وخصوصاً أن المستحضرات غير المرخصة منتشرة بكثرة في الأسواق اللبنانية». كذلك، تؤكد حمدان ضرورة الحرص على الاستمرار في مراقبة الوزن، لأن التخلص من الوزن الزائد لا يعني الشفاء من المرض.
أظهرت دراستان أجرتهما الجامعة الأميركية في بيروت في عام 1997 وعام 2008، شملتا 3000 شخص، أن نسبة زيادة الوزن في لبنان بلغت 53%. وأكدت الدراستان أن نسبة الوزن الزائد لدى الصغار من الذكور أكبر من تلك الموجودة لدى الإناث، وقد ارتفعت نسبة السمنة عندهم عن عام 2007 الضعف تقريباً، وسجلت 10% عام 2008. وفي مقارنة بين نتائج عامي 1997 و2008، نجد أن نسبة زيادة الوزن عند الشباب الذين يتخطى سنهم العشرين عاماً زادت خلال عشر سنوات من %50 إلى 65%، ووصلت معدلات السمنة إلى 25% بعدما كانت 17% عام 1997.
ترجع حمدان أسباب هذه الظاهرة إلى توافر الأطعمة السريعة، وتغيّر نمط العيش، الذي جعل من الجميع، نساءً ورجالاً، آلات عمل، يفتقرون إلى الوقت اللازم لممارسة الرياضة أو إعداد الطعام الصحي. بالإضافة إلى أن «عدداً كبيراً من اللبنانيين يعانون الفراغ والتوتر، نتيجة عدم الاستقرار، بالإضافة إلى أنهم ما زالوا يحاولون التعافي من آثار ثلاثين عاماً من الحروب التي عصفت بالبلاد».
وختمت حمدان حديثها مستعينة بدراسة أجرتها جمعية الدراسات النفسية الأميركية «American psychological Association» عام 1991، وخلصت إلى أنه في معظم المجتمعات، تصل نسبة الأشخاص الذين يأكلون فوق طاقتهم بسبب التوتر إلى 40%، والذين يأكلون بسبب تأثيرات اجتماعية يمثّلون 40% أيضاً. أما الذين يأكلون عندما يشعرون بالجوع فقط، فهم يقتصرون على 20% فقط.

لقد تم تعديل هذا المقال عن نسخته الأصلية يوم الجمعة ٥ تشرين الثاني ٢٠١٠