بعد مرور أشهر عديدة على قضية تلوّث الغذاء بالمبيدات التي تناقلتها وسائل الإعلام المحلية بكثافة، أظهرت دراسة قامت بها أُستاذتا علوم التغذية في كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت، لارا نصر الدين وزينة قصيفي، أنّ ترسبات المبيدات في خضار الطعام في بيروت وكسروان تطمئن، إذ اتضح أنها أقل بكثير من المستويات والنسب المقبولة دولياً.
وقد استند فريق البحث في دراسته على عيّنة تمثيلية لفئة الراشدين في بيروت ومناطق كسروان شبه الريفية، عبر إجراء مسح للأطعمة التي يستهلكها الراشدون في المنطقتين، وذلك من أجل إيجاد مواصفات لائحة طعامهم في كل منطقة. جمع الباحثون خمس عينات مختلفة من كل نوع من الأطعمة المطروحة في الأسواق المحلية في المنطقتين، بفواصل زمنية متساوية خلال عامي 2008 و2009 وذلك لتقليص الفروق الناجمة عن اختلاف مصادر الأطعمة. وقد خضعت العينات المجموعة للغسيل وفي بعض الأحيان للتقشير والطهو، ومن ثم أُعدّت كما يستهلكها السكان عادةً، للحصول على نماذج طبق الأصل لأطعمة السكان
البالغين.
«إذا ما أجريت إحصاءً لاستهلاك الخس والكوسى وحدهما، فلن يُظهر ذلك شيئاً لأن ما أريد معرفته هو مقدار ما نستهلكه من كل الخضار المستهلكة مجتمعة» كما تشرح نصر الدين.
في النهاية، أظهرت النتائج أن الجرعة اليومية من ترسبات المبيدات داخل المواد الغذائية التي يستهلكها السكان هي عموماً أقل بكثير من المستوى المقبول دولياً، الذي وضعته منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية، أي إنه يمكن استيعابها على مدى الحياة من دون أيّ تأثير سلبي على الصحة. فمن بين ترسبات المبيدات الثلاثة والأربعين المعروفة التي جرى الاستقصاء عنها، تبيّن وجود 12 منها فقط بعد تحليل عينات الطعام، كما تبيّن خلوّ الكثير من العينات من نسبة ترسبات مبيدات يمكن كشف وجودها، وذلك بسبب ضآلتها. ويمكن عزو ذلك إلى أن الغسيل والتقشير وحدهما يمكن أن يخفضا من نسبة وجود ترسبات المبيدات في المنتجات الغذائية خفضاً ملحوظاً، على حد قول الدكتورة نصر الدين. وتقول الباحثتان إنّ الإحاطة بحجم التعرض الغذائي لترسبات المبيدات على الصعيد الوطني ستتطلب إجراء دراسات مماثلة لأكثر من مرّة، وعلى فئات غذائية أخرى كالمنتجات الحيوانية، فـ «هذا النوع من الدراسات هو بمثابة لقطة فوتوغرافية ظرفية، لأن مستويات التلوث تتبدّل. لذلك، يجب إجراؤها بطريقة منتظمة، وهو أمر غير متّبَع حتى الآن»، كما تؤكد نصر الدين.