القصة بدأت قبل نحو 3 أعوام حين تقدّم وكيل شركة «لايف ستايل» بدعوة على مؤسسة ع. للتجارة (مركزها في الشمال)، وفي متنها أن الجهة المدعية اشترت من المُدعى عليها 258 متراً مربعاً ونصف متر من بلاط الموزاييك، دفع الشاري مبلغ 7 دولارات وربع دولار عن المتر المربع الواحد، وجرى تركيب البلاط في مركز الشركة في انطلياس، لكن بعد حوالى عام على التركيب، ظهرت على البلاط بقع سوداء وتشقّقات. عند هذا الحد، أنذرت الجهة المدعية مؤسسة «ع»، مطالبةً إياها بإصلاح الضرر الذي يلحق بالبلاط، وطالبتها بتعويض عن العطل والضرر. لكن هذه المطالبة لم تلقَ آذاناً مصغية. ولما سُدّت أبواب التفاهم، اتجهت الشركة المتضررة إلى القضاء لحل المشكلة.في إطار التحقيقات في القضية، ردت الجهة المدعى عليها بأنّ استعمال أدوات تنظيف معينة هو ما أضرّ بالبلاط، وأن الجهة المشترية اختارت بضاعة بثمن رخيص، وقد صرحت الجهة المدعى عليها بأنها هي من صنَّع البضاعة بناءً على طلب الشركة المدعية، وأن ممثليها عاينوا البضاعة قبل تسلمها. وأضافت الجهة المدعى عليها أن الرطوبة من الأسباب التي أدت إلى الإضرار بالبلاط أو أعمال التركيب.
كان قد صدر عن قاضي الأمور المستعجلة في المتن قرار قضى بتعيين خبيرة مهندسة لإجراء كشف على البلاط في مركز الشركة، فجاء في تقريرها تأكيد أن البلاط يُعاني عيوباً في المواد المصنّع منها، ولا سيما من حيث كمية البحص المستخدمة وقشرته «وهو دون الحد الأدنى لجهة مواصفات بلاط الموزاييك ولا يصلح للأرضيات»، خلال الاستماع إلى الخبيرة كرّرت الكلام عن رداءة نوعية البلاط والعيب في مواد التصنيع، وعدم صلاحيتها للأرضيات، متحدثةً عن وجود البقع السوداء والتشققات، ونافيةً وجود عيب في أعمال التركيب أو الرطوبة. كانت الجهة المدعية قد تقدمت بشكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في الشمال «التي ادعت على المدعى عليه بجرم الغش»، وقد طالبت الجهة المدعية بإلزام مؤسسة «ع».
سلكت القضية طريقها في أروقة القضاء، وحطت أخيراً لدى القاضي المنفرد الجزائي في البترون منير سليمان، الذي لفت في نص الحكم الذي أصدره أخيراً إلى أن المدعى عليه لم ينكر أمام المحكمة مسألة عدم جودة البلاط، بل أكد ذلك متذرعاً بالثمن البخس والمواصفات المطلوبة من الجهة الشارية، لكن الحكم يشدد على أنه ليس للبائع أن يُخرج من مؤسسته بضاعة غير صالحة ولا تتلاءم مع الحد الأدنى للجودة مهما كان السبب «حتى لو طلب الشاري منه ذلك... فما يُعرض للبيع أو ما يُصنّع إما أن يكون صالحاً للاستعمال للغاية المعدّ لها، أو لا يكون، أي لا يُصنع ولا يُباع».
في الحكم نقرأ أن المدعى عليه «أقدم على تصنيع وبيع مُنتج غير صالح للاستعمال وفقاً للوجهة والغاية المعد لها، مقترفاً الغش في هذا المُنتج، ومرتكباً الجنحة المنصوص عنها في المادة 607 عقوبات، مما يستوجب إدانته على هذا الأساس»، لكنه يلفت أيضاً إلى أن الجهة الشارية تتحمّل شيئاً من المسؤولية فكان «عليها إما استدراج العروض للوقوف على صحة الثمن المتفق عليه مع المدعى عليه، أو على الأقل السؤال عن هذا الموضوع، وبالتالي أمكنها على الأقل الشك في جودة البضاعة، أو أنها كانت تعلم أنّ ثمن البضاعة أقل من الثمن العادي، وعندها قبلت المخاطرة لناحية الجودة، وبالتالي تكون قد اقترفت خطأً من جهتها أدى إلى المساهمة في الضرر... ما يقتضي تحميل الجهة المدعية خمسين في المئة من قيمة الأضرار اللاحقة بها».
قضى الحكم بإدانة صاحب المؤسسة المدعى عليها وتغريمه مبلغ 600 ألف ليرة، وإلزامه بأن يدفع للشركة المدعية مبلغ ثلاثة ملايين واثنين وخمسين ألف ليرة.