تناول اللواء الركن جميل السيّد أمس موضوع اللوائح المتبادلة بينه وبين مدعي عام المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري دانيال بلمار حول تسليمه الأدلّة المرتبطة بقضية شهود الزور. وأوضح أن المهلة الأخيرة التي حددها قاضي ما قبل المحاكمة دانيال فرانسين لكل من بلمار والسيّد لتبادل اللوائح والردود انتهت يوم الجمعة في 17/12/2010، حيث قدّم بلمار الحجج التي تدعم موقفه الرافض تسليم الأدلّة المتعلّقة بشهود الزور، فيما قدّم السيّد الحجج المعاكسة التي تسوّغ تسليمه تلك الأدلّة.
وأسف السيّد لتسليط «بعض أصحاب المواقف السياسية اللبنانية الداعمة لشهود الزور الضوء على اللائحة الأخيرة لبلمار وإهمال لائحة السيّد، لإيهام الرأي العام بأن بلمار قد أصدر قراراً ضد اللواء السيّد»، وشرح أن بلمار لا يُعدّ مدعياً عاماً في قضية شهود الزور لأنها خارج صلاحية المحكمة الدولية، «بل هو مجرد خصم قانوني للسيّد، وهما متساويان تماماً» أمام القاضي فرانسين الذي سيحكم بينهما في الأيام المقبلة.
بلمار كان قد استند في تبرير رأيه بعدم تسليم الأدلة في قضية شهود الزور بأن السيد ليس متهماً أو مشتبهاً فيه ولا موقوفاً، وبالتالي لا تنطبق عليه القوانين الدولية ولا مبادئ حقوق الإنسان، ولا يحقّ له الاطلاع على ملفه أو الحصول على المستندات المتعلقة بشهود الزور. أجاب السيد بأنه لو لم يخالف بلمار ورؤساء لجنة التحقيق ومعهم القضاة اللبنانيون، ميرزا وصقر وعيد، القوانين اللبنانية والدولية ومبادئ حقوق الإنسان خلال فترة اعتقال السيد، حيث منعوه طوال أربع سنوات من مقابلة شهود الزور أو الاطلاع على ملفه، لكانت تلك الأدلّة بحوزته.
أما حجة بلمار بأنه لا يمكن إطلاع السيّد على ملفه المتعلق بالتوقيف لأنه لا يمكن فصل ملفّ التحقيق في جريمة الاغتيال عن ملف التوقيف، وأنه لا يمكن تجزئة التحقيق الجاري، فقد أجاب السيّد عليها بأنه إذا كان ذلك صحيحاً فكيف عدّلت المحكمة نظامها الداخلي في تشرين الأول عام 2009 بحيث رأت أنه لا صلاحيّة لها بملاحقتهم ومحاسبتهم في حين أن ملف شهود الزور هو جزء لا يتجزأ من ملف التحقيق والتوقيف السياسي والتعسفي؟ وكيف يبرّر بلمار أنه صرح علناً لتلفزيون المستقبل عام 2009 ولموقع Now Lebanon عام 2010 بأن محمد زهير الصدّيق مثلاً قد أصبح خارج التحقيق ولن يقدمه شاهداً ولم يعد أمره يهمّ المحكمة الدوليّة؟
بلمار رأى أن مداولاته مع ميرزا حول الإفراج عن السيّد سرية لا يمكن الإفصاح عنها، وأنّ تسليمها سيعرّض الأمن اللبناني للخطر كما سيعرض الثقة بينه وبين ميرزا للاهتزاز. أجاب السيّد بأن هذه المداولات قد تكون سرية على الغير، لكنها قانونياً لا يجوز أن تكون سرية على السيّد المعتقل.
وقدّم السيّد لفرانسين نسخة عن وثائق ويكيليكس حول اجتماع بلمار بالسفيرة الأميركية ميشيل سيسون في مطلع 2009، التي تداول معها في موضوع اعتقال السيد، وأخبرها بأن ميرزا لا يريد الإفراج عن الضبّاط، وأنه في حال الافراج عن السيد سيترشح الأخير للانتخابات النيابية عام 2009. فكيف تكون مداولات بلمار سرية فقط على السيّد؟ وكيف بالمقابل تكون مداولات بلمار غير سرية على سيسون، التي لا علاقة لها إطلاقاً بالتحقيق؟
وأجاب السيّد على على قول بلمار إن تسليمه الأدلّة عن شهود الزور سيعرّض حياتهم للخطر، بأن القوانين اللبنانية والدولية تحمي «الشهود الحقيقيين» الذين يدلون بإفادات صحيحة في التحقيق، لكن تلك القوانين لا تحمي الشهود الذين يتورطون بإفادات كاذبة وافتراءات. وإلّا فإن منطق المدعي العام بلمار من شأنه أن يعطي حصانة وحماية لكل شاهد زور، ومن شأنه أيضاً أن يشجّع مزيداً من شهود الزور على التورط في التحقيق.