«اختلاف بدون خلاف» هو الشعار الذي اجتمع حوله «شباب يبنون المصالحة -2»، وأطلقوه أمس، من جامعة بيروت العربية، أولى المحطات
ملاك عواد
حلقة من الشباب يتناقشون، صبيّة في الوسط تدير دفة الحوار، كاميرات توثّق الحدث، ومكتبة ـــــ كارافان حطت رحالها فاتحة أبوابها لكل من يرغب في الاطلاع على محتوياتها: هكذا بدا مشهد «المصالحة» صباح أمس في جامعة بيروت العربية.
جاء شبان وشابات من الأطياف السياسية والدينية والاجتماعية كلها، بعناوين مختلفة يوحّدها هاجس نبذ الخلافات: بعضهم يعمل في الجمعية اللبنانية للتربية والتدريب (ألف -(ALEF، وبعضهم في جمعية قوس قزح (arc en ciel). نسّقوا مع إدارة الجامعة العربية في بيروت ومع أعضاء نادي حماية البيئة فيها، ليطلقوا أولى فعاليات نشاطهم الذي يحمل شعار «اختلاف بدون خلاف»، يوم أمس من حرم الجامعة.
تحلقوا جميعاً بشكل دائري يحاكي طاولة الحوار المشهورة. إلا أن شباب تلك الحلقة أتوا فعلاً ليتواصلوا، بعيداً عن زوايا السياسة التي صعب على السياسيين تدويرها حول طاولة الحوار التي جمعتهم لأشهر طويلة في المجلس النيابي.
يتوزع النشاط على 4 أيام: يوم للتلاقي، آخر للكره، يليه يوم للبيئة، إلى أن يأتي أخيراً يوم للتكريم تختم فيه النشاطات في الجامعة لتنتقل الى جامعة القديس يوسف، فالدامور، المقر الدائم لجمعية «ألف».
منذ بضعة أيام، علّقت الإعلانات في جميع أنحاء الجامعة تدعو الطلاب إلى المشاركة في النشاط، بإشراف 14 من المتطوعين الدائمين في الجمعيتين المذكورتين. لبّى النداء 24 طالباً.
خلال اليوم الأول الذي خصّص للتعارف، تعمّد بعض المتطوعين إعلان دينهم من خلال صليب أو هلال رسموهما قرب أسمائهم المدونة على بطاقات التعريف التي علقوها على صدورهم، ليثبتوا للطلاب لاحقاً خطأ لجوئنا إلى تصنيف الآخر دينياً قبل أن نتعامل معه.
أما يوم الكره، فقد بدأ بنقاش بين الشباب حول الأقليات والأكثرية خلص الى أهمية أن يحظى كل فرد بالاحترام. ورُسّخ المبدأ عبر لعبة تثقيفية، فالجمعية تستخدم أسلوباً تعليمياً غير مباشر عبر اللعب: ركب الطلاب باصاً وهمياً كتب على كل مقعد منه صفة الجالس عليه: مثلي (ة) الجنس، فتاة محجبة، رجل مقعد، عاملة جنسية، امرأة بدينة وسائق سريلانكي الجنسية. شرع المتطوعون بتمثيل الأدوار الموكلة إليهم وجلس الى جانب كل منهم شاب آخر. فالشاب قرب البدينة «قرف» منها، الفتاة قرب مثلية الجنس خافت على نفسها، الشاب تحرّش بالعاملة، وجميعهم تكلموا بفوقية مع سائق الباص السريلانكي الأصل. بعدها، تحلق الطلاب مجدداً لمناقشة ردود فعلهم وأوضح لكل منهم علله بالحكم على الآخر ورفضه عوضاً عن تقبله.
وبينما شكّل يوم البيئة «نقطة اللاخلاف» كما وصفها د. عمر الخوري، منظم وأستاذ في الجامعة، لفتت ريم معاصيري إحدى المنظمات، إلى أن «بعض الصعوبات قد واجهتنا مع الطلاب. فالكل يأتي ليتغيّر لكن التغيّر يتطلب مجهوداً لا يتوقعونه».
فهدف النشاط الأول هو إلغاء الحواجز بين الطلاب، وتلقينهم أن إلغاء الآخر، أو تمييزه ومعاملته بعنصرية هو سلوك مرفوض، لكن لم يكن هناك مفرّ من بعض الهمز والغمز الذي دار بين بعض الطلاب المشاركين الذين اعتبروا أنهم «مش مجبورين نتقبّل المثليين».