إعداد: راجانا حميةأغلب الظن، أن الكثير من الناس خبروا أو سمعوا على الأقل هذا "المصطلح". وربما، سيكون أمراً غريباً لو أن هناك أحداً لم يسمع بهذا المرض الذي يصفه الأطباء "بالشائع جداً". بتعبير آخر، المرض "الشعبوي". وبحسب التعريف الطبي، يعدّ مرض البواسير أكثر اضطرابات الشرج شيوعاً عند الرجال والنساء على حدّ سواء، حتى إن نسبة شيوعه أكثر مما نظن.

وهنا، تقول الدراسات أنه حتى سن الخمسين، يعاني نحو النصف من البالغين من مشاكل الحكّة أو عدم الراحة في جلوسهم والنزيف في بعض الأحيان بسبب هذا المرض، غير أن معظم المصابين به يخفون إصابتهم بسبب طبيعة المشكلة المثيرة للحرج. أضف إلى ذلك أن البعض لا يتنبه كثيراً لوجوده، كونه ليس من الأمراض الخطيرة أو المهددة للحياة. فما هو هذا المرض؟ وما هي أعراضه؟ وكيف يمكن العلاج منه؟
البواسير هي أوردة بارزة ومنتفخة في فتحة الشرج وفي الجزء السفلي من المستقيم، وتتكون نتيجة مجهود ما في عمل الأمعاء أو نتيجة لضغط شديد على هذه الأوردة، كما يحدث لدى النساء في فترة الحمل، مثلاً. ثمّة من يشبّه هذا المرض بمشاكل الدوالي التي تحدث في الأوعية الدموية في مختلف مناطق الجسم، ولهذا يطلق عليه البعض البواسير بالأوردة الدوالية في منطقة المستقيم والشرج.
تصيب هذه المشكلة الرجال والنساء بنسب متساوية، ويمكن أن تتطور في أي سن، لكن نسبتها ترتفع بعد بلوغ سن الثلاثين، لتبلغ ذروتها ما بين الـ45 و65 عاماً. وبتفصيلٍ أكثر، تشير الدراسات الطبية إلى أن نسبة 50% من الأشخاص الذين بلغوا عتبة الخمسين عاماً وما فوق قد عانوا من البواسير في مرحلة ما من حياتهم.

50% من الأشخاص الذين بلغوا عتبة الخمسين عاماً قد عانوا من البواسير في مرحلة ما من حياتهم



ما أسباب الإصابة بالمرض؟

يوجد في القناة الشرجية الطبيعية أوعية دموية تعرف بالوسائد الباسورية، وهي تسهم في الحفاظ على عضلة معصرة الشرج أثناء مرور البراز، كما تسهم بجزء من ضغط غلق الشرج أثناء الراحة. تصبح البواسير مرضية عندما تتضخم أو تلتهب، وفي هذه الحالة يسمى مرض البواسير. مع ذلك، لا يزال السبب الدقيق لمشكلة البواسير غير معروف، لكنها تحدث في الغالب بسبب الضغط الشديد على الأوردة في منطقة الحوض والمستقيم، وهناك عدة عوامل تلعب دوراً بالتسبب بالمرض، منها:
ـ عدم انتظام حركة الأمعاء (الإمساك المتكرر والمزمن أو الإسهال).
ـ الضغط الشديد والإجهاد عند التبرز.
ـ الاستخدام المفرط للملينات والذي يغير من وظيفة الإخراج الطبيعية.
ـ السمنة وقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، والتي تؤدي إلى كسل في حركة الأمعاء.
ـ عوامل غذائية تتعلق بعدم تناول الغذاء الغني بالألياف وعدم تناول الفواكه والخضراوات بانتظام، وقلة شرب الماء والسوائل بشكل عام.
ـ الأعمال الشاقة التي تتطلب رفع أشياء ثقيلة.
ـ الجلوس لفترات طويلة.
ـ السعال المزمن.
ـ الحمل: أثناء الحمل يضغط الجنين على الأوعية الدموية، كما تُحدث التغيرات الهرمونية ضعفاً في الأغشية وتضخماً في أوردة البواسير، وعادة ما تختفي الأعراض بعد الولادة.
ـ الولادة، من شأنها أن تزيد من الضغط على الأوردة الباسورية.
ـ عوامل وراثية أو عدم وجود صمامات في أوردة البواسير.

"داخلي وخارجي"

تختلف أعراض مرض البواسير، تبعاً للأماكن المصابة، فقد تكون الإصابة في القناة الشرجية (أعلى ما يسمى بالخط المسنن) وتسمى بواسير داخلية، أو قد تحدث بالقرب من فتحة الشرج (أسفل الخط المسنن) فتسمى بواسير خارجية. على هذا الأساس، يختبر المرضى نوعين مختلفين نسبياً من الأعراض.
البواسير الداخلية: غالباً ما ترتبط بنزول دم مع البراز دون حدوث ألم، وعادة ما يغطي الدم البراز، أو قد يلاحظ الدم على ورق التواليت أو في المرحاض، وتشمل الأعراض الأخرى إفرازات مخاطية وحكة وتسرب البراز. أما في الحالات المتقدمة، فقد يحدث هبوط للدوالي الداخلية عبر فتحة الشرج لتبرز خارجياً بشكل واضح، ويصاحبها حدوث ألم شديد.
وتقسم البواسير الداخلية لأربع درجات بحسب هبوطها:

الأولى:

تضخم الأوعية الدموية ونزيفها داخل القناة الشرجية دون تدليها.

الثانية:

تدلي الأوعية المتضخمة أثناء التبرز، لكنها تعود تلقائياً للداخل.

الثالثة:

تدلي الأوعية تلقائياً خارج الشرج، مع الحاجة لردها إلى الداخل يدوياً.

الرابعة:

تدلي الأوعية الدموية بشكل مستمر خارج الشرج مع العجز عن إعادتها للداخل يدوياً.
البواسير الخارجية: أولى عوارضها حدوث انتفاخات حول الشرج، وقد تؤدي للحكة والتهاب الجلد المحيط بها، وحين تصبح كبيرة قد تسبب مشاكل في النظافة، وفي بعض الأحيان، قد يسد الدم البواسير الخارجية ويجذبها نحو الداخل فتتكون "خثرة باسورية" تسبب ألماً شديداً، قد يستدعي فتحها جراحياً، ولكن عادة تفتح تلقائياً ويزول الألم خلال يومين أو ثلاثة أيام، وتلتئم تلقائياً فتختفي التضخمات خلال أسابيع عدّة، ولا يبقى سوى ندبة صغيرة على شكل زائدة جلدية، أو تبقى مقفلة وتترك انتفاخاً بحجم حبة حمص.

العلاجات الممكنة

ثمة نوعان من العلاجات للبواسير، وهي تختلف طبعاً باختلاف النوع المصاب به المريض، فهناك العلاج بالأدوية وهناك العلاج بالاستئصال. ففي الحالة الأولى، يتم اللجوء إلى الدواء إن كانت الإصابة بالبواسير تؤدي إلى الشعور بالانزعاج فقط، وهنا قد يصف الطبيب بعض الأدوية التي تباع دون وصفة طبية مثل الكريمات أو المراهم أو التحاميل. هذه الأدوية تحتوي على مواد مثل "الهيدروكورتيزون" و"ليدوكايين" التي تعمل على تخفيف الألم والحكة.
أما بالنسبة للعلاج بالاستئصال، يجري اللجوء إليه في حال سببت الإصابة بالبواسير الخارجية إلى حدوث تخثر مؤلم. عندها، يقوم الطبيب بالتخلص من هذا التخثر عن طريق إحداث شق لتصريف التخثر والتي تعرف باسم استئصال الخثرة. هذه العملية فعالة بشكل كبير في حال تطبيقها خلال الـ 72 ساعة التي لحقت تكون الخثرة في المنطقة.

* للمشاركة في صفحة «صحة» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]