عدن | من مديرية الصومعة في محافظة البيضاء وسط اليمن، أعلنت القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، والمدعومة من السعودية، الجمعة الماضي، بدء عملية عسكرية لـ»تحرير» المحافظة الخاضع معظمها لسيطرة قوات صنعاء. عملية يبدو أن الهدف من إطلاقها من هذه المديرية تخفيف الضغط عن جبهات محافظة مأرب التي شهدت خلال الأيام الماضية مواجهات عنيفة بين الطرفين، تمكّن على إثرها الجيش و»اللجان الشعبية» من تحقيق تقدّم كبير. ومن غير المستبعد، أيضاً، أن تكون للإعلان في هذا التوقيت، أهداف سياسية، خصوصاً بعد فشل المبادرة العمانية، لكن المهمّ هو أن العملية انطلقت من مديرية واقعة خارج سيطرة قوات هادي، هي مديرية الصومعة.على رغم أن الصومعة تُعدّ من المعاقل المهمّة لتنظيم «القاعدة» في اليمن، إلا أنها باتت، خلال السنوات الماضية، المعقل الرئيس والأهمّ. وهي حازت هذه الأهمّية، بالنسبة إلى التنظيم، بعد أن خسر الأخير أغلب معاقله الرئيسة في المحافظة ذاتها وفي المحافظات الجنوبية الشرقية. وتكمن أهمّية الصومعة، من الناحية الجغرافية، في كونها حدودية مع أهمّ محافظتين يتواجد وينشط فيهما «القاعدة» منذ سنين، وهما أبين وشبوة. لكن الأهمّ من ذلك هو أن الصومعة، إلى جانب مديرية الزاهر، احتضنت عدداً كبيراً من قادة التنظيم وأعضائه، بعد الانحسار الأخير لنفوذه في محافظة البيضاء وفي محافظات يمنية أخرى. ولأجل ذلك، حظيت المديرية باهتمام استخباراتي أميركي خاصّ، تُرجم عملياً إلى عدد كبير من الضربات الجوية التي قتلت العشرات من مسلّحي «القاعدة» وقادته، أبرزهم أبو همام صالح عبد المغني، ومحمد عائض الحرازي. ونظراً إلى تواجده الواسع في الصومعة، انتهج التنظيم سياسة أمنية صارمة ضدّ من يشكّ في عملهم لمصلحة خصومه، وقد كان من ضحايا هذه السياسة الطبيب مظهر اليوسفي الذي أُعدم وصُلب العام الماضي بعد اتّهامه برصد تحركات عناصر «القاعدة» لمصلحة قوات صنعاء. وبعد أسبوع من إعدامه لليوسفي، أقدم التنظيم على تفجير المركز الطبّي الذي كان يعمل فيه الضحية.
وعلى رغم إدانة حكومة هادي لعملية إعدام اليوسفي حينها، إلا أنها أطلقت، هذا الأسبوع، عملية عسكرية ضدّ قوات صنعاء من المديرية نفسها التي أُعدم فيها الطبيب والخاضعة لسيطرة «القاعدة». ومع أن إطلاق عملية من هذه المديرية يؤكد وجود تنسيق مشترك بين الطرفين، إلا أن هذا التنسيق ليس الأوّل من نوعه، فقد قاتل الطرفان معاً في أكثر من جبهة خلال السنوات الأخيرة، باعتراف التنظيم نفسه، على لسان قائده الميداني حمزة الزنجباري، وأميره السابق قاسم الريمي. والأسبوع قبل الماضي، نقل «القاعدة» عدداً من جثث قتلاه في جبهة مأرب، بينهم القيادي أبو البراء الصنعاني، إلى مديرية الصومعة في البيضاء، مع العلم أن كثيراً من جرحاه تلقّوا ويتلقّون العلاج في «مستشفى الهيئة» داخل مدينة مأرب، بحسب مصادر خاصة.