شكّل اقتحام «قصر معاشيق» في عدن، المقرّ الرسمي لحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، الثلاثاء الماضي، ضربة قاسية لـ«اتفاق الرياض»، بعدما جهدت السعودية في الحفاظ عليه، بوصفه «نموذجها» الذي يمكن البناء عليه، بحسبها، لإحلال سلام شامل في اليمن. على أن هذا الاتفاق احتوى، من الأساس، عوامل الشقاق وبذور الصراع، فيما لم تَقدِر الإدارة السعودية على حسم أيٍّ من بنوده الإشكالية، مفضّلةً إرجاءها إلى ما بعد تشكيل الحكومة، لتزداد الأمور تعقيداً، وتتعمّق فجوة الثقة.إزاء ذلك، وجد «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، والذي أُجبر على الانخراط في ما سُمّيت «حكومة المناصفة»، نفسه عاجزاً عن تحقيق مطالب جمهوره من خلال هذه المشاركة؛ فلا رواتب العسكريين والمدنيين صُرفت، ولا سُمح بتصدير البترول من ميناء الضبّة في محافظة حضرموت أو الغاز من منشأة بلحاف في محافظة شبوة بما يتيح تأمين موارد مالية، ولا تمّ توفير مادّة الفيول لكهرباء مدينة عدن، ولا أوقف تدهور العملة والارتفاع الجنوبي في الأسعار. على أنه يبقى السؤال: هل أقدم أنصار «لانتقالي» على ما أقدموا عليه من دون ضوء أخضر إماراتي؟
المؤكد أن قيادات «الانتقالي» لا تتحرّك إلا بعد موافقة أبو ظبي، وهو ما يؤشّر إلى أن الاختلال الحاصل في العلاقة السعودية - الإماراتية، والذي يرجع إلى التنازع على «كعكة» جنوب اليمن، لا يفتأ يتعمّق أكثر فأكثر. إلّا أن السعودية لا تبدو قادرة على إيجاد حلول إزاء ذلك، خاصة بعدما وصلت الأزمة إلى مرحلة الاستعصاء، وتداخَلت فيها عوامل عدّة، داخلية وخارجية على السواء. وهو استعصاء يُجلّيه بوضوح موقف «الانتقالي»، الذي على رغم ترحيبه بالدعوة السعودية إلى الجلوس على طاولة الحوار مجدّداً، وضَع شروطاً يصعب ترجيح موافقة الرياض على تلبيتها، وخصوصاً بعد رفض المجلس المشاركة في معركة مأرب. وفي مقدّمة تلك الشروط «ضمان حياة كريمة للمواطنين»، و«إكمال تنفيذ اتفاق الرياض، بما في ذلك بدء مشاورات تشكيل الوفد التفاوضي المشترك المنصوص عليه في الاتفاق، والذي سيُعنى بتفاهمات وقف إطلاق النار والملفّ الإنساني ومشاورات العملية السياسية، بما يضمن حقوق الشعب الجنوبي وتطلُّعاته الوطنية المشروعة». وفي الاتّجاه نفسه، أعلن «الانتقالي»، أمس، «تعليق الاحتجاجات لمنح حكومة المناصفة فرصة من أجل إيجاد معالجات جادّة ودائمة لعدد من القضايا»، وعلى رأسها «دفع الرواتب، وتوفير الخدمات، ومعالجة الأزمة الاقتصادية، وإصلاح السياسات المالية للدولة، وتفويت الفرصة على المتربّصين الساعين لخلط الأوراق وإثارة الفوضى».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا