نقّحت السعودية روايتها الأولى حول مقتل جمال خاشقجي وضمّنتها بعض العناصر الإضافية في سياق بيان النيابة العامة حول الواقعة، والتي توصّلت في تحقيقاتها إلى أنّ رئيس فريق التفاوض معه الذي كان يهدف إلى إعادة الصحافي المقتول إلى بلاده، هو من أصدر الأمر بالقتل بعد شجار أدّى إلى حقنه بـ«جرعة زائدة» توفّي على أثرها، وأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لم يكن له أيّ علمٍ بالمهمّة.الرواية المرتبكة، وهي الثالثة الرسمية التي تصدر عن النيابة العامة، جاءت لتنسف الرواية الثانية، تلك التي قالت فيها السعودية، يوم الـ 25 من الشهر الماضي، إنّها توصّلت إلى حقيقة أنّ خاشقجي قتل بـ«نيّة مسبقة» على أيدي المشتبه فيهم الـ 18 الذين أوقفوا في 20 تشرين الأول/ أكتوبر. وخلصت التحقيقات السعودية إلى توجيه التهم إلى 11 شخصاً، والإعدام لخمسة من هؤلاء، لتورّطهم في قضية اغتيال الصحافي السعودي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول يوم الثاني من الشهر الماضي.
وأوضح النائب العام في بيانه، أنّه «بناءً على ما ورد من فريق العمل المشترك السعودي ــــ التركي، والتحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع الموقوفين في هذه القضية والبالغ عددهم 21 موقوفاً بعد استدعاء النيابة العامة لثلاثة أشخاص آخرين؛ فقد تم توجيه التهم إلى 11 منهم وإقامة الدعوى الجزائية بحقّهم، وإحالة القضية إلى المحكمة مع استمرار التحقيقات مع بقية الموقوفين للوصول إلى حقيقة وضعهم وأدوارهم، مع المطالبة بقتل من أمر وباشر جريمة القتل منهم وعددهم 5 أشخاص، وإيقاع العقوبات الشرعية المستحقة على البقية. ودعا السلطات التركية إلى التوقيع على آلية تعاون خاصة بالتحقيقات في قضية مقتل خاشقجي، مطالباً أنقرة بتسليم الرياض الأدلة و«كافة التسجيلات الصوتية» التي تمتلكها.
وفي مؤتمر صحافي عقده ظهر اليوم، أشار وكيل النيابة العامة، شلعان الشلعان، إلى أنّ نائب رئيس الاستخبارات السعودية السابق أحمد عسيري هو من أمر بالمهمّة (التي كانت في الأصل تتمثّل بالتفاوض مع خاشقجي)، لإعادته إلى السعودية «بالإقناع أو بالقوة»، وأن «مستشاراً سابقاً» ساهم في الإعداد لـ«عملية استعادة خاشقجي». وبيّن أنّه تم منع المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني من السفر، وأنّه رهن التحقيق. أما دوره فكان «الاجتماع بالفريق المكلّف إعادة خاشقجي»، مشيراً إلى أنّ أحد المتهمين بقتل خاشقجي وراء تعطيل الكاميرات في القنصلية العامة في إسطنبول، ما يعدّ اعترافاً للمرة الأولى بواقعة تعطيلها.
وأكّد أنّ قائد «مهمة استعادة خاشقجي» قرّر قتل خاشقجي حين فشل في إقناعه بالعودة، وأنّه تواصل مع اختصاصي في البحث الجنائي بهدف مسح آثار العملية، مشيراً إلى أنه تمّ التوصل إلى «أسلوب الجريمة: عراك وشجار وتقييد وحقن خاشقجي بإبرة مخدرة زائدة، أدت إلى وفاته»، وأن «جثة خاشقجي تمت تجزئتها» بعد القتل، ونقلها إلى خارج القنصلية، وتسليمها إلى «متعاون محلي» تم التوصل إلى صورة تقريبية له.
(أ ف ب )

نتائج التحقيقات وفق ما تلاها الشلعان:
1- في 29 أيلول/ سبتمبر الماضي، صدر أمرٌ باستعادة خاشقجي بالإقناع وإن لم يقتنع يُعاد بالقوة، وأن الآمر بذلك هو نائب رئيس الاستخبارات العامة السابق (أحمد عسيري) الذي أصدر أمره إلى قائد المهمّة (لم يذكره).
2 ـ قام قائد المهمة بتشكيل فريق من 15 شخصاً لاحتواء واستعادة خاشقجي يتشكّل من ثلاث مجموعات (تفاوضي ــــ استخباري ــــ لوجستي)، واقترح قائد المهمّة على عسيري أن يتمّ تكليف زميل سابق له مكلف بالعمل مع مستشار سابق (لم يذكر اسمه) ليقوم بترؤّس مجموعة التفاوض لوجود سابق معرفة له معه.
3 ـ قام نائب عسيري بالتواصل مع المستشار السابق لطلب من سيكلف بترؤّس مجموعة التفاوض، فوافق المستشار على ذلك وطلب الاجتماع مع قائد المهمّة.
4 ـ التقى المستشار المذكور بقائد المهمّة وفريق التفاوض ليطلعهم على بعض المعلومات المفيدة للمهمة بحكم تخصّصه الإعلامي واعتقاده بأن المجنى عليه تلقّفته منظّمات ودول معادية للمملكة، وأنّ وجوده في الخارج يشكّل خطراً على أمن الوطن، وحثّ الفريق على إقناعه بالرجوع، وأنّ ذلك يمثل نجاحاً كبيراً للمهمة.
5 ـ تواصل قائد المهمة مع اختصاصي في الأدلة الجنائية بهدف مسح الآثار الحيوية المترتّبة من العملية في حال تطلّب الأمر إعادته بالقوة وتم ذلك بشكل فردي.
6 ـ قام قائد المهمّة بالتواصل مع متعاون (لم يذكر اسمه) في تركيا لتجهيز مكان آمن في حال تطلّب الأمر إعادته بالقوّة.
7 ـ تبيّن لرئيس مجموعة التفاوض بعد اطلاعه على الوضع داخل القنصلية تعذّر نقل المواطن المجنى عليه إلى المكان الآمن في حال فشل التفاوض معه، فقرّر أنّه في حال الفشل في التفاوض أن يتم قتله، وتم التوصل الى أن الواقعة انتهت بالقتل.
8 ـ تم التوصل إلى أسلوب الجريمة وهو عراك وشجار وتقييد وحقن المواطن المجنى عليه بإبرة مخدرة بجرعة كبيرة أدت إلى وفاته.
9 ـ تم التوصل إلى الآمر والمباشرين بالقتل وعددهم 5 أشخاص اعترفوا بذلك وتطابقت أقوالهم.
10 ـ بعد مقتل المجنى عليه جرى تجزئة الجثة من قبل المباشرين بالقتل وتم نقلها إلى خارج مبنى القنصلية.
11 ـ من قاموا بإخراج الجثة من القنصلية عددهم 5 أشخاص.
12 ـ تم التوصل إلى من قام بتسليم الجثة إلى المتعاون وهو شخص واحد (لم يذكر اسمه).
13 ـ تم التوصل إلى صورة تشبيهية للمتعاون الذي سلمت له الجثة بناء على وصف من قام بالتسليم.
14 ـ تم التوصل إلى من ارتدى ملابس المجنى عليه ورميها بعد خروجه في إحدى الحاويات ومنها ساعته ونظارته وتم التوصل إلى من رافقه وعددهم شخصان.
15 ـ تم التوصل إلى أن الكاميرات الأمنية في مبنى القنصلية تم تعطيلها، وإلى من قام بذلك وهو شخص واحد.
16 ـ من قام بالدعم اللوجستي لمنفذي الجريمة عددهم 4 أشخاص.
17 ـ تم التوصل إلى أن قائد المهمة اتفق مع مجموعة التفاوض ورئيسهم الذين قرروا وباشروا القتل، على تقديم تقرير كاذب لعسيري يتضمّن الإفادة بخروج المواطن المجنى عليه من مقر القنصلية بعد فشل عملية التفاوض أو إعادته بالقوة.
ولدى سؤاله عن دور ولي العهد، محمد بن سلمان، في الجريمة وإلى أي مدى كان على علم بحيثياتها، قال وكيل النيابة: «لم يكن له أي علم عن المهمة، وقد تم إيصال تقرير خاطئ عما حدث داخل أسوار القنصلية»