هيمن التشكيك برواية السعودية عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي على مواقف الدول الغربية، اليوم وأمس، إذ لم يقبل الأوروبيون بالرواية التي اعتبروها ناقصة وغير متماسكة. وفيما دعا هؤلاء الرياض إلى تقديم مزيد من الإجابات بشأن القضية التي شغلت العالم في الأسبوعين الماضيين، رحّبت الدول العربية المتحالفة مع الرياض باعتراف الأخيرة بمقتل خاشقجي داخل قنصليتها في اسطنبول، وأشادت بإجراءات الملك السعودي وولي العهد.
رواية غير كافية
وصفت ألمانيا الرواية السعودية بأنها «غير كافية»، وتساءلت عمّا إذا كان يجب على الدول أن تبيع أسلحة للسعودية. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في تصريحات نقلتها وكالة «بلومبيرغ» الأميركية، إنها «لا تقبل التفسير السعودي بشأن مقتل الصحافي جمال خاشقجي». ودعت ميركل إلى ضرورة محاكمة المسؤولين عن مقتل خاشقجي، مطالبة المملكة بـ«الشفافية»، وذلك في بيان مشترك مع وزير الخارجية هايكو ماس، الذي أثار موضوع بيع أسلحة للسعودية. من جهته، دعا وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، إلى إجراء «تحقيق شامل ووافٍ للإجابة على هذه الأسئلة».
كذلك، أعلنت بريطانيا، أنها ما زالت تبحث خطواتها التالية بعد إعلان السعودية مقتل خاشقجي داخل القنصلية. وفيما لم تحدّد لندن طبيعة الخطوات قيد الدراسة، وصف وزير خارجيتها، جيريمي هانت، الحادث بأنه «مروّع»، ويستدعي محاسبة المسؤول عنه.
أما كندا فقد أدانت مقتل خاشقجي، معتبرةً أن الوقائع التي سردتها الرياض «غير متماسكة وتفتقر إلى المصداقية»، مطالبةً بإجراء «تحقيق معمّق».
كذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس البرلمان الأوروبي، أنطونيو تيجاني، الذي دعا إلى الشروع بشكل عاجل بتحقيق دولي، لفحص الأدلة المتعلقة بوفاة خاشقجي.
بدورها، طالبت الحكومة الإسبانية، في بيان، بإجراء «تحقيق شفاف ومفصل»، في مقتل خاشقجي، وتقديم المسؤولين عن الحادثة للعدالة. بينما قال رئيس الوزراء الدنماركي، لارس لوكا راسموسن، إنه «غير مقتنع»، بما أعلنته السعودية عن واقعة مقتل خاشقجي، وإنه يصرّ على معرفة «الحقيقة كاملة».

انسحابات من «دافوس الصحراء»
في أول قرار فعلي بعد إقرار الرياض بمقتل خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول، أعلنت وزارة الخارجية الأسترالية عدم مشاركة أي مسؤول في مؤتمر «مبادرة الاستثمار دافوس الصحراء»، المقرر انعقاده الثلاثاء المقبل، لثلاثة أيام، في السعودية. وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية، ماريز باين، إنّ الحكومة قررت أنه لم يعد مناسباً حضور قمة في السعودية في ضوء مقتل خاشقجي.
وفي رد فعل مماثل، أعلنت وزارة الخارجية النمساوية عدم المشاركة الرسمية في مؤتمر «دافوس الصحراء» على خلفية الإعلان السعودي.
وكانت دول وجهات دولية متعددة قد أعلنت، خلال الأسبوع الماضي، انسحابها من المؤتمر المنعقد في السعودية، احتجاجاً على اختفاء خاشقجي وعلى سلوك الرياض حيال هذه القضية.

«ترحيب» عربي
أصدرت دول عربية حليفة للسعودية، مثل مصر والإمارات والبحرين والسلطة الفلسطينية، بيانات تشيد بالملك وبقرارات السعودية.
وزارة الخارجية المصرية قالت إنها «تثمّن» نتائج التحقيقات الأولية (السعودية) في القضية. وأضافت أن القرارات والإجراءات التي اتخذها الملك السعودي «تتسق مع احترام مبادئ القانون وتطبيق العدالة».
بدورها، أيدت الإمارات بيان السعودية بشأن مقتل خاشقجي، وقالت عبر «تويتر»، إنها تشيد بتوجيهات وقرارات الملك سلمان.
كذلك، أشادت البحرين بقرارات الملك السعودي، معتبرة أنها جاءت بهدف «إرساء العدل والإنصاف وكشف الحقائق».
من جانبها، قالت السلطة الفلسطينية إن السعودية بقيادة الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان، «ستبقى دولة العدالة والقيم والمبادئ».
وأشادت السلطة بالقرارات التي اتخذها الملك لتأكيد إرساء العدل والإنصاف والحقائق والقانون، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.
أما الحكومة اليمينة الموالية للسعودية، فاعتبرت أن «ما توصلت إليه النيابة في المملكة وإحالة المتسببين في وفاة خاشقجي، ينم عن المتابعة المستمرة والجادة من المؤسسات السعودية».
من جهتها، رحبت سلطة عمان، اليوم، بقرارات السعودية بشأن «الحادثة المؤسفة»، مؤكدةً «أهمية إفساح المجال لمسار العدالة ليأخذ مجراه بعيداً عن أية تأويلات».