في الـ 24 من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، تجري السلطات البحرينية انتخابات تشريعية وبلدية، في ظلّ إعلان القوى السياسية المعارضة مقاطعة هذه الدورة. «جمعية الوفاق الوطني الإسلامية» أولى الجمعيات المعارِضة المقاطعة، إضافة إلى «جمعية العمل الإسلامي» و«جمعية الإخاء الوطني». أما «الليبراليون» المعارِضون، كـ«جمعية العمل الديموقراطي» (وعد) و«جمعية التجمع القومي الديموقراطي» و«جمعية التجمع الديموقراطي الوحدوي»، فسيشاركون أيضاً «الإسلاميين» في مقاطعتهم. ثمّة إجماع إذاً على مقاطعة الانتخابات «الصُوَرية» بتعبير مصادر المعارضة، التي تؤكّد في حديثها إلى «الأخبار» أن موقفها ينسحب كذلك على بعض القوى الموالية للسلطة، «التي لم تُبدِ ــــ حتى الآن ــــ رغبة جديّة في المشاركة، سواء ترشيحاً أو اقتراعاً». ومن هنا، تتوقع المصادر أن تتراوح نسبة المشاركة بين 27 و32 في المئة، مبدية أسفها لكون «المنبر التقدمي» سيخرق موقف الجمعيات السياسية المعارِضة بعدما أعلن مشاركته في الانتخابات المرتقبة.الوسائل الإعلامية المقربة من حكام المنامة دأبت على ترويج فكرة «الإقبال الكثيف» على تقديم طلبات الترشيح، مُتحدّثة عن أن جمعيات «الأصالة»، و«المنبر الإسلامي»، و«المنبر التقدمي»، و«المنبر الديموقراطي»، و«الصف الإسلامي»، و«ميثاق العمل الوطني»، و«تجمع الوحدة الوطنية» دفعت بمرشّحيها، لكنها ــــ في الوقت نفسه ــــ وقعت في فخّ التشديد على أن «غالبية المرشّحين من المستقلين». وهو ما تفسره مصادر المعارضة بأن «الانتخابات المرتقبة صُوَرية، ولأنها كذلك فإن المرشحين مدفوعون بشكل مباشر من الحكومة وأجهزتها، التي تبنّت رسمياً مصاريف حملاتهم الانتخابية»، علماً بأن «اللجان الإشرافية» على سير العملية الانتخابية أعلنت أن عدد مُقدِّمي طلبات الترشيح بلغ أكثر من 350، توزّعت بين البرلمان والبلديات. وكانت أبواب الترشيح لعضوية المجالس قد فُتحت قبل يومين، على أن تُغلَق بعد 5 أيام (الـ 21 من الشهر الجاري). وتعتمد السلطات، في إفاداتها حول عدد من يحقّ لهم التصويت، على الأرقام الصادرة عام 2014. إذ تشير أرقامها إلى أن حوالى 349 ألفاً و713 مواطناً يحقّ لهم اختيار 39 عضواً للمجلس النيابي، و29 عضواً للمجالس البلدية.
تتوقّع المعارضة أن تتراوح نسبة المشاركة بين 27 و32 في المئة


وفي أعقاب إعلانها مقاطعة الانتخابات، أطلقت «الوفاق» شعاراً للمقاطعة هو «صوتك أغلى»، موضحة في بيان أن «الصوت الانتخابي للمواطن هو أغلى من نظام انتخابي غير عادل، وسلطة تشريعية عديمة الصلاحيات لا تعبّر عن أدنى مستوى من الممارسة الديموقراطية المطلوبة»، مضيفةً إن «المشاركة النيابية للأحزاب السياسية تكون ضمن بيئة سياسية مؤهلة، في حين أن المشاركة في الانتخابات الحالية، مع كونها ستنتج مجلساً تشريعياً عاجزاً وفاقداً للقدرة على تقديم شيء، تعني العبث بآمال المواطنين والتفريط في الوطن ومقدراته». وعلى رغم أن ذلك الموقف يشكل محطّ إجماع لدى القوى المقاطِعة، إلا أن الأخيرة لن تخرج ــــ وفق مصادر «الأخبار» ــــ بموقف واحد بشكل علني، خوفاً على مصير قادة الجمعيات المعارِضة من سجنٍ أو تضييق خناق. وفي هذا الإطار، تقول المصادر إن من «الصعب جدّاً الخروج بموقف موحّد، لكن قيادة تلك الجمعيات ستُعمّم على أنصارها عدم المشاركة في الانتخابات ترشيحاً أو اقتراعاً».
وتنبّه المصادر نفسها إلى أن «موقفنا الرافض لن يكون محصوراً بقواعدنا»؛ ذلك أن مزاج الشارع البحريني عموماً مستاء من المناخ العام المهيمن على البلاد. فالوضع الاقتصادي «يزداد سوءاً.... وآخر الشواهد على ذلك كان الأسبوع الماضي»، حيث أعلن البرلمان موافقته على «الاتفاقية الموحّدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون الخليجي». وفضلاً عن الوضع الاقتصادي، فإن «الوضع الأمني يزداد سوءاً وانفلاتاً أيضاً»، مع زيادة التكتّم الإعلامي على ممارسات القوى الأمنية بحقّ المواطنين، في ظلّ «غطاءٍ أميركي ــــ سعودي ممنوح لآل خليفة الذين يدفعون المال، مقابل غضّ النظر الأميركي والدولي على انتهاكهم لحقوق الإنسان في البلاد». أما سياسياً، فتؤكد المصادر أن المجلس المقبل سيكون «صُوَرياً في أحسن الأحوال»، متسائلة: «هل من حكومة تدفع إلى إجراء الانتخابات، والمعارضة لا تأبه لذلك؟». هذا المشهد يدفع ــــ وفق المصادر نفسها ــــ إلى التحذير مما ستحمله الأيام المقبلة، وسط تشديد على أن «انتخابات هدفها إرضاء السلطة، لن تعكس إلا هشاشة موقف ملوك الدولة أمام شعبهم».