مع اكتمال أعضاء فريق الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وتعيينه مايك بومبيو وزيراً للخارجية، خلفاً لريكس تيلرسون المُقال، بحسب الرئيس، بسبب خلافات «حول بعض الأمور». وفي تبريره الاستغناء عن تيلرسون، قال ترامب: «بالنسبة إلى الاتفاق (النووي) الإيراني ،أعتقد أنه رهيب، بينما اعتبره (تيلرسون) مقبولاً، وأردت إما إلغاءه أو القيام بأمر ما، بينما كان موقفه مختلفاً بعض الشيء، لذلك لم نتفق في مواقفنا» خلافاً للوزير المُعيَّن الذي وصفه ترامب بـ«الشخص المناسب لهذه الوظيفة.. طريقتنا في التفكير متشابهة». مع اكتمال الفريق، بات واضحاً أنّ الإدارة الأميركية الحالية، وعلى رأسها ترامب، تسير في منحى تصعيدي أكثر، وخصوصاً لجهة معالجة الملفات الدولية العالقة، كالأزمة النووية الكورية الشمالية، والاتفاق النووي الإيراني، اللذين يثيران حنق الرئيس الأميركي.بطبيعة الحال، فإنّ أي تغيير في السياسات الخارجية للإدارة الأميركية ينعكس بشكل مباشر على الأوضاع والتوازنات في الشرق الأوسط. طهران رأت في إقالة تيلرسون وتعيين بومبيو المعروف بمواقفه المتشددة مكانه، إشارة إلى تصميم الولايات المتحدة على الانسحاب من الاتفاق الدولي حول الملف النووي الإيراني. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أمس، إنّ «الولايات المتحدة مصمّمة على الانسحاب من الاتفاق النووي، والتغييرات داخل وزارة الخارجية أجريت لهذه الغاية، أو على الأقل هذا أحد أسبابها». كما أكّد عراقجي أنّه «إذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق، فسنتخلى عنه نحن أيضاً. قلنا للأوروبيين إن إيران ستنسحب من الاتفاق النووي إذا لم ينجح الأوروبيون في إبقاء الولايات المتحدة فيه». الانسحاب من الاتفاق النووي، بالنسبة إلى إيران، يعني تحرّرها من التزاماتها بشأن برنامجها النووي. هذا التحرّر، سيلقي بظلاله على المنطقة وتوازن القوى فيها، وخصوصاً أن إيران كانت قد أعلنت أنها ستستأنف «أنشطتها النووية السلمية دون الشروط والقيود التي فرضها اتفاق فيينا»، وهو ما تتحضّر له السعودية وتسعى لمواجهته بالعمل على «توازن ردع» باعتبار أن الاتفاق قد يصبح، في أيّ وقت، في حكم الملغى.
خروج إيران من الإتفاق النووي يعني العودة الى تخصيب اليورانيوم بنسب مرتفعة - أ ف ب

في المقابل، هدّد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بأنه في حال طورت إيران القنبلة الذرية، فإن السعودية «ستقوم بالمثل في أسرع وقت ممكن». وقال ابن سلمان خلال مقابلة مع شبكة «سي بي إس» التلفزيونية الأميركية، إن «السعودية لا تريد حيازة أي قنبلة نووية، لكنها ستطور من دون شك مثل هذه القنبلة في أسرع وقت ممكن إن أقدمت إيران على تلك الخطوة». واعتبر الأمير السعودي أن «إيران ليست منافسة للمملكة العربية السعودية، (لأن) جيشها ليس من بين الجيوش الخمسة الأوائل في العالم الإسلامي»، لافتاً إلى أن «الاقتصاد السعودي أكبر من الاقتصاد الإيراني، وإيران بعيدة عن أن تكون مساوية للسعودية». يذكر أن الشبكة الأميركية ستبث المقابلة كاملة يوم الأحد المقبل في 18 آذار/ مارس الحالي، وذلك عشية زيارة ولي العهد السعودي المقررة للولايات المتحدة، على أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض في 20 من هذا الشهر. ومن المرجّح أيضاً، أن يتمّ في هذه الزيارة الاتفاق بين السعودية والولايات المتّحدة بخصوص تفعيل وتطوير البرنامج النووي السعودي.
من الواضح أن ترامب اختار الخوض طريقاً لا عودة منه، بخصوص الخروج من الاتفاق النووي. هو عمد طوال الفترة السابقة إلى التمهيد للوصول إلى تشكيل فريق كامل يمكّنه من الخروج من «الاتفاق»، دون مواجهة عقبات من طراز تيلرسون... اليوم، أصبح لدى ترامب والإدارة الأميركية فريق جاهز، مع عدد كبير من النافذين والمشرّعين الأميركيين، يوافقون ترامب على خططه بخصوص الملف النووي العالمي، سواء في ما خصّ كوريا أو إيران. وهو في الوقت ذاته، متّجه لمنح السعودية تقنيات عالية تمنحها القدرة على تطوير برنامجها النووي، برغم ما قد يواجهه من عقبات في الكونغرس، وفي حال الاتفاق ستصبح المنطقة أمام سباق تسلّح نووي، لا تعرف حدوده.