تمكّن نشطاء اليمين المتطرف من إحراج حكومتهم اليمينية عموماً، ورئيسها بنيامين نتنياهو خصوصاً، الذي وجد نفسه مضطراً إلى اتخاذ مواقف علنية كلامية متشددة ومتوعدة تجاه كل مستوطن «يرتكب انتهاكات»، رغم أنه منحهم في الوقت نفسه حصانة تحول دون محاكمتهم قضائياً تحت عناوين تؤدي إلى إنزال أحكام قاسية بحقّهم، عبر رفضه التام لوصفهم بـ «الارهابيين»، مثلما أوصى بذلك الطاقم الوزاري الذي ألّفه «بيبي» نفسه، مفضِّلاً تسميتهم بـ«المشاغبين».
ورغم رفضه للتوصية الأساسية التي نصّت على اعتبار أنّ العمليات التي يقوم بها المستوطنون تحت شعار «جباية الثمن»، بأنها ارهابية، حاول مكتب رئيس الوزراء الايحاء بأن نتنياهو وافق على توصيات الطاقم الوزاري التي قدَّمها بعد مشاورات أجراها مع مسؤولين من جهاز الأمن الداخلي «الشاباك» والجيش والشرطة والنيابة العامة. وقال مكتب نتنياهو إنه وافق على ما تم اقتراحه حول التعامل مع «عمليات الشغب في الضفة الغربية»، وتميز البيان الصادر عن المكتب بخلوّه من الاشارة إلى الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين، مكتفياً بتهديد «كل من يرفع يده على جنود الجيش أو على رجال الشرطة»، بالعقاب الشديد. كما أنّ نتنياهو تعهد أيضاً بـ«التعامل مع المشاغبين في القاعدة العسكرية لواء أفرايم التي تعرضت لاعتدائهم، مثلما يجري التعامل مع المشاغبين الذين يهدمون الجدار في بلعين». ولم يفوّت رئيس الحكومة فرصة تبرئة مستوطني الضفة من أي صفات مشينة، بالتأكيد أنّ من قاموا بالأعمال الأخيرة هم «فئة صغيرة لا تمثّل جمهور المستوطنين». في المقابل، دان الرئيس شمعون بيريز اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، مشيراً إلى أن هذه الأعمال «تمنح أعداء إسرائيل الشرعية لمهاجمتها». ونقلت تقارير اعلامية عن بيريز وصفه لما يقوم به هؤلاء المستوطنون بـ«الخطير للغاية»، حتى أنه «يشكل كارثة وجنوناً ينبغي وقفه فوراً لأنها تشكل مبرراً لمهاجمة إسرائيل»، على حد تعبيره.
وقد لقي الموقف الكلامي «المتشدد» لنتنياهو، في مقابل رفضه اتخاذ إجراءات عملانية حادة تحول دون تكرار مثل هذه الهجمات اليمينية، صدى سلبياً في وسائل الاعلام العبرية، التي شكك بعضها في خلفيات موقف الرجل؛ على سبيل المثال، رأت صحيفة «هاآرتس» أن «التشريعات الحالية كافية إذا أرادت السلطات تطبيقها» لردع المستوطنين المتطرفين، بينما أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن 91 في المئة من التحقيقات ضد المتطرفين اليمينيين «لم تؤدِّ الى شيء منذ عام 2005».
المواقف والأصداء التي تركتها هجمات نشطاء اليمين المتطرف على الجيش، لم تأتِ فقط ردّ فعل على حدث عابر حصل في الأيام الماضية، بل كانت تتويجاً لمسار تراكمي إزاء سلوك هؤلاء، وبفعل تفاقم الشعور بالخطر لدى المؤسسة السياسية والامنية من نشاطاتهم، لكونها طاولت هذه المرة الجيش، وبشكل خطير، الأمر الذي دفع حكام تل أبيب إلى خلق جو اعلامي وسياسي ضاغط لكبح هذه الظاهرة. جوّ كان ضرورياً لاحتواء الغضب الشعبي الإسرائيلي المتفاقم إثر استهداف هؤلاء للجيش، وتخريبهم معدات عسكرية، ووصفهم الجنود بأنهم نازيون، الأمر «الذي دفع نتنياهو إلى اتخاذ خطوات سريعة وحازمة نسبياً» رغم تشكيك ضباط الجيش والشرطة في إمكانية نجاح هذه الخطوات. تشكيك مردّه إلى أن العلاقات التي تبلورت بين المستوطنين والسياسيين والجهات الأمنية، على حد وصف «هآرتس»، باتت «أقوى من أن يتغيّر الوضع سريعاً، ولا يمكن الامتناع عن توجيه السؤال إلى نتنياهو والوزراء: لماذا تذكرتم أن تعملوا (ضد اليمينيين المتطرفين) اليوم فقط؟».




تبحث اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون سن القوانين، يوم الأحد المقبل، في مشروع قانون جديد يشرّع استيلاء المستوطنين على أراضي الفلسطينيين، طرحته أحزاب «الليكود» و«إسرائيل بيتنا» و«شاس» و«البيت اليهودي» و«يهدوت هتوراة» و«الوحدة القومية». ويقضي مشروع القانون بأنه إذا لم يتوجه مالك أرض في الضفة الغربية إلى محكمة إسرائيلية خلال 4 سنوات من إقامة بناء استيطاني عليها، فإن المباني المقامة في أرضه لن تخلى. ورأى الأمين العام لحركة «سلام الآن» المناهضة للاستيطان، ياريف أوبنهايمر، أن المشروع هو «قانون لسرقة الأراضي»، بينما أشارت رئيسة حزب «كديما» المعارض، تسيبي ليفني (الصورة)، إلى أنّ المصادقة عليه ستكون بمثابة استجابة لنشاط اليمين الصهيوني المتطرف.
(يو بي آي)