بعد فشل أولى مهمات مقاتلي المعارضة السورية الذين درّبتهم الولايات المتحدة الأميركية في برنامج رسمي برعاية البيت الأبيض لـ«محاربة داعش»، وبعدما أعلن «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ــ جبهة النصرة» أنه اختطف قائد «الفرقة 30» وبعض العناصر بعد وصولهم الى الأراضي السورية، آتين من مخيم تدريبهم في تركيا، بدأت تتسرّب بعض المعلومات حول عملية الفشل تلك.
«البنتاغون» ومعظم الإعلام الأميركي حاولوا احتواء فضيحة الفشل الميداني قدر الإمكان، فتحدّث البعض عن «كمين» نصبته «النصرة» للفرقة التي «لم تكن تمتلك خطّة لكيفية الردّ في حال هوجمت»، فيما لام آخرون مجدداً البيت الأبيض لـ«عدم حماسته في دعم» هؤلاء المقاتلين بالمال والسلاح (علماً بأن كلفة البرنامج فاقت الـ ٥٠٠ مليون دولار)، إضافة الى فشل البرنامج بتجنيد عدد كبير من المقاتلين «المعتدلين».
مقال ديفيد إغناتيوس الأخير في صحيفة «ذي واشنطن بوست» الذي شبّه فشل العملية الأولى لـ«الفرقة 30» في شمال سوريا بعملية «خليج الخنازير» في كوبا عام ١٩٦١، أعاد التذكير بالأسباب التي ذكرت سابقاً وأضاف اليها «خضوع واشنطن بشكل كبير لتركيا» في برنامج التدريب. الصحافي الأميركي أعطى مثالاً على «التبعية الأميركية لتركيا» فقال إن عناصر «الفرقة 30» كانوا جميعهم من السوريين التركمان «لأن أنقرة رفضت أن تطعّمهم بعناصر سنّة أو أكراد كما اقترحت سابقاً الولايات المتحدة».

شبّه اغناتيوس فشل «الفرقة 30» بعملية «خليج الخنازير» في كوبا

لكن المعلومة الأهمّ التي وردت في مقال إغناتيوس والتي أبقت عليها واشنطن سرّية حتى الآن، هي تلك التي نقلها عن مراسلة تلفزيون «الآن» جنان موسى، التي قابلت أحد القادة الميدانيين من «الفرقة 30» المشاركين في المهمة الأولى الفاشلة، ويدعى أبو اسكندر. الأخير اعترف في مقابلته مع موسى قائلاً «فوجئنا بمهاجمة النصرة لنا، إذ كنّا قد نسّقنا معهم مسبقاً». «قبل أربعة أشهر، أظهرت النصرة إعجاباً كبيراً ببرنامج تدريبنا» وكانوا يقولون لنا «أحضروا السلاح وتعالوا قاتلوا داعش»، أضاف أبو اسكندر.
إغناتيوس استنتج في مقاله أن «الفرقة» التي درّبتها واشنطن «وقعت في فخّ نصبته لهم النصرة»، لكنه لم يتوقّف عند الفضيحة الأكبر وهي أن عناصر برنامج البيت الأبيض كانوا ينسّقون مع أحد فروع «القاعدة» في سوريا!
وافادت وكالة «رويترز» أمس، نقلاً عن «مصادر دبلوماسية»، أنّ المجموعة الثانية من مقاتلي المعارضة السورية، الذين دربهم «التحالف» في تركيا، يمكن أن تُنشر في سوريا خلال أسابيع في إطار «حملة لابعاد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية عن حدود تركيا».
وأضافت إن تحديد المكان الذي سيرسلون اليه في سوريا سيعتمد على «التطورات الاخيرة في مسرح المعارك»، مشيرة إلى أنّ من المتوقع نشر الف مقاتل بحلول نهاية العام.
وقال «دبلوماسيون مطلعون على الخطط» إن منّع «داعش» من استغلال الحدود التركية في نقل المقاتلين الاجانب والامدادات قد يغيّر موازين المعركة، لكن الخطط واجهت عدة مشاكل.
ولفت مصدر دبلوماسي إلى أنّه «على الرغم مما احاط به من تشاؤم الا انه من السابق لأوانه استبعاد هذا البرنامج. موارد هائلة استثمرت في هذا حتى ينجح، ونعتقد انه سينجح في النهاية».
(الأخبار)