غزة ــ الأخبار اغتالت طائرات حربية إسرائيلية، أمس، مقاومين فلسطينيين بقصف سيارتهما في شارع عمر المختار، وسط مدينة غزة، واضعة مصير التهدئة على المحك، في وقت تذرّعت فيه سلطات الاحتلال بتخطيط الشهيدين لعمليات عسكرية، معلنة أنها لن تتوانى عن استهداف «العناصر المهدّدة للسلام».
وقالت مصادر محلية وشهود إن طائرة حربية إسرائيلية قصفت بصاروخ سيارة مدنية قرب مجمع «أبو خضرة» الحكومي، وسط مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد عصام صبحي البطش وابن أخيه صبحي علاء البطش، وإصابة ستة مواطنين كانوا في المكان.
وتبنّت كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة «حماس» الشهيد صبحي البطش، وقالت إنه أحد أعضائها، فيما قال سكان في حيّ التفاح في مدينة غزة، حيث يقطن الشهيد عصام البطش، إنه ينتمي إلى حركة «فتح»، وكان يعمل في جهاز أمني قبل سيطرة حركة «حماس» على القطاع في منتصف حزيران 2007.
وأقرت مصادر عسكرية إسرائيلية بتنفيذ الاغتيال، زاعمة أنها «استهدفت مجموعة (مقاومة) كانت تستعد لارتكاب اعتداء على الحدود الجنوبية لإسرائيل»، من دون توضيح طبيعة عملية الاعتداء المزعومة. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن هذه المصادر قولها إن أحد الشهيدين يقف وراء تدبير عملية فدائية وقعت في مدينة إيلات، قبل نحو أربعة أعوام، وقتل فيها آنذاك ثلاثة إسرائيليين. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن قادة في جيش الاحتلال قولهم «سنواصل تصفية الخطيرين على أمننا ولا تهدئة إلا مع عناصر الاعتدال».
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن عملية «تصفية المطلوبين كانت ضرورية لمنع منظمات فلسطينية من التفكير بإيذاء مواطني دولة إسرائيل المدنيين والعسكريين». وأضافت إن «إسرائيل لم تلتزم أبداً مع أي جهة كانت بوقف تصفية العناصر الخطرة في التنظيمات الفلسطينية والتي تورطت بقتل إسرائيليين أو أطلقت صواريخ على المدن والبلدات الإسرائيلية في جنوب ووسط الدولة». وأوضحت أن «لا تهدئة مع القتلة، بل مع عناصر الاعتدال الراغبة في العيش بهدوء وسلام مع إسرائيل»، مؤكدة أنها ستواصل استهداف العناصر المهددة للسلام والاستقرار في محيط قطاع غزة.
ويأتي الاغتيال الجديد بعدما كانت غارة إسرائيلية قد أدت الأربعاء إلى استشهاد مقاوم من حركة الجهاد الإسلامي، ما يضع علاملات استفهام حول إمكان صمود التهدئة الشفهية التي توصلت إليها مصر في قطاع غزة قبل بضعة أسابيع.
بدورها، حذرت الحكومة التي تديرها حركة «حماس» في غزة من «خطورة» هذا التصعيد. وطالب المتحدث باسمها، طاهر النونو، «الأشقاء في مصر» والأمم المتحدة بـ«التدخل العاجل لوقف اعتداءات الاحتلال»، فيما قال المتحدث باسم حركة «حماس»، فوزي برهوم، إن دولة الاحتلال تصعد ضد غزة في محاولة «لفرض معادلة جديدة، في ظل هزائمها المتتالية وللتغطية على أزماتها الداخلية والخارجية». وتعقيباً على ادعاءات الاحتلال لتبرير الغارة الجوية، أكد برهوم أن «الاحتلال لا يحتاج إلى مبررات كي يقتل ويرتكب جرائم جديدة».
بدوره، رأى المحلل السياسي طلال عوكل أن التصعيد الحالي يهدف إلى وضع العقبات أمام أمرين مهمين، أولهما الشق الثاني لصفقة تبادل الأسرى، فكلما اقترب موعد التنفيذ زادت وتيرة التصعيد لإفشالها والتهرب منها. أما الأمر الثاني، بحسب عوكل، فهو إفشال جهود المصالحة المبذولة، في وقت تستعد فيه الفصائل الفلسطينية للاجتماع قريباً في القاهرة لإتمام بنود المصالحة، لكن الطرف الإسرائيلي يريد جرّ الطرف الفلسطيني إلى تصعيد أمني وعسكري يهدف من ورائه إلى خلط الأوراق وقلب الطاولة.
واستخفّ عوكل بالمبرر الذي ساقته إسرائيل لتبرير عملية الاغتيال. وقال: إن «إسرائيل لم تكن موفّقة هذه المرة بالمطلق»، لافتاً إلى أنها «في الغالب تسوق مبررات تكاد تكون مقنعة وأقرب إلى الواقع. أما أن يتهم المقاوم الفلسطيني بالضلوع في عمليات عسكرية في إيلات فهذا أقرب إلى الخيال، وخير مثال على ذلك العملية الأخيرة التي اتهمت فيها لجان المقاومة الشعبية واغتيل خمسة من قادتها، ومن ثم دفنت إسرائيل التفاصيل».
من جهته، قال الناطق الإعلامي باسم ألوية الناصر صلاح الدين الذراع العسكرية للجان المقاومة، أبو عطايا، إن فصائل المقاومة ستحاسب الاحتلال الإسرائيلي على كل قطرة دم أراقها في أي بقعة في فلسطين، مضيفاً إن جريمة الاغتيال تكشف عن خبث نيات الاحتلال. وأكد أن الرد على جريمة اغتيال صبحي البطش وعصام البطش «واجب على كل مسلم، وأن أيّ توانٍ عن الرد المزلزل قد يكلف المقاومة اغتيالات جديدة، فالمقاومة مدعوّة للجم العدوّ بكل ما تملك من وسائل».