وجّه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فيلتمان، رسالة طمأنة إلى إسرائيل عبر كشفه عن تفاهمات توصل إليها مع القوى السياسية المصرية، ومن بينها حركة الإخوان المسلمين، تقضي باحترام اتفاق السلام بين القاهرة وتل أبيب. وكشف فيلتمان، في تصريحات خاصة أدلى بها إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن الإدارة الأميركية تجري حواراً مع «قادة حركة الإخوان المسلمين»، معتبراً أن «هذا جزء من البزنس السياسي الخاص بنا مع القاهرة». وأضاف موضحاً «نحن نعمل إزاء كل الجهات السياسية التي لا تؤيد العنف في مصر، ومن خلال الحوار توصلنا معهم إلى تفاهم على أن يحترموا اتفاقية السلام مع إسرائيل. ولقد تولّد لدينا الانطباع بأنهم يدركون أهميتها، ونحن نوضح لهم الفائدة الكامنة في الاستقرار الذي تمنحه الاتفاقية لبلادهم». ورداً على سؤال بشأن النتائج التي حققتها التيارات السلفية في مصر، والتي فازت بنحو 20 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات، أقرّ فيلتمان بمفاجأة واشنطن من هذه النتائج، مشيراً إلى أن «هذا أحد المواضيع التي سوف أبحثها مع المسؤولين الإسرائيليين. يوجد بيننا وبينهم تنسيق وشراكة استراتيجية ممتازة، وفي ضوء التغييرات التي تشهدها المنطقة يجب أن نتبادل المعلومات والتقديرات وأن نفكر كيف نتحرك إلى الأمام. يحظر علينا أن نتمسك بالحنين إلى الماضي».
ولدى تطرقه إلى حزب الله، فإن فليتمان ـــ بحسب يديعوت ـــ «بدا مختلفاً كلياً، وعلى نقيض المقاربة الدبلوماسية التي يظهرها حيال الإخوان المسلمين في مصر». وشرح السفير الأميركي السابق في بيروت موقف إدارته من الحزب قائلاً «إن حزب الله هو منظمة لا نتعامل معها. إنه منظمة إرهابية شاركت في الانتخابات، وعندما لا يعجبهم الواقع، فإنهم يفرضون رغباتهم بالقوة والعنف».
وكان فيلتمان قد قام خلال الأيام الأخيرة بجولة إقليمية شملت كلاً من الأردن ورام الله والقدس المحتلة، حيث التقى بالملك عبد الله والرئيس محمود عباس ومسؤولين إسرائيليين، من ضمنهم المدير العام لوزارة الخارجية رافي باراك وقيادة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي. ولأسباب غير واضحة لم يلتق فيلتمان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو، إلا أنه قال لـ«يديعوت» إنه أصلاً لم يطلب لقاءً كهذا.
ووصفت الصحيفة فيلتمان بأنه مطّلع جداً على النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مشيرة إلى أنه عمل في الماضي في السفارة الأميركية في تل أبيب وشغل بعد ذلك منصب القنصل العام الأميركي في القدس الشرقية. وعن الجزء المتعلق بهذا النزاع من زيارته، أوضح فيلتمان أنه أتى إلى القدس ورام الله «لكي نفحص كيفية إطلاق المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، لأن ذلك هو الطريق الوحيد للوصول إلى حل الدولتين»، مكرراً الموقف الأميركي بالقول «نحن نوضح للفلسطينيين أنه لا يوجد طرق مختصرة غير المفاوضات المباشرة، وأن توجههم إلى الأمم المتحدة لن يجعلهم يحصلون على دولة».
وبحسب رأي فيلتمان، فإن الرئيس باراك أوباما شخّص أن الموضوع الأهم بالنسبة إلى الإسرائيليين هو الأمن، فيما النقطة المهمة لدى الجانب الفلسطينيي هي المسألة الجغرافية، وقال في هذا السياق «ينبغي تفعيل الوساطة والتغلب على أزمة الثقة في الجانبين والقيام بعمل جدّي. الإدارة الأميركية لديها أيضاً إحباطات في هذا الموضوع. أنا أسمع شكاواكم من أن الفلسطينيين لا يعالجون الموضوع الأمني بجدية، وفي الجانب الثاني أسمع الفلسطينيين يشتكون من أنكم غير جديين في أفعالكم وتصريحاتكم في المسألة الجغرافية، ولذلك تحدث الرئيس أوباما عن الحدود التي يجب أن تستجيب لحاجات الفلسطينيين إلى الدولة، إلا أنهم يرون كيف أن الأرض تتقلص بسبب المستوطنات والبؤر الاستيطانية».
وفي الموضوع الفلسطيني الداخلي، أعرب فيلتمان عن اعتقاده بأن المصالحة بين فتح وحماس لن تتحقق. وقال «على مدى أعوام سمعنا تصريحات وشاهدنا لقاءات، إلا أن الفجوات العميقة بقيت على حالها، وهي تمثّل عقبة أمام المصالحة الحقيقية». وأضاف «لقد أوضحت أمس لأبو مازن موقفنا في هذا الخصوص: نحن نتفهّم تطلّعكم إلى الوحدة، إلا أنكم لن تحصلوا على دولة إذا تشاركتم مع منظمة إرهابية. وفي نظرنا، حماس هي منظمة إرهابية».
ووفقاً ليديعوت، فإن فيلتمان فضّل تسمية «الربيع العربي» بـ«التغييرات في العالم العربي»، مركّزاً حديثه في هذا الخصوص على ما يحصل في سوريا. وفي هذا الإطار، رأى أن الرئيس السوري بشار الأسد «أداة إرهابية للإرهاب الإيراني، وعليه أن يتنحّى فوراً».