الكويت | بعدما وصلت الأوضاع في الكويت إلى حالة غير مسبوقة من التوتر السياسي، لجأ الأمير صباح الأحمد الصباح إلى محاولة لنزع فتيل الأزمة التي كانت تنذر بتفاقم الأمور، فأتبع خطوتي قبول استقالة حكومة ناصر المحمد الصباح المثير للجدل وتكليف جابر المبارك الصباح تأليف حكومة جديدة، بحلّ مجلس الأمة، ما أدخل البلاد في مرحلة الإعداد للانتخابات الجديدة التي تُراهن السلطة الحاكمة من خلالها على انبثاق برلمان يضع حدّاً للتصعيد.وأصدر صباح الأحمد، أول من أمس، قراراً يقضي بحلّ مجلس الأمة، بناءً على مرسوم رفعته إليه حكومة تصريف الأعمال بعد أول اجتماع لها برئاسة رئيس الوزراء الجديد، علماً بأن إدارة «الفتوى والتشريع»، التي تُعَدّ جزءاً من السلطة القضائية، أكّدت إمكان ترؤس الأخير الحكومة المستقيلة، التي ستشرف على الانتخابات، على أن تُؤلَّف بعد الانتخابات حكومة جديدة. وكان رئيس الحكومة المكلّف قد أدى اليمين الدستورية أمام الأمير، قبل تأليف حكومته، وهو أمر يجري للمرة الأولى في الكويت.
وذكر مرسوم الحلّ أن القرار جاء نتيجة «ما آلت إليه الأمور وتعثر مسيرة الإنجاز وتهديد المصالح العليا للبلاد، ما يستوجب العودة إلى الأمة لاختيار ممثليها لتجاوز العقبات القائمة وتحقيق المصلحة الوطنية». وتنص المادة 107 من الدستور الكويتي على أنه يحق لـ«الأمير أن يحلّ مجلس الأمة بمرسوم تُبين فيه أسباب الحل على أنه لا يجوز حل المجلس للأسباب ذاتها مرة أخرى».
ورغم حلّ البرلمان، يبدو أنه لن يُسدَل الستار على اتهامات الفساد التي أدت إلى استقالة رئيس الحكومة السابق، وخاصة ما يتعلق بمنح الأخير نحو 350 مليون دولار لـ15 نائباً، في رُشى دُفعت من المال العام؛ فالمعارضة التي كانت تمثّل نحو نصف أعضاء المجلس السابق، البالغ عددهم 50، تتجه إلى جعل هذا الموضوع مادة دسمة في الحملات الانتخابية.
وفيما أعلنت المعارضة تأجيل إصدار بيان يتناول الموقف من تطورات الأيام الأخيرة، أجمعت تصريحات أقطابها على ضرورة ضمان نزاهة الانتخابات، وخصوصاً مسألة مكافحة المال الانتخابي، وضرورة تأليف حكومة قوية متجانسة تكون قادرة على اتخاذ القرارات ومكافحة الفساد وإطلاق عملية التنمية بجدية، وهي شروط سيؤدي عدم تطبيقها إلى عودة الأزمة إلى البلاد مجدداً، حيث من المتوقع أن يبقى أقطاب المعارضة في المجلس المقبل، وبالتالي سيصرّون على التصعيد في وجه الفساد المستشري في عدد من مفاصل الدولة.
في المقابل، يعكف الأمير على عقد اجتماعات مع النواب والقوى السياسية، في إجراء يهدف إلى الحث على التهدئة وعدم توتير الأجواء خلال الانتخابات، وقد عرض عليه بعض أقطاب المعارضة مطالبه، خاصة في ما يتعلق بتأليف حكومة قديرة.
ومع أن الحملات الانتخابية للمرشحين لا تنطلق إلا قبل شهر من موعد الانتخابات التي يجب أن تجرى في غضون ستين يوماً من تاريخ الحلّ، بدأت الإمارة تعيش الأجواء الانتخابية، بحيث تكثر الاجتماعات والمشاورات واللقاءات الشعبية، وخاصة من خلال الدواوين المنتشرة في أنحاء البلاد. وينتظر كذلك أن تبدأ بعض الصحف توزيع أعدادها عند المساء بدلاً من الصباح، حتى يتسنى للمواطنين الاطلاع على الأحداث الانتخابية خلال لقاءاتهم المسائية في تلك الدواوين.
وكما في كل انتخابات برلمانية، يعود الجدل في ما يعرف بـ«الفرعيات»، وهي انتخابات تجري داخل القبائل والعائلات الكبيرة لاختيار مرشحيها إلى مجلس الأمة. وقد أصدرت المحكمة الدستورية الاثنين الماضي، قراراً يقضي بتجريم هذه الانتخابات الفرعية؛ لأنها تعزّز الولاء للقبيلة والعائلة على حساب الولاء للوطن. وأعلن بعض أقطاب المعارضة التزامه حكم «الدستورية» وعدم اللجوء إلى خوض الانتخابات الفرعية. لكن على ما يبدو، هذا النوع من الانتخابات لن يتوقف؛ إذ اعتادت القبائل والعائلات إجراءها بطرق عدة يصعب على السلطات اكتشافها والتصدي لها.