الكويت | تخطت المعارضة الكويتية مرحلة الاحتفاء بالانتصار الذي حقّقته باستقالة حكومة ناصر المحمد الصباح وتكليف الأمير وزير الدفاع السابق جابر المبارك الصباح (الصورة)، الذي أدى اليمين الدستورية، أمس، تأليف حكومة، وبدأت في رفع سقف مطالبها، في ما يبدو أنّه وضع شروط للتعامل معه، رغم أنّ خيار حلّ مجلس الأمة وإجراء انتخابات مبكرة يظل قائماً. وفي هذه الأثناء، طرأ تطور هام على فضيحة «الإيداعات المليونية» مع دخول قطر على خط الاتهامات. وقال النائب شعيب المويزري إن كتلة المعارضة، التي تمثّل نحو نصف مجلس الأمة المؤلف من 50 نائباً، ناقشت طريقة التعامل مع حكومة جابر المبارك الجديدة، مشيراً إلى أنّ الكتلة ستصدر اليوم بياناً تحدّد فيه الخطوات الرئيسية في هذا الشأن.
وأوضح أن المعارضة ستتصدى لأي «ممارسات حكومية سلبية تتعلق بمصالح الوطن والشعب الكويتي، وهي ليست معارضة أشخاص، بل معارضة أداء». وأضاف: «إذا كان أداء الشيخ المبارك إيجابياً، فسنتعاون معه، وإذا كان أداؤه سلبياً، فلنا موقف آخر، وسنتصدى له».
لكن ما قد يزيد الوضع تأزماً، الأنباء التي تتحدث عن وجود توجه حكومي إلى تعديل الدوائر الانتخابية من خمس إلى عشر، من خلال «مرسوم ضرورة» تصدره الحكومة، وهي خطوة ترفضها المعارضة على اعتبارها أنها تهدف إلى تشتيت أصوات أنصارها، وبالتالي إضعافها.
وعلق النائب المعارض محمد هايف على هذه الخطوة بالقول إنّ «من الضرورة لحكومة جابر المبارك الابتعاد عن مراسيم الضرورة»، مضيفاً: «نحن إذ نتمنى له التوفيق والنجاح بمهمته الصعبة، نحذره في الوقت نفسه من قوى الفساد». وتصرّ المعارضة، التي انتهت من موضوع المعتقلين على خلفية اقتحام مجلس الأمة منتصف الشهر الماضي، بعدما أُفرج عنهم بكفالة مالية، على إبقاء معالجة الفساد على رأس أولويات الحكومة الجديدة، بحيث تتمسك في قضية «الإيداعات المليونية» المتعلقة بتلقي نحو 15 نائباً رشى بقيمة نحو 350 مليون دولار من جانب الحكومة السابقة، مع أنّها لا تزال تدعو إلى حلّ مجلس الأمة، وإجراء انتخابات مبكرة.
أما التطور الأبرز في ملف «الإيداعات المليونية»، فكان دخول قطر على خط الاتهامات بالفساد، بحيث ذكرت تقارير صحافية، أن رئيس وزرائها حمد بن جاسم آل ثاني دفع مبلغ 200 مليون ريال لشخص يدعى «مُسلّم»، ما عدّته الموالاة إشارة إلى النائب مسلّم البراك، أحد أبرز قياديي المعارضة التي تصدّت لناصر المحمد.
وكشفت التقارير عن كتاب أرسلته «شركة المشاريع الخاصة» إلى مدير الخدمات المصرفية الخاصة للبنك البريطاني في قطر في الأول من حزيران 2011، تطلب فيه تحويل 200 مليون ريال قطري إلى حساب «Moussallam» في بنك الدوحة، وقد ختم الكتاب بتوقيع حمد بن جاسم.
وتعليقاً على هذه التقارير، قال النائب «الموالي» سعدون حماد: «تفاجأنا وتفاجأ الشعب الكويتي مما نُشر من أن رئيس وزراء قطر حوّل إلى أحد المواطنين 200 مليون ريال». وأضاف: «سأبدأ بجمع تواقيع النواب لتأليف لجنة تحقيق في هذا الشأن، في أول جلسة إن استمر المجلس».
من جهته، خاطب النائب البراك بنك الدوحة والبنك البريطاني، طالباً منهما الكشف إذا كان يملك حساب لديهما. وقال البراك: «لن أنفي اتهامات سعدون حماد بأنني قبضت من دولة شقيقة، بل سأثبت له أنه مرتشٍ، وبالمستندات».
في السياق، قال النائب المويزري إن «هناك قضاءً عادلاً في الكويت، ومن لديه معلومات، فليذهب بها إلى النيابة العامة ويقدّم شكوى بدلاً من تشويه سمعة الشرفاء، وأما الأسماء التي نُشرت لنواب تضخمت حساباتهم، فهي تهمة موجودة أمام النيابة وتمس 15 نائباً».
أما النائب الموالي خالد العدوة، فدعا إلى تأليف لجنة تحقيق برلمانية للتأكد من صحة «تحويل مبالغ مالية ضخمة من قطر لبعض النواب»، مؤكداً أن «هناك أنباء تشير إلى هبات مالية وتحويلات ضخمة بعضها نشر وبعضها في طريقه إلى النشر». وأضاف: «عن صحة هذه الأنباء، فإننا نقول بكل صراحة: ماذا تريد قطر من الكويت، وهي التي لم تترك بلداً عربياً إلا تدخلت فيه وفرضت نفسها وصياً على عالمنا؟».
على صعيد آخر، وبينما علّقت المعارضة اعتصاماتها في انتظار بيان نهج الحكومة الجديدة، يعتزم «البدون» البالغ عددهم عشرات الآلاف تنفيذ اعتصام في ساحة «الإرادة»، في العاشر من الجاري، في مناسبة يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ما من شأنه زيادة الضغط على الحكومة الجديدة.