دمشق | مع إقرار العقوبات العربية، يفترض أن تغيّر الصادرات السورية وجهاتها، وأن تبحث عن بدائل، محاولةً قدر الإمكان الاستفادة من العلاقة الاقتصادية المتطورة مع شريكيها الاقتصاديين، لبنان والعراق، عبر التحول من التجارة الحرة إلى سوق مشترك. أما خارج الإطار العربي، فقد أقرّت الحكومة السورية توقيف اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، ردّاً على العقوبات التركية، ويبدو أن أنقرة هي خاسر أكبر من سوريا، نتيجة هذه الخطوة المتبادلة.ويقول المدير العام لهيئة تنمية وترويج الصادرات، حسام اليوسف: «نحن طرحنا فكرة تطوير علاقاتنا الاقتصادية مع لبنان والعراق من تجارة حرة إلى سوق مشتركة من خلال ورقة قدّمناها إلى رئاسة مجلس الوزراء السوري، وهي بدورها ستقوم إما بتكليفنا أو تكليف جهات أخرى لطرحها مع الجانب الآخر. وعموماً، من المبكر الحديث عن العقوبات العربية؛ فلم نعرف حتى الآن الدول التي ستفرض علينا عقوبات حتى نقوم بالبحث عن بديل». ويشير إلى وجود انخفاض في قيمة الصادرات وصلت نسبتها إلى 4 في المئة خلال الأرباع الثلاثة من العام الحالي، مقارنة مع العام الماضي.
ويستأثر العراق بـ 26 في المئة من إجمالي الصادرات السورية، وهو ما يعادل 65 في المئة من صادرات سوريا للدول العربية و 48 في المئة من الصادرات غير النفطية. ويوضح مدير صندوق تنمية الصادرات، إيهاب أسمندر، أن «لبنان والعراق هما من أهم الدول العربية في استخدام المنتجات السورية؛ لأن 50 في المئة من صادراتنا تتجه إلى العراق، وهو الشريك رقم واحد لنا في مجال الصادرات، ونحو 5 في المئة إلى لبنان».
وبالنسبة إلى العلاقة الاقتصادية مع إيران، تحدد هيئة تنمية وترويج الصادرات أن المطلوب لتفعيل العلاقة مع إيران هو تصديق اتفاقية التجارة الحرة معها من قبل مجلس الشورى الإيراني ودخولها حيز التنفيذ؛ فالاستيراد السوري من إيران بلغ 16 مليار ليرة سورية، أي 2 في المئة من المستوردات السورية، أما قيمة الصادرات فهي أقل من 6 مليار ليرة، وتعادل 1 في المئة من الصادرات.
ويتحدث أسمندر عن تفعيل الاتفاقيات التجارية، ويقول «إن ذلك سيساعد على موازنة الأسواق؛ إذ إن الميزات المعطاة للدول العربية ستقدم أيضاً إلى إيران كي تصبح سوقاً جديدة؛ فهي بلد مستهلك، ودخلها الفردي مرتفع ويصل تعداد سكانها إلى 85 مليون نسمة. كذلك الحال بالنسبة إلى أوكرانيا وروسيا وأميركا اللاتينية والصين؛ لأن الاتفاقيات التجارية من شأنها أن تزيل القيود أمام التبادل التجاري بين الدول».
أما بالنسبة إلى الخطوة التركية، فإنه نظراً إلى أرقام حركة الصادرات السورية لعام 2010، كان الميزان التجاري لسوريا رابحاً مع الدول العربية بمقدار 106 مليارات ليرة سورية ومتوازن تقريباً مع أوروبا، فيما كان خاسراً مع الجانب التركي؛ فهي صدّرت لسوريا في عام 2010 (10 في المئة) من المستوردات السورية، بينما كانت نسبة الصادرات السورية إلى تركيا 5 في المئة. وبالتالي، كان الجانب التركي المستفيد الأكبر من هذا التعاون الاقتصادي، وتعليق اتفاقية التجارة الحرة لن يكون في مصلحته بتاتاً.
وانطلاقاً من مبدأ المعاملة بالمثل، قرّرت الحكومة السورية اتخاذ عدّة إجراءات مع الجانب التركي، بينها إيقاف العمل باتفاقية الشراكة المؤسسة لمنطقة تجارة حرة، وإخضاع المستوردات ذات المنشأ والمصدر التركي لأحكام التجارة الخارجية النافذة، واستيفاء الرسوم الجمركية منها، وفرض رسم بنسبة 30 في المئة من القيمة على كل المواد والبضائع المستوردة من تركيا لمصلحة دعم إعمار القرى النامية، واستيفاء مبلع 80 ليرة سورية عن كل ليتر مازوت من السيارات التركية المغادرة إلى تركيا.
وبما أن التجار وأصحاب المصانع السوريين كانوا مستائين من اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، والتي لا تصب في مصلحتهم، فقد أبدوا ارتياحاً لإيجابية القرار على وضع المنتجات السورية لكونها ستصبح بمواصفات عالية وأسعار تنافسية، ولا سيما أن معظم المنتجات التركية لها بدائل في السوق السوري.