عاش الملف السوري أمس، أجواء ترقُّب جديدة انتهت بعدم توقيع سوريا البروتوكول الخاص بإرسال مراقبين إلى سوريا، بحسب النسخة العربية التي رفض القيّمون عليها تكييفها بموجب التعديلات التي طلبت القيادة السورية إدخالها على نصّها الأصلي، الموضوع في اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط الشهر الماضي. انتهت المهلة ـــــ الإنذار العربيين الجديدين اللذين وضعهما العرب أول من أمس، تحت طائلة «خروج المبادرة من أيدي العرب»، لتفتَح احتمالات تدويل الأزمة على مصراعيها، مع إقرار الوزراء العرب رزمة العقوبات التي اتخذوها ضد سوريا قبل أيام.
وقد تشابه التعاطي السوري مع الانذار العربي الجديد مع طريقة تعاطيه مع الانذارات السابقة، إذ اقتصر الكلام الرسمي السوري على الإعلان عن تبادل رسائل واستفسارات بين دمشق والجامعة العربية، قبل أن ينتهي يوم أمس من دون تسجيل أي ردّ رسمي على التحذير العربي، الذي صدر عن اللجنة العربية المكلفة الاتصال بالقيادة السورية في الدوحة أول من أمس. غير أنّ يوم أمس شهد مؤشرات على احتمال موافقة القيادة السورية على بروتوكول المراقبين، وهو ما أكّده موقع تلفزيون «المنار»، إضافة إلى إذاعة «شام أف أم» السورية المقربة من النظام، لكنّ التعليق الرسمي اقتصر على تصريحات أدلى بها المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، الذي نقلت عنه وكالة «أسوشييتد برس» قوله إن «رسائل يجري تبادلها بين القيادة السورية والجامعة العربية للتوصل إلى رؤية مشتركة، تؤدي إلى تسهيل عمل المراقبين العرب في سوريا، مع الحفاظ على المصالح والسيادة السورية». كلام واجهه مصدر قطري رسمي بتشاؤم، في تأكيده لوكالة «فرانس برس»، أنّه لا يتوقع وصول أي وفد سوري يوم الأحد (أمس) إلى الدوحة لتوقيع بروتوكول المراقبين «لأن سوريا طالبت بإدخال تعديلات جديدة عليه والجامعة العربية رفضت هذا الطلب». غير أنّ المسؤول القطري الذي رفض الكشف عن هويته، ترك الباب مفتوحاً لتوقيع الاتفاق من قبل سوريا اليوم الاثنين، قائلاً «إذا كانت سوريا تريد التوقيع، فليأتوا غداً (الاثنين) إلى القاهرة».
وكانت اللجنة الوزارية العربية المكلفة الاتصال بدمشق، قد اجتمعت مساء السبت في الدوحة، وأقرت الترتيبات الخاصة بتطبيق العقوبات التي فرضت نهاية الشهر الماضي على دمشق، وحدّدت لائحة تضم 19 شخصية سورية باتت ممنوعة من السفر الى الدول العربية، كما جمدت أموالها وأصولها، إضافة إلى تحديدها مهلة تنتهي يوم الأحد (أمس) كي توقع سوريا على بروتوكول المراقبين، وسط إعراب رئيس وزراء قطر، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، عن خشيته من «خروج الأمور عن السيطرة العربية». وتضم لائحة الشخصيات السورية كلاً من ماهر الأسد ورامي مخلوف وآصف شوكت وداود راجحة ومحمد ابراهيم الشعار وعبد الفتاح قدسية ورستم غزالة أبو شحاطة وأيمن جابر ومحمد جابر وجميل الحسن وجامع جامع وحافظ مخلوف وعاطف نجيب وفيصل كلثوم ومنذر جميل الأسد وفواز جميل الأسد وعلي مملوك وذو الهمة شاليش ومحمد ديب زيتون، كما أعلنت اللجنة الوزارية العربية أن الدول العربية ستمتنع عن بيع سلاح إلى سوريا، وأنها ستخفض إلى النصف رحلاتها التجارية الى هذا البلد، ابتداءً من منتصف الشهر الجاري. وصدر عن اجتماع اللجنة في الدوحة بيان يتضمن ثماني نقاط تلخص العقوبات التي فرضتها اللجنة على سوريا، منها تكليف اللجنة الفنية العربية «بدراسة إيجاد خط بحري بديل للبضائع العابرة من تركيا إلى الأردن ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، والطلب من منظمات الهلال الأحمر العربية عقد اجتماع لوضع خطة إنسانية طارئة تأخذ في الاعتبار الاحتياجات الأساسية الضرورية للشعب السوري. بدوره، أوضح الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أنه «سيُعاد تقويم العقوبات وسيتوقّف ذلك على ردود فعل الحكومة السورية»، مع الإشارة إلى انضمام وفد يمثل وزارة الخارجية التركية إلى اجتماع اللجنة، لكون تركيا هي «أكبر جار لسوريا» وفق حمد بن جاسم. وقال الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، في ختام اجتماع اللجنة، «اتصلنا أثناء الاجتماع بدمشق وأجبنا عن الاستفسارات التي قدموها فوراً، وطلبنا أن يأتوا غداً (الأحد) للتوقيع على البروتوكول كما هو، ونحن ننتظر الجواب»، محذراً من خروج الوضع في سوريا «عن السيطرة العربية» في حال رفض دمشق التوقيع، وفيما اعترف الشيخ القطري بأن القرارات التي أُعلنت ضد سوريا هي «أشد قرارات في تاريخ الجامعة العربية»، أشار إلى أنّ «ما نخاف منه كعرب هو أن استمرار الوضع (الحالي في سوريا) سيُخرج الأمر عن السيطرة العربية». وتابع المسؤول القطري «نبحث عن إقناع الجانب السوري بأنه لا توجد مؤامرة عربية ضدهم، كل ما نريد هو ايقاف الدم كما نريد تغيير السياسة (في سوريا) بالفعل لا بالقول».
في غضون ذلك، أضاف الاسم الأبرز في «المجلس الوطني السوري» المعارض برهان غليون، موقفاً جديداً في إطار الحث على زيادة الضغوط على سوريا، عندما دعا، على هامش منتدى عن الانتقال نحو الديموقراطية في صوفيا، «مجلس الامن أولاً وقبل كل شيء إلى وضع آليات لحماية المدنيين الأبرياء»، وزيادة «الضغط اللازم على سوريا لإيجاد حل سياسي لهذه الأزمة، وتجنب الحرب الأهلية أو التدخل العسكري».
وفي إطار الضغوط العربية على سوريا أيضاً، وجّه رئيس البرلمان العربي علي سالم الدقباسي نداءً إلى كل من البرلمان الروسي والبرلمان الصيني لحث حكومتي دولهما علي دعم الجهود العربية والدولية الرامية إلى وقف أعمال «القتل والعنف». يُذكَر أن البرلمان العربي قرّر نقل أنشطة الأمانة العامة للبرلمان من دمشق إلى القاهرة.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)