يبدو أن إسرائيل بدأت بالفعل الخطوات التنفيذية الآيلة الى تشكيل تحالف بينها وبين عدد من الدول الأفريقية لـ«مواجهة الإسلام، وحصار التمدد الإيراني» في القارة السوداء، في خطوة يمكن اعتبارها محاولة للقفز عن البيئة المباشرة معها، وترجمةً لاستراتيجية مد الذراع السياسية الطويلة كبديل من مد الذراع العسكرية التي بقيت تتباهى بها لعقود خلت، في مواجهة الأخطار المحدقة بها، جراء المعادلات التي فرضتها عليها توازنات القوى الجديدة في المنطقة.
بعد 53 سنة من الزيارة التاريخية لوزيرة الخارجية الأسبق، غولدا مائير، و45 سنة على زيارة رئيس الوزراء في حينه ليفي أشكول لأفريقيا، ذكرت صحيفة «معاريف» أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخطط لزيارة رسمية لكل من أوغندا وكينيا، وربما تشمل أيضاً إثيوبيا والدولة الجديدة في جنوب السودان، مطلع السنة المقبلة، بهدف بلورة حلف إسرائيلي مع عدد من الدول المسيحية في أفريقيا، يشكل حزاماً حيال الإسلام المتصاعد في دول شمال أفريقيا في أعقاب تطورات «الربيع العربي».
وبحسب صحيفة «معاريف»، أيضاً، من غير المستبعد أن يجري نتنياهو خلال زيارته لأوغندا احتفالاً في ذكرى شقيقه يوني نتنياهو، الذي قتل خلال العملية الفدائية الشهيرة، المعروفة بعملية عينتيبي، لدى محاولة كوماندوس إسرائيلي إنقاذ الرهائن الذين كانوا بحوزة مقاومين فلسطينيين.
أما من الناحية الشكلية، فتأتي زيارة نتنياهو الأفريقية تلبيةً لدعوة وجّهها له كل من الرئيس الأوغندي، يوري موسبني، ورئيس الوزراء الكيني، رايله أودنغا في القدس، اللذين التقى بهما في القدس قبل نحو أسبوعين.
في السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى في القدس قوله إن «التغييرات الواقعة في شمال أفريقيا تؤثر أيضاً على باقي الدول الأفريقية، التي تخشى من إمكانية تعزز الإسلام المتطرف ومن تأثيره على القارة بأسرها»، الأمر الذي يعني أن إسرائيل شخّصت هذه المستجدات على أنها فرصة يمكن استغلالها لتجنيد هذه الدول، بالتعاون مع إسرائيل لمواجهة «الإسلام المتطرف» الذي تراهن تل أبيب على أن تكون له تأثيراته ومفاعيله على الحراك الإسلامي في تلك المنطقة. وضمن هذا الإطار، يأتي وصف المصدر الإسرائيلي عقد اتصال مع أقصى دول القرن الأفريقي التي تشكل بوابة الخروج الجنوبية لإسرائيل، سواء في الجو أو في البحر على أنها «مصلحة استراتيجية»، وخاصة أنها تطل على مسارات الإبحار الى إيلات وقريبة من مصر والسعودية.
وفيما يبدو أنها محاولة للالتفاف على الرقابة العسكرية، نسبت «معاريف» الى منشورات أجنبية قولها إن إسرائيل كانت ضالعة في الشؤون السياسية الداخلية في تلك الدول، انطلاقاً من هذه الرؤية الاستراتيجية. وبالتالي، فإن لإسرائيل مصلحة كبيرة أيضاً في رفع مستوى التعاون الاستخباري مع هذه الدول، التي يمكن اعتبارها أيضاً هدفاً مركزياً لبيع الأسلحة الإسرائيلية، وخاصة أن هذه الدول يمكن أن تكون معنية بالتكنولوجيا الإسرائيلية في المجال الأمني، والتي من ضمن أهدافها التصدي للخلايا الإسلامية ذات الصلة بالقاعدة، العاملة في أفريقيا عموماً وفي الصومال خصوصاً، وفي مواجهة الاستثمارات المالية الكبيرة لإيران.
الى ذلك، أوضحت «معاريف» أن لإسرائيل مصالح اقتصادية آخذة بالاتساع في أفريقيا في مجالات الزراعة، والاتصالات والبنى التحتية، من ضمنها مشروع تطوير بحيرة فيكتوريا الذي تشارك فيه كل من إسرائيل وألمانيا، ولا سيما في مجال الصيد.
وكان رئيس الوزراء الكيني، أودنغا، قد أكد خلال زيارته للقدس أن «إسرائيل يمكنها أن تساعد كينيا على بناء منظومة ضبط واعتقال المسلحين، واكتشاف أسلحتهم وتوجيه ضربات استباقية لهم». وفيما التزمت القيادة الإسرائيلية الصمت، سارع أودنغا الى القول إن إسرائيل استجابت لطلبهم ونقلوا عن كينيا قولهم إن «أعداء كينيا هم أعداء إسرائيل، وعلينا أن نساعد، وهذه فرصة لتعزيز علاقاتنا».