لم يحمل الاجتماع الطارئ لوزراء منظمة التعاون الإسلامي، في مدينة جدة السعودية، أمس، بحضور كل من وزراء الخارجية السوري وليد المعلم والإيراني علي أكبر صالحي والتركي أحمد داوود أوغلو، في ظل غياب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، جديداً نوعياً من ناحية التعاطي مع الأزمة السورية، أو التقدم بمبادرة جديدة تفتح ثغرة في الجدار الذي أُقفل بين سوريا والجامعة العربية.واقتصرت بنود البيان الختامي للاجتماع على حثّ سوريا على «الاستجابة لقرارات جامعة الدول العربية»، ومطالبتها بـ «التوقف فوراً عن استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين لتجنيب البلاد خطر تدويل الأزمة»، مع تجديد «التزام سيادة سوريا ووحدتها ورفضها التدخل الأجنبي»، بالإضافة إلى السماح بدخول المنظمات الإنسانية للمحافظة على حقوق الإنسان. ومما ورد في نص البيان «دعوة كافة الأطراف السورية المعنية إلى نبذ أساليب العنف واللجوء إلى الوسائل السلمية». ومن بين بنود البيان الختامي، إدانة «الاعتداءات على مقر السفارات في سوريا»، ومطالبة دمشق «بالاضطلاع بمسؤوليتها في حماية البعثات الدبلوماسية».
وقال الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلو، في مؤتمر صحافي، إنه «جرى تبني البيان بالإجماع، وهو يعكس التوازن داخل المنظمة؛ لأنه يؤكد الحرص على سوريا صوناً من التدخل الأجنبي، ويؤكد كذلك حرص الأمة الاسلامية على أرواح السوريين». وتابع أن المنظمة «تدعو سوريا إلى التجاوب إيجابياً وتوقيع بروتوكول بعثة المراقبين حقناً للدماء، وطلبنا تحرير السجناء السياسيين والإسراع في الحوار مع المعارضة والقوى السياسية والسماح للمنظمات الإنسانية بالدخول» إلى سوريا.
وتوقف إحسان أوغلو عند أهمية أنّ «هذا كان أول اجتماع للجنة التنفيذية للمنظمة حول سوريا بعد المبادرات الشخصية التي تقدمتُ بها لحل الأزمة السورية»، ليخلص إلى أن البيان الختامي «عبّر عن سقف مرتفع، نظراً إلى أنه أول اجتماع للمنظمة حيال سوريا».
وفي السياق، كشف إحسان أوغلو عن تحفظات سورية أعرب عنها الوزير السوري وليد المعلم في ما يتعلق ببنود البيان الختامي، موضحاً أنّ التحفظات السورية ستُدرَج في محضر الاجتماع، قبل أن يذكّر بأن البيان الختامي صدر بالإجماع.
وكان إحسان أوغلو قد استبق البيان الختامي بالإعراب عن رفضه تدويل الأزمة السورية والتدخل العسكري، مشيراً إلى ضرورة حل الأزمة من طريق وقف العنف والاحتكام إلى الحوار، آملاً خروج «توصيات عملية تساهم في التوصل إلى حل توافقي للأزمة». وكشف في هذا الإطار عن وجود «قرار بإرسال وفد رفيع من المنظمة إلى سوريا، لكن هذا لم يحصل نظراً إلى انشغال السلطات السورية بمتابعة الموقف على مستوى جامعة الدول العربية».
وتابع إحسان أوغلو، في كلمته التي نقلها التلفزيون الرسمي السعودي خلال الاجتماع الطارئ للمنظمة لبحث الأزمة في سوريا، قائلاً إن «اجتماع اليوم (أمس) يمثّل فرصة أخيرة للخروج بحل للأزمة السورية»، مشدداً على «رفض أي تدخل عسكري في سوريا أو تدويل الأزمة». ولفت إلى أن «المقاربة الأمنية والعسكرية ضد المدنيين غير مقبولة، وهو أسلوب أثبت عجزه ولن يؤدي إلا إلى مزيد من الدماء». وشدد الأمين العام للمنظمة على الحرص على «اتباع دبلوماسية هادئة مع سوريا من دون التدخل في شؤونها»، كاشفاً أن منظمته «سبق لها أن عرضت عدة مبادرات على القيادة السورية لحل الأزمة»، مثنياً في الوقت نفسه على «الجهود العربية والإقليمية لاحتواء الأزمة في سوريا». ودعا المسؤول، في كلمته الافتتاحية، إلى «تحقيق ما يصبو إليه الشعب السوري من تنمية اقتصادية وخلافه»، مؤكداً أن «استمرار (النظام السوري) بمقاربة تبنّي العنف أسلوب أثبت عكسه لاحتواء الأزمة»، محذراً من أن العنف «لن يؤدي إلا إلى تعقيد الأزمة».
وكانت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي قد طالبت السلطات السورية بـ«توخي الطرق السلمية وتطبيق الإصلاحات التي وعدت بها ووقف أعمال العنف ضد المدنيين، وذلك بهدف تجنيب البلاد مخاطر تدويل الأزمة، وما قد يستتبع ذلك من تداعيات خطيرة على الأمن والسلم في سوريا والمنطقة». وعن المبادرات التي تقدمت بها المنظمة ممثلة بشخصه، قال: «نحن في المنظمة أبدينا استعدادنا للمساهمة لاحتواء الأزمة بالطريقة التي ترضي جميع الأطراف ويجنب سوريا تدويل الأزمة ويحصنها من النزاع الداخلي»، مشيراً إلى رفض سوريا استقبال وفد المنظمة «متحججة بالاجتماعات» العربية.
وتجمع منظمة التعاون الإسلامي 57 دولة، ويهدف عملها إلى دمج الجهود لحماية وضمان تقدُّم مواطنيهم وجميع مسلمي العالم، وهي صاحبة عضوية دائمة في الأمم المتحدة.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)