دمشق تشترط إلغاء العقوبات لاستئناف التعاون مع الجامعة

حدّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم شروط بلاده لإعادة فتح النوافذ التي أقفلها العرب في التعاون مع دمشق. لا خوف من العقوبات العربية، ولا خشية من ضربة عسكرية. أما حكومة الوحدة الوطنية فمرفوضة قبل الحوار
جرياً على عادته في كل مرة تتعرض فيها بلاده لتحذير أو لعقوبات عربية، خرج وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، بمؤتمر صحافي، جدّد فيه الطمأنة إلى أن العقوبات الاقتصادية التي فرضها مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، ضد سوريا، أول من أمس، لن تسبّب الأذى للمواطنين إلا على مستوى الكماليات، مشيراً إلى أنه لن توجَّه ضربة عسكرية لسوريا.

وفي حين جدّد المعلم اتهام الجامعة العربية بإغلاق «جميع النوافذ مع سوريا»، من خلال قراراتها الأخيرة، وبسعي بعض أعضاء الجامعة إلى دفع الأمور باتجاه تدويل الأزمة السورية، حضر ضيف جديد في مؤتمره الصحافي، كان عبارة عن شريط مصوَّر يعرض صوراً مروّعة لما قال إنها أعمال وحشيّة ارتكبتها «المجموعات الإرهابية المسلّحة» بحق المدنيين وعناصر الجيش السوري. مؤتمر صحافي قاطعت فضائيّتا «الجزيرة» و«العربية» أجزاءً كبيرة منه، وهما اللتان نالتا قسطاً مهمّاً من انتقادات الوزير السوري على قاعدة أنهما «لا تسعيان إلى تقديم الحقيقة، وتقودان حرباً هدفها سفك دماء السوريين».
وعن العقوبات الاقتصادية التي فرضها وزراء الخارجية العرب، رأى المعلم أن المستهدف منها هو الشعب السوري، متسائلاً عن قيمة الجامعة العربية «إذا لم تكن فيها سوريا»، داعياً العرب إلى «دراسة تاريخ سوريا منذ إنذار غورو، لئلا يوجهوا إلينا إنذارات أو عقوبات». وفي السياق، أكد الوزير السوري أن وقف التعامل مع البنك المركزي هو «إعلان حرب اقتصادية من وجهة نظر القانون الدولي»، مشيراً إلى أنهم «إذا أرادوا التعامل مع سوريا بعقل وحرص، فعليهم إلغاء كل هذه العقوبات». كذلك اشترط على العرب إلغاء عقوباتهم الاقتصادية والالتزام بخطة العمل العربية، «عندها يمكن فتح الباب للتعاون مع سوريا». وأوضح أن «الخروج عن الخطة العربية بيّن أن هناك بعض الدول العربية التي ارتضت أن تكون طرفاً في مشروع ضد سوريا». وعن العقوبات الاقتصادية أيضاً، شدد وزير الخارجية على ضرورة «أن نثق باقتصادنا، ولا خشية من هذه العقوبات على معيشة المواطن، فشعبنا اعتاد الضغط». وتابع «نحن بلد يعتمد في 60 في المئة من اقتصاده على الإنتاج الزراعي، وبالتالي لا خوف على شعبنا من جوع أو برد، ولكن قد نتأثر ببعض الكماليات إلى حين. كذلك فإن معظم الاستثمارات يتجه نحو المشاريع العقارية، ولدينا جيش من المهندسين يستطيع تعويض ذلك». ورداً على تجميد الأصول السورية في الدول العربية، كشف المعلم أنه تم «سحب 95 في المئة من الودائع السورية في الدول العربية». وتابع مطمئناً «عندنا مخزون استراتيجي من القمح يكفي لعامين، ولدينا فائض في محصول القطن وزيت الزيتون. إن مبدأ أن تفرض الجامعة العربية عقوبات على شعب هو أمر مرفوض، وهذا غير مسبوق. عيب عليهم أن يصلوا إلى هذه النقطة». على صعيد آخر، جزم المعلم بأنه «ليس هناك عمل عسكري ضد سوريا»، لافتاً إلى أن «أقصى ما يمكن أن يحصل هو عقوبات اقتصادية تُرفَق بها أخرى سياسية».
واستفاد المسؤول السوري من هذه المناسبة ليحيّي الموقف العراقي «المشرّف والحريص على الشعبين السوري والعراقي وكذلك اللبناني»، في إشارة إلى رفض كل من بغداد وبيروت تطبيق العقوبات على سوريا، لافتاً إلى أن بلاده «ستخرج من هذا الوضع أقوى، ما سيضع حداً لكل من ركب الموجة من الخارج ويعيد للبعض صوابه». وأعرب عن فخر دمشق «بالموقف الروسي الصديق. ومن خلال المعلومات، لا حرب أو عمل عسكرياً خارجياً ضد سوريا، بل هناك تسليح وتدريب للمجموعات الإرهابية، وهذا مقدور عليه».
وقد خصّص الوزير المعلم جزءاً كبيراً من مؤتمره الصحافي لانتقاد الجامعة العربية ووزرائها، معتبراً أنهم «عندما يدعون الجيش السوري إلى وقف العنف، يتهمونه باطلاً بذلك، والسبب أنهم لا يعترفون بوجود مجموعات مسلحة إرهابية تمارس القتل والخطف والهجوم على المقارّ العامة». وفي السياق، ذكّر بالتزام قيادته بخطة العمل العربية التي وافقت عليها دمشق في الدوحة الشهر الماضي، و«مَن خرج عن نصّها هو اللجنة الوزارية العربية والجامعة العربية». وعاد المعلم في حديثه إلى قرار الوزراء العرب تعليق مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة العربية، عازياً سبب هذا القرار إلى «عدم رغبتهم في سماع الصوت الآخر»، مكرِّراً وصف مشروع البروتوكول الذي قدمته اللجنة الوزارية العربية الذي ينظم عمل بعثة المراقبين العرب بأنه «بروتوكول إذعان، لأنّ فيه مساساً بسيادتنا الوطنية». وجدّد الوزير الإصرار على السير في خطّة قيادته لإنهاء الأزمة، و«السير قدماً في الإصلاحات والجدية في الحوار الوطني الذي لن يكون فقط بين السلطة والمعارضة، لأن هناك ملايين من الشعب السوري لديهم مطالب ويجب أن يمثّلوا في الحوار، ومن لديه روح وطنية ويحرص على البلد فليدع إلى الحوار». وعن هذا الموضوع أيضاً اتهم المعلم الجامعة العربية بالعمل على تحريض المعارضة، من خلال «سحب معارضة الداخل إلى القاهرة ونقلها من عاصمة إلى أخرى». واختصر رؤية بلاده للموقف العربي بالقول إن «الجانب العربي بات واضحاً: يريد حواراً في القاهرة وحكومة وحدة وطنية ومرحلة انتقالية، وهذا مرفوض. أما في حال حصول حوار يشترك فيه الجميع، فقد يحصل اتفاق على حكومة وحدة وطنية ولكن بعد الحوار».
أما في ما يتعلق بالوضع الميداني، فقد جزم المعلم بأن الجيش السوري «يقوم بمهماته على أكمل وجه. ومنذ تسعة أشهر حتى اليوم لم يستخدم مدفع دبابة واحدة أو طائرات أو أسلحة ثقيلة، بل أسلحة فردية. واليوم معظم المدن أصبح فيها قوات لحفظ النظام». ورداً على سؤال بشأن تصريح نظيره الفرنسي آلان جوبيه الذي رأى أن «أيام النظام (السوري) باتت معدودة»، قال المعلم «أقول له عيش وبتشوف، إذا كتب له الله طول العمر».
(سانا، يو بي آي)