لن تكون أوضاع شركات التأمين السورية أفضل حالاً من قطاعات الاقتصاد الأخرى في ظل العقوبات الدولية والعربية، ولا سيما في ما يتعلق بتعاطي هذه الشركات مع الأسواق الخارجية؛ فكل شركة تأمين تحتاج إلى معيد تأمين في الخارج يقدّم لها التغطية للأخطار، وهي تواجه صعوبة اليوم في إعادة تجديد الاتفاقيات مع شركات إعادة التأمين، ولا سيما الأوروبية،
التي بدأت ترفع الصوت للمطالبة بوضع شروط جديدة وإضافية عن السنوات السابقة، جراء ما فُرض على سوريا من عقوبات اقتصادية من جهة، إضافة إلى أنّ منطقة الشرق الأوسط، ومن ضمنها سوريا أصبحت من المناطق ذات الأخطار المرتفعة، ما زاد من حذرها في تقديم التغطيات المطلوبة للأخطار. ولا يُخفي مديرو شركات التأمين قلقهم إزاء ما ستكون عليه ردود أفعال شركات إعادة التأمين النهائية، ومعظمها أوروبية، تجاه تجديد عقودهم مع سوق التأمين السوري، وخصوصاً أنّ الشركات السورية ترى أن بحثها عن شركات إعادة جديدة سيستغرق وقتاً؛ فإيجاد شركة واحد في السوق الروسي احتاج إلى شهر، كذلك فإن جهات الإعادة التي لم تتعامل في السابق مع سوريا قد ترى أنها غير مضطرة إلى دخول السوق السوري حالياً وتحمل أخطاراً عالية. هذا إضافة إلى ما يمكن أن تواجهه شركات التأمين مع شركات الإعادة من تكبد التزامات إضافية إن كانت بوليصة التأمين تعود لأحد الأسماء التي فرضت عليها عقوبات من الخارج.
ويشرح المدير العام لشركة «آروب» للتأمين، بشار الحلبي، طبيعة الشروط الجديدة التي تفرضها شركات الإعادة مع سريان موعد تجديد الاتفاقيات ابتداءً من نهاية الشهر العاشر. ويقول إن «شركات التأمين تدخل عادة في اتفاقيات الإعادة مع نوعين من المعيدين، إحداهما تسمى الاتفاقية الملزمة وتكون مع الجهة الأكبر وتكون لها الحصة العظمى في السوق، ويأتي من خلفها معيدون آخرون تتوزع بينهم الحصص الأصغر ويراوح عددهم بين خمس أو ست شركات». ويضيف الحلبي: «كي يتمكن السوق من تقديم رؤية واضحة عن الشكل الجديد لعقود اتفاقيات شركات التأمين مع المعيدين علينا الانتظار ما يقارب عشرين يوماً»، قبل أن يشير إلى أنه «في كل الأحوال، نحن في شركات التأمين السورية، قمنا بتجهيز البدائل إن رفضت شركات الإعادة الأوروبية تجديد اتفاقياتها، وأجرينا اتصالاتنا بالأسواق الآسيوية والعربية، والأخيرة هي أول البدائل المتاحة». لكنه أضاف أن «بعض الشركات لم تعبر حتى الآن عن مواقفها من السوق السوري».
وعن البنود الإضافية في اتفاقيات شركات الإعادة، يقول إن «المعلومات الأولية تشير إلى أن شركات الإعادة الراغبة في تجديد الاتفاقيات تريد إلغاء الشرط المتعلق بتغطية أعمال الشغب والاضطرابات من بوالص الممتلكات».
من جهته، يقول المدير العام لشركة العقيلة للتأمين التكافلي، فراس العظم، إنّ «الجديد الذي لاحظناه من المعيدين في شروط عقود الإعادة هو طلبهم لأمور لم نعتدها في السابق، كإدخال شرط العقوبات، ما يعني حماية المعيد لنفسه إن أصدر البلد الأم لشركة إعادة التأمين قوانين معينة سيلتزمها المعيد ويطبقها على العقود الموقعة مع شركاتنا، ويشمل ذلك العقوبات ضدّ أشخاص فرضت عليهم عقوبات». ويضيف أن «الأمر الآخر الذي يمكن أن يُفرض على الشركات يتعلق بأن تكون كل المطالبات السابقة لتغطيات تأمينية غير مدفوعة، بل توضع في حساب خاص ريثما تتغير القوانين، حينها ستدفع الأموال المودعة في الحسابات، والجانب السلبي في هذا الشرط هو شموليته لأنه قد يضم أي نوع من العقوبات».