انسحبت قوة أمنية سعودية، فجر أمس، من منطقة القطيف الشرقية التي شهدت اضطرابات أخيرة راح ضحيتها قتلى وجرحى، فيما التقى حاكم المنطقة مع وفد من أعيان المحافظة، في خطوة من شأنها تخفيف التوتر والاحتقان.وقالت مصادر حقوقية وشهود عيان إن «القوة الأمنية انسحبت تحديداً من بلدتي الشويكة والعوامية» اللتين شهدتا الأسبوع الماضي توتراً إثر مقتل أربعة شبان. وأكدوا انسحاب «الآليات والمدرعات والحافلات المصفحة التي تقل قوات مكافحة الشغب من مواقعها باتجاه الدمام، ورفعت نقاط وحواجز التفتيش».
وأعربت المصادر عن اعتقادها أن سحب القوة التي انتشرت أثناء أحداث الأسبوع الماضي هدفه تنفيس الاحتقان وتلافي الاحتكاك المباشر خلال إحياء ذكرى عاشوراء مع إقامة الشيعة المجالس الحسينية ليلاً طوال عشرة أيام.
وفي وقت لاحق، التقى حاكم المنطقة الشرقية، الأمير محمد بن فهد، وفداً من القطيف عبّر عن «رفضه وأسفه لما آلت له الامور، وأنه لا يقر ما بدر من البعض من تجاوزات»، بحسب مصدر رسمي.
وذكرت الوكالة الرسمية للأنباء «واس» أن أعضاء الوفد من رجال دين ومشايخ ووجهاء «أكدوا ولاءهم لقيادتهم وحرصهم على استتباب الأمن في أنحاء القطيف». ونقلت عن الأمير قوله إن «الدولة بتوجيهات من الملك عبد الله وولي العهد وزير الداخلية الأمير نايف حريصة على سلامة المواطنين وأمنهم ولن تسمح لمثل هؤلاء على قلتهم بأن يعكروا صفو الأمن». وهذا اللقاء هو الثاني من نوعه منذ أسبوع.
من جهة ثانية، أكد مصدر شارك في اللقاء أن الأمير محمد «استمع إلى مطالب أبناء المحافظة، وتحديداً إطلاق سراح المعتقلين وتحقيق العدالة الشاملة بين جميع المواطنين وإلغاء التمييز والفرز المذهبي». وأضاف أن اللقاء اتسم بالإيجابية، مشيراً إلى أن الأمير «وعد الوفد خيراً بتفعيل النظر في المطالب. وجرى التطرق إلى الأمور السابقة والحالية، ونحن ننتظر النتائج الحقيقية لهذا اللقاء».
في المقابل، طالب رجل الدين الشيعي البارز في بلدة العوامية الشيخ نمر آل نمر، المطارد من السلطات، بإطلاق سراح المعتقلين «على خلفية التظاهرات وكل سجناء الرأي من الشيعة والسنّة، وتحقيق العدالة والحرية وخروج قوات «درع الجزيرة» من البحرين». وقال إن «الحراك المطلبي، إن خرج عن سلميته سيخسر الغطاء الاجتماعي والتعاطف الدولي». وحذر من «إراقة الدماء؛ لأن ثمنها باهظ جداً، ولن تُنسى وستولد عشرات ومئات الشهداء الذين سيسلكون الدرب نفسه»، وردد خلال تأبين القتيل علي آل قريريص «أنا الشهيد التالي».
بدوره، دعا رجل الدين البارز منير الخباز، خلال مجلس في مناسبة عاشوراء، إلى قيام الدول الإسلامية «التي تضم مذاهب مختلفة بخطوات لسدّ باب الاختلاف الطائفي من خلال الاعتراف الرسمي بالمذاهب، وتحريم لغة التكفير أو التخوين، وتنقية الكتب ووسائل التعليم والإعلام».
وأكد الشيخ عبد الكريم الحبيل أن «أبناء القطيف لا ينفذون أجندة خارجية، بل يطالبون بحقوقهم». ودعا المحتجين إلى «اتباع الأساليب الحضارية»، مؤكداً أن «الاصطدام برجال الأمن أمر محرم»، مشدداً على عدم تحويل مواكب العزاء في عاشوراء إلى تظاهرات».
(أ ف ب)