في أقوى انتقاد يوجه حتى الآن من قبل سياسي ليبي الى الحكام الجدد للبلاد الذين قادوا انتفاضة أنهت حكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وصف القائم بأعمال رئيس الوزراء الليبي المنتهية ولايته، علي الترهوني، الزعماء الحاليين للبلاد بأنهم نخبة غير منتخبة وأنهم مدعومون «بالمال والسلاح والعلاقات». وحذر من أن 90 في المئة من ليبيا ليس لها صوت سياسي. وقال الترهوني، أول من أمس، غداة تشكيل الحكومة الجديدة، إن الأصوات التي تُسمع الآن في ليبيا هي أصوات النخبة وأصوات المجلس الوطني الانتقالي الذي لم يُنتخب، وأصوات آخرين يدعمون من الخارج بالمال والسلاح والعلاقات. وأضاف، في مؤتمر صحافي، أن الوقت قد حان لسماع أصوات الليبيين، وأن ليبيا بحاجة إلى إعادة بناء الحركة الديموقراطية الدستورية.
وقال الترهوني إنه طُلب منه الانضمام للحكومة لكنه رفض بسبب تحديات المرحلة الانتقالية ولأنه يريد التحدث بحرية، محذّراً من خطر يحدق بسيادة ليبيا. وذكر أنه يرى أن ثروة الشعب الليبي في خطر، وأن القضايا الاقتصادية هي تحد كبير.
وأضاف الترهوني أن المجلس الوطني الانتقالي فشل فشلاً ذريعاً في دمج الميليشيات المسلحة المختلفة التي مازالت تهيم في ليبيا تحت قيادة جيش وطني رسمي، مشيراً إلى التحديات الأمنية والاقتصادية الكثيرة التي تواجه الحكومة الوليدة في البلاد بعد خروجها من صراع دموي، وقال إن سلامة المنشآت النفطية قضية مهمة. وأضاف أنه يأمل أن تأخذ الحكومة الجديدة هذا الأمر على محمل الجد.
وكان الترهوني وزيراً للنفط والمال في السلطة الليبية الانتقالية المنتهية ولايتها، وتولى لفترة قصيرة منصب القائم بأعمال رئيس الوزراء بعد استقالة محمود جبريل من منصبه.
وكان الترهوني من أبرز المرشحين لتولي وزارة المال في حكومة عبد الرحيم الكيب حتى اللحظة الأخيرة. وأعلن المجلس الوطني الانتقالي يوم الثلاثاء تشكيل الحكومة الجديدة التي تضم شخصيات ستعمل على تهدئة التناحرات بين الفصائل الاقليمية، لكن جماعات محددة مثل الأمازيغ قاطعت الحكومة الجديدة احتجاجاً على عدم تمثيلها بالقدر الكافي.
في غضون ذلك، أجرى رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل، خلال أول زيارة قام بها أمس إلى السودان بعد اطاحة نظام القذافي، مباحثات مع الرئيس السوداني عمر البشير. وحضر المسؤول الليبي مساء أمس الجلسة الختامية لمؤتمر حزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم في السودان)، حسبما ذكر الأمين الصحافي للرئيس السوداني عماد سيد احمد.
وأعلن الرئيس السوداني في تشرين الاول الماضي، أن السودان دعم المعارضة الليبية بالسلاح رداً على دعم الرئيس الليبي الراحل للحركات المتمردة في دارفور وعلى رأس ذلك هجوم حركة العدل والمساواة الدارفورية على العاصمة السودانية في 2008. وليبيا لديها حدود مع اقليم دارفور غربي السودان المضطرب منذ عام 2003.
وفي تطورات قضية محاكمة نجل الزعيم الليبي الراحل سيف الاسلام القذافي، أعلن مدعي المحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو اوكامبو، أمس، مجدداً، أن محاكمة سيف الاسلام أمام المحكمة الدولية الجنائية في ليبيا، أمر وارد.
وقال المدعي في وثيقة رفعها الى قضاة المحكمة الجنائية الدولية لخص فيها نتيجة زيارته الى ليبيا من الثلاثاء الى الخميس الماضي، ان «المدعي اقترح امكانية ثالثة (على السلطات الليبية) هي ان تحاكم المحكمة الجنائية الدولية، بعد موافقة القضاة، سيف الاسلام في ليبيا».
في هذه الأثناء، قال طبيب تولى فحص سيف الاسلام القذافي المعتقل لدى السلطات الليبية الانتقالية في الزنتان، إن نجل العقيد يحتاج الى جراحة لازالة انسجة اصابتها الغرغرينا في اصبعين بيده اليمن، وانه إذا لم تجر الجراحة فقد يصاب بمرض خطير.
وقال الطبيب الأوكراني المولد اندريه موراخوفسكي، الذي يعمل في الزنتان، بعدما قام بعلاجه قبل ثلاثة أيام «هذا الجرح ليس في حالة جيدة ويحتاج إلى بتر».
وفي تونس، غاب رئيس الوزراء الليبي السابق، البغدادي المحمودي، عن جلسة محاكمة للنظر في تسليمه الى السلطات الليبية، وذلك بسبب «تهديدات» تلقاها، حسبما اعلن محاموه. وقال منسق هيئة الدفاع عن المحمودي، المحامي مبروك كرشيد، لوكالة فرانس برس «لقد تلقى المحمودي تهديدات خطية بالقتل من اشخاص ليبيين وطلب الاذن له بعدم مغادرة سجن المرناقية» قرب العاصمة حيث يسجن. ونظر القضاء التونسي أمس في طلب ثان قدمته السلطات الليبية لتسليمها المحمودي.
(أ ف ب، رويترز)