رام الله | كثيرة هي التصريحات التي خرجت عن مسؤولين في حركتي «فتح» و«حماس» من جهة، ومن بعض المصادر المطلعة من جهة ثانية، حول لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل. ورغم ايجابية هذه التصريحات فإن الأكثر وضوحاً هو استمرار الخلافات، لكثرة الملفات المعقدة.الملف الرئيس هو الحكومة و«عقدة» رئيسها المقبل، فقد خرجت تصريحات من مصدر فلسطيني تقول إن عباس لا يزال متمسكاً بتولي سلام فياض رئاسة حكومة التكنوقراط الفلسطينية المقبلة. وأكدت مصادر أخرى لـ«الأخبار» أن الحكومة ستشكل من تكنوقراط في محاولة للهروب من الابتزاز الأميركي الإسرائيلي الذي يهدد بالإقدام على خطوات عقابية اذا ما كانت الحكومة من حركتي «فتح» و«حماس».
هذه المصادر لم تستبعد أن يطرح عباس «نفسه» مرشحاً لتشكيل الحكومة، للحيلولة دون تمكين إسرائيل من اتخاذ أي إجراءات ضد الفلسطينيين في المرحلة المقبلة، رغم أن المرشح الأقوى، اذا ما استبعد فياض، هو رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى، يليه رجل الأعمال الفلسطيني مازن سنقرط. وأشارت المصادر إلى أن ترشيح عباس لنفسه قد يمكّن دول الاتحاد الأوروبي من اتخاذ مواقف مستقلة عن الموقف الأميركي، لأنه قد يعني أن الحكومة تعترف بشروط اللجنة الرباعية.
المحلل السياسي هاني حبيب تحدث لـ«الأخبار» عن اللقاء المرتقب، مؤكداً أن «المشكلة لا تتعلق برئيس الحكومة، لكن فتح وحماس اتخذتا من هذا الأمر ذريعة للهروب من المصالحة». وقال «اللقاء سيكون مثل اللقاءات السابقة، وشكلاً من أشكال خداع الجمهور، لأن الطرفين لا يستطيعان القول إننا لا نريد المصالحة، لكن كل طرف يكيل الاتهامات ويرمي الكرة في ملعب الآخر». حبيب يعتقد أن ملفات المصالحة بالغة التعقيد، مشيراً إلى أن الاجراءات على الأرض لا تشير إلى إمكانية تحقيقها، مثل القوانين السائدة، وقرارات المجلس التشريعي في غزة «غير شرعية»، وحتى أن هناك مراسيم رئاسية «غير شرعية» في الضفة الغربية، كما أن الاعتقالات السياسية مستمرة حتى اليوم من قبل الطرفين في غزة والضفة. ويختتم بأن «أفضل ما يمكن من هذا اللقاء هو التعاطي مع الأمر الواقع، وأن يتحول «الانقسام» إلى «اقتسام» في ظل عدم توفر إرادة حقيقية للمصالحة».
مسؤولون في حركة «فتح» قالوا إن لقاء عباس ومشعل سيركز على الموضوع السياسي، وتثبيت القضايا التي تم الاتفاق عليها في القاهرة في شهر أيار الماضي، وان يصار الى عقد اجتماع للفصائل الفلسطينية في كانون الأول المقبل، من اجل وضع آليات تنفيذية لما تم الاتفاق عليه. وتجمع التصريحات على أن لقاء عباس ومشعل ‏لن يركز فقط على تشكيل الحكومة كما يتردد، بل سيصار إلى إطلاع مشعل على الخطوات السياسية والاستراتيجية التي تدرس السلطة الفلسطينية القيام بها لمواجهة التعنت الاسرائيلي في عملية السلام.
أما عن الملفات الأخرى، فأكدت المصادر أن «فتح» و«حماس» اتفقتا على تشكيل قيادة موحدة لمنظمة التحرير، تضم الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، لتعمل على صياغة برنامج سياسي للمنظمة، لتقليص الفجوات بين كافة الأطراف عند بحث قضايا المصالحة الأخرى، مثل الانتخابات وإعادة تشكيل الأجهزة الأمنية وهيكلتها.
وفي ما يتعلق بالأجهزة الأمنية، أكدت المصادر أن «فتح» و«حماس» ليستا الطرفين الوحيدين اللذين بإمكانهما التأثير على هذه القضية، حيث لا يمكن تجاهل حقيقة وقوع الضفة الغربية بأسرها تحت الحكم الإسرائيلي المباشر، ما يجعل إسرائيل قادرة على التأثير على أي اتفاق يتعلق بالأجهزة الأمنية العاملة في الضفة الغربية بنحو مختلف عن غزة.
الجميع ينتظر نتائج اللقاء حتى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي رفض الاستجابة لطلب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تحويل أموال عائدات الضرائب للسلطة الوطنية الفلسطينية، بحجة أن الغالبية في المجلس الوزاري المصغّر تعارض تحويل الأموال. وكشفت صحيفة «هآرتس» أن كلينتون اتصلت بنتنياهو وطلبت منه تحويل الأموال إلى السلطة، لكن الأخير رفض مدعياً أنه سينتظر نتائج اللقاء بين الرئيس محمود عباس وخالد مشعل.