كما في العديد من المحطات الاستراتيجية التي مرّت بها إسرائيل طوال تاريخها، من الطبيعي أن تبادر قيادتها الأمنية والسياسية إلى إعادة تقويم سياساتها ودراسة خياراتها، مع كل منعطف استراتيجي تشهده المنطقة، وتحديداً لو كانت لهذه المستجدات آثار مباشرة على الأمن القومي الإسرائيلي. وبناءً على ذلك، قد لا يبدو مستبعداً ما كشفته صحيفة «معاريف» أمس، عن أن المؤسسة الأمنية ووزارة الخارجية أجرتا في الآونة الأخيرة نقاشات تتمحور حول إمكان تغيير علاقة إسرائيل بحركة «حماس» على خلفية التحول الذي بدأت تتراكم مؤشراته بشأن إمكان تغيير أوساط دولية علاقتها السلبية تجاه الحركة بهدف تقريبها من الجهات المعتدلة، وبالتالي منحها شرعية سياسية. وفيما لو صحت معلومات «معاريف»، يمكن القول إن إسرائيل باتت على مقربة من الإقرار الضمني بأن خياراتها السياسية والعسكرية أضحت أكثر ضيقاً من أي مرحلة سابقة في مواجهة قوى المقاومة في قطاع غزة. وضمن هذا الإطار تأتي إشارة «معاريف» إلى أن تغيير هذه العلاقة طُرح في إطار نقاشات موسعة بين مسؤولين كبار في إسرائيل في ضوء اتفاق المصالحة الفلسطينية، والاتصالات الجارية لتأليف حكومة وحدة وطنية بين السلطة و«حماس»، إذ جرى خلالها عرض أسئلة تتصل بالعلاقة المتبادلة التي يجب أن تقوم بين إسرائيل والحكومة الفلسطينية الجديدة التي تشمل ممثلين عن حركة «حماس»، وما إذا كانت ستسمح لحماس بأداء دور في الانتخابات المقبلة المنوي إجراؤها منتصف العام المقبل.
في السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن هناك إمكان لتأليف حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وإن ما يدور في إسرائيل ليس مطالبة السلطة بالتخلي عن «حماس»، بل محاولة لدراسة الشروط التي تستطيع الدولة العبرية التعاون من خلالها مع الحكومة الفلسطينية الجديدة التي ستكون «حماس» جزءاً منها. وبحسب «معاريف»، فقد تعالت أصوات تطالب بخفض سقف الشروط الإسرائيلية، وبحث إمكان أن تعترف الحكومة الفلسطينية الجديدة بإسرائيل والاتفاقيات الموقّعة، ضمن مناقشة ما ستطلبه إسرائيل والولايات المتحدة من الحكومة الفلسطينية.
وفي تفصيل الأسباب التي دفعت الدولة العبرية إلى مراجعة سياساتها الفلسطينية، أوضحت «معاريف» أنه يتّضح من خلال النقاشات التي جرت في وزارتي الدفاع والخارجية الإسرائيليتين أن «حماس باتت تحظى بشرعية في المجتمع الدولي، إلى جانب سيطرتها على قطاع غزة واجتهادها لضبط الأوضاع الأمنية، باستثناء أحداث محدودة». هذا إلى جانب ازدياد قوة الإخوان المسلمين التي تخشى إسرائيل من أن تخلق واقعاً أسوأ من القائم حالياً مع «حماس».