كثّفت المعارضة السورية، تحديداً شقّها الممثَّل بـ«المجلس الوطني السوري» من نشاطاتها الأوروبية في اليومين الماضيين، وبلغت ذروتها مع نيل «المجلس» شبه اعتراف من باريس، حيث دعا الاسم الأبرز في هذا التنظيم المعارض، برهان غليون، إلى «تنسيق دولي أفضل لمواجهة نظام يمارس سياسة الهروب إلى الأمام»، مع توجيهه رسالة إلى «الجيش السوري الحر»، الذي يضم جنوداً وضباطاً منشقّين عن الجيش النظامي، «إلى عدم تنفيذ عمليات هجومية ضد الجيش». وقال غليون، إثر لقاء مع وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في باريس، «نأمل أن يتحرك هذا الجيش في المهمات الدفاعية لحماية الجنود الذين غادروا الجيش والمتظاهرين السلميين، لكن من دون تنفيذ أعمال هجومية ضد مواقع الجيش النظامي». ورداً على دعوات توحيد المعارضة السورية، أجاب غليون أن «المعارضة ليست موحدة في أي من البلدان. نحن نبحث عن أرضية مشتركة، وناقشنا خريطة طريق أعددناها نحو انتقال ديموقراطي وسلمي لتجنيب سوريا الحرب الأهلية والتدخل العسكري الذي يريد الجميع تجنبه»، علماً بأن اللقاء بين غليون وجوبيه هو الثاني منذ 10 تشرين الأول الماضي. وكان وفد «المجلس» برئاسة غليون قد واصل جولته الإقليمية والأوروبية بلقاء عقده أول من أمس مع مفوضة الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون في بروكسل، حيث دعت المسؤولة الأوروبية المعارضة السورية الى «العمل بشكل وثيق مع الجامعة العربية نحو تحول ديموقراطي»، مشددة على الحاجة لكي تتوحّد المعارضة السورية حول «برنامج سياسي شامل». ونقل المتحدث باسم آشتون مايكل مان عنها قولها «نرحّب بالجهود الحالية للمعارضة السورية لوضع برنامج موحد، والعمل من أجل رؤية مشتركة لمستقبل سوريا والانتقال الى نظام ديموقراطي». وتابع «أبرزت (آشتون) أهمية برنامج سياسي شامل للمعارضة والانتقال الى نظام ديموقراطي». وفي السياق جدّدت المسؤولة الأوروبية تعبيرها عن قلقها «العميق» بشأن الوضع المتدهور في سوريا، داعيةً المعارضة السورية إلى الحفاظ على «نهج سلمي وغير طائفي في منبر معارض يضم كل الأديان والمجموعات الإثنية».
وسبق لـ«المجلس الوطني» أن كشف أنه بصدد الإعداد مع عدد من القوى السياسية السورية لـ«مؤتمر وطني بهدف الإعداد للمرحلة الانتقالية برعاية الجامعة العربية». وجاء في بيان لـ«المجلس» أنه «يجري مشاورات موسعة مع عدد من الشخصيات والقوى السياسية السورية بهدف الإعداد للمرحلة الانتقالية، وفق ما نصت عليه مبادرة جامعة الدول العربية». وأوضح أنّ «المجلس» اتفق مع «عدد من الشخصيات الوطنية ومسؤولي قوى سياسية وناشطين من الحراك الثوري في القاهرة على تشكيل لجنة تحضيرية تضم ممثلين عن قوى سياسية وشخصيات مستقلة تتولى الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني سوري يشرف على الإعداد للمرحلة الانتقالية برعاية الجامعة العربية». وتابع البيان «من المقرر أن تصدر عن المؤتمر مذكرة خاصة بمرحلة ما بعد النظام السوري سترفع إلى المجلس الوزاري العربي».
عربياً، واصل الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لقاءاته مع ممثلي المعارضة السورية، فالتقى في القاهرة أول من أمس، وفداً ضم «الهيئة الوطنية لدعم الثورة السورية» برئاسة الدكتور طلال محمد التركاوي، و«المجلس الوطني الكردي» برئاسة عبد الحميد درويش. كما بحث العربي مع ممثلي الجالية السورية في السعودية «تطورات الأوضاع في سوريا، والجهود التي تقوم بها الجامعة لحماية المدنيين ووقف العنف هناك»، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
على صعيد آخر، كان للمنسق العام لهيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديموقراطي، حسن عبد العظيم، موقف رأى فيه أن «على النظام تطبيق المبادرة العربية»، محذراً من أن «أي مماطلة ستؤدي إلى تدويل الأزمة السورية والحرب الأهلية». ودافع عبد العظيم عن نبيل العربي، على قاعدة أنه «لا يسعى إلى تمرير أي غطاء لتدخل عسكري معين»، وجازماً بأنه «لا يمكن في أجواء العنف السائدة الحديث عن أي حوار مع النظام».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)