الجامعة تعدّ عقوبات اقتصاديّة تشمل 5 قطاعات... و«المجلس الوطني» و«هيئة التنسيق» نحو التوحُّد... والرياض تهاجم دمشق

سرّبت السلطات السورية أنباء تفيد بنية دمشق إلغاء المادة الثامنة من الدستور، وسط تصعيد سوري ــ خليجي متبادل، عشيّة نظر الجامعة العربية بعقوبات اقتصادية تشمل 5 قطاعات، بينما تتقدم مساعي المعارضة نحو التوحُّد
استبقت سوريا الاجتماعين المرتقبين لوزراء الخارجية العرب غداً وبعد غد المخصَّصين لمناقشة تصعيد عربي محتمل ضد دمشق، بإشارات متنوعة، أبرزها الاعلان شبه الرسمي عن نيّة لجنة إعداد الدستور الجديد إلغاء المادة الثامنة التي تنصّ على أن حزب البعث هو الحزب القائد للمجتمع والدولة،

بينما كانت المعارضة السورية بجناحيها «المجلس الوطني» و«هيئة التنسيق» توسّع نشاطاتها مع عقدها اجتماعاً مع وزير الخارجية البريطانية، وسط معلومات تؤكّد أن التنظيمين المعارضين يسعيان إلى تأسيس إطار جديد موحَّد للمعارضة السورية، بمبادرة من الجامعة العربية. وكشف عضو لجنة إعداد الدستور الجديد في سوريا، المحامي محمد خير العكّام، أن أعضاء اللجنة اتفقوا على «إلغاء المادة الثامنة كلياً من الدستور»، مشيراً إلى البحث «عن صيغة جديدة لا علاقة لها بصيغة المادة الثامنة تلغي الدور الاحتكاري لحزب البعث العربي الاشتراكي في قيادة العمل السياسي في سوريا». ولفت إلى أنّ «منصب رئيس الحكومة لن يبقى محصوراً بحزب البعث، بل سينتقل إلى الحزب الفائز بنتيجة الانتخابات»، كاشفاً أيضاً أن «اختيار رئيس الجمهورية سيكون عبر الانتخاب لا الاستفتاء».
وفيما كان الرئيس بشار الأسد يلتقي وفداً روسياً ضم إعلاميين ومثقفين وأكاديميين وناشطين شباباً في أحزاب ومنظمات شبابية مختلفة، للإعراب عن تقدير دمشق «لموقف روسيا الموضوعي من الأحداث»، اتهم المندوب السوري لدى الجامعة العربية، السفير يوسف الأحمد، «دول الخليج بضخ الاموال من أجل تخريب الوضع في سوريا». وقال في تصريح لصحيفة «الرأي» الكويتية إن «هناك حوالات مالية تأتي من دول الخليج بهدف خراب سوريا، كما أن هناك أسلحة يتم تهريبها، إضافة إلى التحريض الإعلامي الكبير ضد النظام السوري»، وهو ما نفته كل من الكويت والعراق.
في الجهة المقابلة، ظهرت خيوط عن التصعيد المحتمل أن يسلكه وزراء الخارجية العرب ضد سوريا في اليومين المقبلين؛ فبحسب صحيفة «الاقتصادية» السعودية، تستعد جامعة الدول العربية «لفرض عقوبات اقتصادية على سوريا، من خلال شمول العقوبات 5 قطاعات اقتصادية مؤثرة». ونقلت الصحيفة عن الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في الجامعة العربية، محمد التويجري، قوله إنه «سيتم خلال الأيام المقبلة طرح عدد من العقوبات التي اقترحها خبراء الجامعة ومنها: السفر، التحويلات البنكية، تجميد الأموال في الدول العربية، إيقاف المشاريع القائمة في سوريا، المشاريع المشتركة، التعاملات التجارية، وتعليق عضوية دمشق في منطقة التجارة العربية الحرة».
وفيما شدّد التويجري على أن «أعضاء الجامعة متفقون على ضرورة ألا تطاول العقوبات الاقتصادية الشعب السوري، وأن تستهدف بالدرجة الأولى النظام»، اعترف بأن القرار المذكور، الذي «يتطلب موافقة أغلبية الدول الأعضاء»، قد «يطاول الشعب جزء من تأثيراته»، إضافة إلى وجوب النظر «إلى تأثير العقوبات الاقتصادية على سوريا في دول الجوار، مثل مصر ولبنان والأردن». وشدد على أن الدول العربية «لا ترغب في دخول تركيا في تطبيق العقوبات الاقتصادية على سوريا بالنظر إلى أن الاتفاق يتعلق فقط بالدول العربية».
في المقابل، خرج كلام يدعو إلى التهدئة عن نائب الأمين العام للجامعة أحمد بن حلي، الذي رأى أن الدعوة إلى إقامة منطقة عازلة في سوريا هي «توجه خطير سيعقد الحل»، رافضاً أي تدخل أجنبي في سوريا. وبشأن العقوبات الاقتصادية ضد سوريا، أجاب بن حلي «لم نصل إلى هذه المرحلة بعد»، إلا أنه أوضح بأن «اجتماعَي (الأربعاء والخميس لوزراء الخارجية العرب) سيتحدّد فيهما الكثير من الإجراءات التي من شأنها أن تحقن دماء الإخوة السوريين». وقد خرجت السعودية بدورها بمواقف تصعيدية حين دعت دمشق إلى «التنفيذ الكامل لتعهداتها» الواردة في المبادرة العربية. ونقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية عن وزير الثقافة والاعلام عبد العزيز خوجة عقب الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء، تنويهه «بالجهود التي تبذلها الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية بشأن الوضع في سوريا». وأكد خوجة «أهمية توفير الحماية للمدنيين السوريين ووقف أعمال القتل والعنف».
وفي إطار المواقف الدولية المساندة لدمشق، كررت روسيا، على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف، اتهامها الدول الغربية بأنها «من خلال توصيتها مباشرة بعدم دخول المعارضة في حوار مع نظام بشار الأسد، فإنها ترتكب تحريضاً سياسياً على نطاق دولي». ومن جهة المعارضة السورية، لم يخرج عن اجتماع طرفيها «المجلس الوطني» و«هيئة التنسيق» مع وزير الخارجية البريطانية وليام هيغ، في لندن، أمس، أي قرار بريطاني بالاعتراف بالمعارضة لكون لندن «لم تصل إلى مرحلة الاعتراف رسمياً بالمعارضة، ويرجع ذلك جزئياً إلى وجود فصائل مختلفة وعدم وجود جماعة واحدة تسيطر على أرض في سوريا وتمثل جميع أطياف المعارضة السورية»، بحسب هيغ الذي أعاد الطمأنة إلى أن الغرب «لا يفكر في الدعوة أو التدخل العسكري في سوريا كما فعلنا في ليبيا». وعُرف من أعضاء الوفد الذي التقى هيغ، بشكل منفصل، كل من برهان غليون وهيثم مناع ورامي عبد الرحمن. وتجمع الأنباء على أن قضية عدم توحد المعارضة يتم العمل على حلها بين أطراف المعارضات السورية بهدف التوصل إلى تأسيس إطار معارض جديد موحَّد. وآخر المعلومات كشف عنها القيادي في «هيئة التنسيق»، حسين العودات، الذي قال لصحيفة «الوطن» السورية أن هناك «مساعي لتشكيل تنظيم موحَّد يضم هيئة التنسيق والمجلس الوطني»، مشيراً إلى انعقاد اجتماع مشترك بينهما في مدة أقصاها أسبوع في القاهرة لهذا الغرض برعاية الجامعة العربية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)