تنتظر البحرين غداً موعداً طال انتظاره مع لجنة تقصي الحقائق التي عينها الملك حمد بن عيسى برئاسة القاضي شريف بسيوني، لإصدار تقريرها حول الأحداث الأخيرة. تقرير استبقته السلطة ببيانات تتضمن «ترحيباً» وكأنها واثقة من أنه لن يُدين أياً من القيادات العليا في البلاد، بل سيكتفي بصغار القوم يكونون «كبش محرقة» لحفظ ماء الوجه. أمّا المعارضة الرسمية، ففضل نوابها التريث، لكنّ النائب عن جمعية «الوفاق» سيد هادي الموسوي أكّد أنّه بناءً على ما أصدرته الحكومة ومستشار الملك، فان المعارضة سترسل «تساؤلاً الى اللجنة ان كانت قد سمحت للسلطة بالاطلاع على التقرير قبل صدوره». وقبل يومين من إعلان اللجنة تقريرها، استبقها مجلس الوزراء ليؤكّد أن تقريرها «يعكس التزام جلالته بالوقوف على حقيقة وقائع الأحداث المؤسفة، بما في ذلك تسليط الضوء على أية اجراءات خاطئة لبعض الأجهزة الحكومية». وأشاد بـ«الأمر الملكي الذي منح اللجنة كامل الصلاحية لتحقيق أهدافها بتقصي الحقيقة»، وقال إن «الحكومة قد فتحت أبوابها للجنة لممارسة مهامها بكل حرية وقدمت المعلومات المطلوبة بشفافية تامة».
وأشار الى أن الحكومة قامت من جانبها بـ«اجراء تحقيقاتها الخاصة وكشفت عن أمور تستحق الاشادة والتقدير، بالاضافة الى أمور أخرى تبعث على الأسف»، وتم على أثر هذه التحقيقات «تحويل 20 من رجال الأمن المتورطين الى القضاء». وقالت إنه «من المتوقع أن يتضمن التقرير انتقاداً» للممارسات السيئة من قبل الحكومة، وإن «جميع المخالفين سيكونون مسؤولين عما ارتكبوه من مخالفات».
وعرضت لخطوات اتخذتها الحكومة للحد من الانتهاكات ومعالجة ما خلفته الأحداث، عبر تأسيس صندوق للمتضررين، وإطلاق حوار وطني، وتعديل قوانين. وختم بيان الحكومة بالقول إنه يتطلع لصدور «تقييم مستقل ونزيه حول الاحداث. وهذا هو المطلوب بالنسبة للحكومة لتقييم أدائها والاستفادة من أخطائها».
فحوى البيان وتفاصيل أخرى انما تُشير الى رضى حكومي عن أداء اللجنة، التي تعرّضت للكثير من الانتقادات من قبل المتظاهرين، وتعرض مكتبها مرّة للاعتداء، وروى بعض الضحايا عن «مقدار تعاطف بسيوني واعجابه بالملك وحماسته في الدفاع عنه». كذلك سرت تسريبات أخيرة عن نوايا لدى الحكومة لتعيين بسيوني مستشاراً لها. رغم ذلك، رفض النائب الوفاقي طرح شكوك حول عمل اللجنة قبل الاطلاع على التقرير. لكنّه أشار الى أنّ البيان الأخير الصادر عن رئاسة الحكومة، إضافة الى تقرير مستشار الملك قبل أيام أثار لدى المعارضة تساؤلات حول «ان كانت اللجنة قد أطلعت السلطة على التقرير كي تبدي هذه الثقة؟».
وأكّد أنهم كمعارضة، سيرفعون كتاباً رسمياً الى اللجنة يطرحون فيه تساؤلاً عما إذا كانت الحكومة قد اطلعت على تقريرها قبل صدوره، لأنه لا يحق لها قانونياً أن تقدم على ذلك، ان كانت قد فعلت. وأضاف أن التصريح الحكومي يكشف عن أنّ هناك «كماً ضئيلاً من الأفراد العسكريين الذين تعرضوا للمساءلة. اذ لفت الى انه جرى التحقيق مع 20 عسكرياً، في حين لدينا 800 حالة اعتداء موثقة».
وفي الوقت نفسه، رفض موسوي إعطاء أي تكهنات مسبقة حول التقرير مفضلاً التريث، وقال إن بسيوني يتمتع بصدقية دولية عالية، مع أن البعض يأخذ عليه إطراءه للملك، وأشار الى أن التقرير سيصدر عن لجنة مؤلفة من 5 أعضاء، وليس فقط عن بسيوني، وبالتالي فإن صدور تقييمها بما يخالف الواقع سيضعها في موقف محرج دولياً، لا سيما أنّ الانتهاكات تجري على مرآى من عينها.
وقال موسوي إنّ اللجنة حاولت أن تلعب دوراً لتخفيف الاحتقان، لكن السلطة أوقفتها وطلبت منها التزام عملها بتقصي الحقائق فقط، مشيراً بهذا الإطار الى دورها في اطلاق سراح الأطباء ومتابعة قضايا التعذيب وتسجيل بلاغات استشهاد مواطنين.
وعن صدور التقرير على وقع تواصل التظاهرات والاشتباكات والانتهاكات، قال موسوي «ربما في صالحنا أن تكون اللجنة موجودة في ظل استمرار الانتهاكات لأنها تراها بأم عينها». وحول فحوى التقرير، توقع أن يكون هناك ذكر وزراء «ولا اتوقع أكثر من ذلك الا إذا رأيت بأم عيني»، وإذا كان التقرير سيذكر المشير الركن خالد بن خليفة لكونه قائد الحملة الأمنية التي قمعت التظاهرات، قال إنه «لا يعرف».
لكن موسوي لفت الى أنّ وتيرة الحملة الأمنية لم تهدأ رغم بدء اللجنة عملها، وقال إن ذلك، باعتقاده، له مغزى «لا يريدون أن تتغير طريقة العنف عما كانت عليه في آذار، لأنهم يريدون القول إن الاستمرار بما يجري هو أمر عادي. لا يريدون أن يُستهدف البطل (المشير)».